المستقبل: فضيحة الشتوة الأولى في مهبّ ألكسا

كتبت “المستقبل ” تقول: لا صوت يعلو فوق صوت العاصفة. هكذا كانت حال اللبنانيين أمس وسوف يستمرّون خلال الأيام المقبلة في أخذ الحيطة والحذر للتحسّب من ذيول العاصفة القطبية “ألكسا” التي حلّت ضيفاً ثقيلاً بأمطارها الغزيرة على السواحل وثلوجها على قمم الجبال. غير أنّ فضيحة الشتوة الأولى التي أغرقت سيولها المواطنين وتركتهم فريسة الإهمال وتقاذف المسؤوليات بين وزارَتي الاشغال العامة والمالية، تطوّرت أمس من الناحيتين القضائية والنيابية بعدما فاقمت المخاوف من ذيول “ألكسا”.
قضائياً، طلب النائب العام المالي القاضي الدكتور علي ابراهيم إيداعه نسخة عن المؤتمر الصحافي الذي عقده وزير الأشغال غازي العريضي وردّ وزير المالية محمد الصفدي، ليصار في ضوء تفريغهما إلى إجراء ما يلزم. أمّا نيابياً فقد أعلن عضو كتلة “المستقبل” النائب محمد الحجار عضو لجنة الاشغال النيابية، أنّ “اللجنة لن تسكت عمّا جرى وسيكون لها في هذا الشأن موقف في الأسبوع المقبل” لافتاً إلى أنّ اللجنة ستجتمع قريباً “لتقرّر ما ستتخذه في هذا الموضوع”، داعياً النيابات العامة إلى “التحرّك للتحقيق في هذه الفضائح واعتبارها بمثابة إخبار”.

إلى ذلك، وبعدما كثرت المحاولات “الإعلامية” للترويج لاحتمال تعويم حكومة تصريف الأعمال كحلّ لعقدة تشكيل الحكومة العتيدة التي يضعها “حزب الله” وأعوانه أمام الرئيس المكلّف تمام سلام، كان لافتاً أنّ عاصفة تراشق تهم الفساد بين العريضي والصفدي التي سبقت العاصفة “ألكسا” قوّضت جميع محاولات تعويم الحكومة المستقيلة وهو ما أكّده رئيس كتلة “المستقبل” الرئيس فؤاد السنيورة حيث أعلن أنّ مثل هذه الخطوة غير دستورية و”لا أحد يحيي الأموات إلاّ ربّ العالمين”، وهذا في الاساس هو الموقف الذي عبّر عنه رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان أول من أمس في حديثه أمام أعضاء مجلس نقابة الصحافة.

على الجبهة القضائية الدولية، أعلنت المحكمة الدولية الخاصة بلبنان في بيان أنّ “موعد بدء المحاكمة في قضية عياش وآخرين (جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري) هو يوم الخميس الموافق 16 كانون الثاني 2014، وأنّ هذا القرار اتخذ بعد التشاور في القضية أثناء الجلسة العلنية الأخيرة لغرفة الدرجة الأولى”.

ويأتي هذا التطوّر بعد وقت قصير من إعلان وزير الخارجية البريطاني ويليام هيغ أمام مجلس العموم أمس، عزم حكومة بلاده التبرّع بمبلغ مليون جنيه استرليني لدعم عمل المحكمة الدولية، مشدّداً على أنّ هذه “المساهمة للمحكمة الدولية الخاصة بلبنان هي مؤشّر على دعمنا الثابت لجهودها الرامية للقضاء على الحصانة في الاغتيالات السياسية في لبنان”، مؤكداً أنّ “المسؤولين عن ارتكاب أكبر الجرائم سوف يحاسَبون على ما فعلوا”.

“ألكسا”
ووصلت العاصفة القطبية “ألكسا” إلى لبنان مساء أمس بمطرها على السواحل وثلوجها على الجبال. وفي حين كسى الأبيض القمم وقطع الطرقات وغطّى طريق المديرج ضهر البيدر، ومعظم المناطق التي يزيد ارتفاعها على الألف متر، يتوقع أن يشتدّ تساقط الثلوج ليصل إلى 500 متر اليوم وفقاً لما أعلنته دائرة الأرصاد الجوية في مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت.
واللافت في العاصفة القطبية أنّ صقيعها سبقها، فانخفضت الحرارة لتصل إلى ما دون الصفر في المرتفعات، كما سبقها استعداد اللبنانيين في كل المناطق، والنازحين السوريين في مخيمات لم تحظ بالتجهيزات اللازمة، ما يضيف همّ الطبيعة إلى هموم شعب هجّره نظام القتل الكيماوي في دمشق.

وتحسباً للأسوأ، أعلنت وزارة التربية إقفال جميع المدارس والثانويات الرسمية والخاصة اليوم، في ظلّ إرشادات من مراكز الأبحاث والعلوم الزراعية، والأرصاد الجوية، والأمن الداخلي، والدفاع المدني إلى المواطنين، لتحاشي مفاعيل العاصفة وبخاصة ثلوجها وجليدها على المرتفعات.

السنيورة
واستنكر الرئيس السنيورة عقب لقائه مع وفد من نواب الكتلة متروبوليت بيروت للروم الارثوذكس المطران الياس عودة في مقرّه في الأشرفية “كل عمل يؤدّي إلى المسّ بحرمة أماكن العبادة”، معتبراً أنّ مَن يقوم بهذه الاعتداءات “إمّا موتورون وإمّا على الأرجح مضلّلون، وقسم كبير يبدو أنّه مدسوس للقيام بها”، وذلك في إشارة إلى ما شهدته مدينة معلولا السورية التاريخية واختطاف الراهبات، إلى جانب خطف المطرانَين بولس اليازجي ويوحنا ابراهيم.

وشدّد السنيورة على “ضرورة السعي الحثيث إلى تأليف حكومة فاعلة من غير الحزبيين تتولى شؤون اللبنانيين بسرعة فائقة، وتسهل الاستحقاق الدستوري”، مشيراً إلى أنّ “حكومة تصريف الأعمال لا تستطيع أن تقوم بحسب الدستور بأكثر ممّا تقوم به من تصريف الأمور في الحد الضيّق”، مناشداً رئيس الجمهورية والرئيس المكلّف “المسارعة إلى تأليف حكومة حسبما نرى أنّه يخدم المصلحة العامة، حكومة تستطيع أن تتعامل مع الأوضاع”. ووصف تعويم الحكومة بأنها “قضية غير دستورية وغير مقبولة”، مؤكداً أن “لا أحد يستطيع إحياء الأموات إلاّ ربّ العالمين”.

“المستقبل”
من جهتها، أكدت كتلة “المستقبل” أنّ “الضرر والخراب الذي تتسبّب به الحكومة الحالية أصبح كبيراً جداً، وهي غير قابلة لإعادة التعويم دستورياً”، معتبرة أنّ “المخرج الممكن لوقف التدهور والبدء بإخراج البلاد من مشكلاتها يكون بتشكيل حكومة من غير الحزبيين، لتولي زمام الأمور الوطنية قبل فوات الأوان”.
وتلا النائب جمال الجراح بيان الكتلة بعد اجتماعها الدوري في بيت الوسط برئاسة السنيورة، طالب فيه القضاء بـ”التحرّك للتحقيق بما صدر عن الوزراء المتشاتمين من اتهامات متبادلة للوقوف على حقيقة ما جرى ويجري في البلاد والوزارات والمؤسسات”.
ونوّهت الكتلة بالمراحل التي قطعها الجيش والأجهزة الأمنية في تنفيذ الخطة الأمنية في طرابلس، مشدّدة على “ضرورة متابعة تنفيذ هذه الخطة بحزم وعدل وبضرورة تنفيذ الاستنابات القضائية بحق المتهمين بجريمة تفجير مسجدَي “التقوى” و”السلام” في المدينة ومن دون أي تأخير”. وأثنت على “خطوة اعتذار إعلام حزب الله من دولة البحرين الشقيقة عن الحملة المبرمجة التي شنّها هذا الإعلام زوراً ضدّها”، آملة في “أن يتوسّع هذا الاعتذار ليشمل بداية الشعب اللبناني عمّا ارتكبه هذا الحزب وإعلامه بحقه في 7 أيار وفي يوم القمصان السود”.

سلام
إلى ذلك، وعلى الرغم من دخوله في الشهر التاسع على تكليفه تأليف الحكومة، يتابع الرئيس المكلف تمام سلام لقاءاته واتصالاته بهدف الوصول إلى حلول لتشكيل حكومة ترضي جميع الأطراف.
ونقل زوّار سلام عنه أنّ الأجواء الراهنة تشير إلى أنّه “كلّما اقترب موعد استحقاق الانتخابات الرئاسية، زادت مهمّته صعوبة”.

السابق
الديار: حولوا العاصفة إلى رعب للمواطنين بدلاً من استقبال الثلوج البيضاء بفرح
التالي
اللواء: مخاوف من فيضان نهري بيروت والغدير وقباني يؤكد الإجراءات غير مطمئنة