اللواء: مخاوف من فيضان نهري بيروت والغدير وقباني يؤكد الإجراءات غير مطمئنة

كتبت “اللواء ” تقول : “إلكسا” بيننا..
لا شيء يشبه اللبنانيين منذ ما بعد ظهر امس، سوى اخبار العاصفة الثلجية – الماطرة الآتية من روسيا باسم “إلكسا” عبر تركيا، لتحمل اسم “يورغو” من سلسلة جبال لبنان الشرقية، بقاعاً، الى المياه الاقليمية وشواطئ البحر الابيض المتوسط غرباً وشمالاً، وصولاً الى الجنوب.

من المفترض ان كل الاستعدادات اتخذت: مؤسسات وزارة الداخلية (دفاع مدني وقوى امن داخلي) والبلديات، من بيروت الى آخر قرية في البقاع والشمال والجنوب، اعلنت انها اتخذت كل الاستعدادات لمنع العاصفة الآتية من القطب الروسي من ان تلحق خسائر اضافية باللبنانيين المنكوبين بالفراغ، والمآزق السياسية والمالية المتلاحقة فضلاً عن المفاسد والفضائح.
حتى ان وحدات وزارة الدفاع وضعت بقدر ما تسمح امكانياتها في حالة طوارئ لانقاذ المواطنين، عبر الطوافات، او التدخل لفتح الطرقات، لا سيما التي تربط المحافظات مع العاصمة، خاصة طريق ضهر البيدر الذي كان لا يزال مفتوحاً بعد اقفال طريق ترشيش – زحلة.
ومع ان شركات الصيانة تعهدت باستنفار طاقاتها للحؤول دون تكرار ما حدث عند نفق المطار في الشتوة الاولى قبل ايام، فإن رئيس لجنة الاشغال النيابية النائب محمد قباني اكد لـ”اللواء” مساء امس، ان الاجراءات التي اتخذت لتفادي تكرار ما حصل، ولا سيما بالنسبة لنهري الغدير وبيروت قد لا تكفي للاطمئنان.
وبصرف النظر عن التبريرات المتعلقة بغياب الاطمئنان او الاجراءات التي توحي بالثقة، فإن فضيحة نفق المطار والكشف الهندسي على مسارب المياه ومجاري نهري الغدير وبيروت فضحت الحالة التي يرثى لها التي تعاني منها البنية التحتية لطرقات العاصمة ومصبات المياه المتدفقة بغزارة الامطار.

ومن مراجعة الاجراءات التي اتخذت يتبين ان لا تدابير باقفال مطار بيروت الدولي، ولا اقفال للجامعات العاملة علىالاراضي اللبنانية، بل اقتصر على قرار وزير التربية والتعليم العالي حسان دياب باقفال الثانويات والمدارس الرسمية والخاصة ليوم الاربعاء، على ان يتخذ الموقف يوماً بيوم، وفقاً لما ابلغه الوزير دياب لـ”اللواء”.
وطلب وزير الصحة علي حسن خليل من دور الحضانة الاقفال اليوم، نظراً للاحوال المناخية الناجمة عن العاصفة، فيما لم يصدر عن رئيس الجامعة اللبنانية الدكتور عدنان السيد حسين حتى ساعة متأخرة من ليل امس اي قرار مماثل بل تأكيد على ان الاربعاء هو يوم دراسة عادي في الكليات ووحدات الجامعة.

العاصفة على الارض
ومنذ بعد ظهر امس، بدأت الثلوج تتساقط على ارتفاع 1300 متر، واقفلت طريق عيون السيمان – حدث بعلبك، وطريق ترشيش – زحلة، ووصلت درجة الحرارة الى 3 تحت الصفر.
وعممت شعبة العلاقات العامة في قوى الامن الداخلي تقارير دورية (كل ساعة) عن حالة الطرقات ليوم امس، اشارت فيه الى ان الطقس الغائم ضرب العاصمة وكل لبنان، لكن الرؤية تبدلت بين منطقة ومنطقة وكذلك حالة الطرقات.

وأشار التقرير الذي صدر ما قبل منتصف الليل إلى أن الطرقات التي قطعت تمثلت في عيون السيمان – حدث بعلبك وترشيش – زحلة وعيناتا – الأرز، وطريق اللقلوق وجرد الهرمل – مرجين. وأفاد التقرير أن الطقس في الجنوب كان جيداً والرؤية حسنة وجميع الطرقات سالكة.

ووصفت مصلحة الأرصاد الجوية في المديرية العامة للطيران المدني الطقس في الأيام المقبلة بأنه يخضع لمنخفض جوي مصحوب بكتل هوائية باردة وأمطار غزيرة وعواصف رعدية وثلوج على المرتفعات يؤثر على الحوض الشرقي للمتوسط.
وحذرت النشرة الجوية المواطنين من غزارة الأمطار والسيول وانجراف التربة وارتفاع موج البحر إلى ما يقرب من خمسة أمتار أو ستة.

“مَنْ جرّب المجرّب”
اتخذت الدولة كل الاجراءات سواء على صعيد توعية المواطن، أو إرشاده إلى ما يمكن أن يفعله لمواجهة العاصفة، وتحركت البلديات بما لديها من إمكانيات، وأعطى المدير العام لقوى الأمن الداخلي بالوكالة العميد ابراهيم بصبوص التعليمات بالاستنفار لكن المواطن الذي يتصرف إزاء قساوة العاصفة وثلوجها وبردها وعواصفها على طريقة “من جرّب المجرّب كان عقله مخرّب”، وهو الأمر الذي دفع النائب قباني الى التأكيد لـ “اللواء” بأن “الاجراءات التي اتخذت قد لا تكفي للاطمئنان”.

وبطبيعة الحال، فإن الأمر بالنهاية يعود إلى الأحوال الجوية، والى قساوة العاصفة وشدتها، علماً أن المدير العام لمصلحة الأبحاث العلمية الزراعية ميشال افرام قد أكد في أكثر من محطة إعلامية له، بأن العاصفة “ألكسا” قد لا تختلف كثيراً عن الأحوال الجوية التي شهدها لبنان في العام الماضي، حيث بلغت نسبة هطول الأمطار معدلات مرتفعة، وأدت الحوادث التي حصلت خلال فصل الشتاء من العام الماضي إلى وفاة 16 شخصاًَ وإصابة عشرة آخرين بحالات اختناق، بحسب بيان قوى الأمن الذي حذر من حوادث الوفيات الناجمة عن التفحم داخل المنازل جراء التدفئة على الفحم أو من خلال تسرب مادة الغاز.
وكان النائب قباني قد رأس أمس جلسة للجنة الأشغال العامة والنقل والطاقة، بحثت خلالها بموضوع الصيانة على الطرق والمباني والانشاءات ومجاري الأنهر في ضوء فضيحة التراشق بالاتهامات بين الوزيرين غازي العريضي ومحمد الصفدي واتخذت اللجنة توصية من ثلاثة بنود:
1- إعداد عقود الصيانة منذ شباط وآذار من كل عام، وليس خلال فصل الصيف كي يمكن المباشرة في العمل في مطلع شهر ايلول، وهذا الامر يجب الا يتم في تموز وآب.
2 – ان تكون عقود الصيانة لمدة 4 او 5 سنوات من اجل الفعالية حتى لا نقع كل سنة في المشكلة نفسها، وحتى يستطيع المقاول ان يشتري المعدات الضرورية التي قد لا يشتريها اذا كان العقد لمدة سنة واحدة.
3 – الطلب من هيئة التفتيش المركزي لاجراء التفتيش للتحقيق بالتواريخ وبالتالي المستندات والمسؤوليات حول المعلومات التي قدمتها كل من وزارتي الاشغال والمالية، وايداع المجلس النيابي النتيجة خلال شهر واحد، علما ان النيابة العامة المالية قد باشرت ايضا عملها بمبادرة منها في هذا الاتجاه.

وكشف قباني لـ “اللواء” عن اتجاه مجلس الانماء والاعمار الى تكليف “ادارة الهندسة” اعتبارا من يوم الجمعة لاعداد دراسة بالحلول الممكنة لنهر الغدير، للحيلولة دون تكرار فيضانه، مثلما حصل يوم الاربعاء الماضي، كذلك اتفق على الطلب من بلدية بيروت ان تنسق مع وزارتي الطاقة والاشغال للعمل على معالجة موضوع مصب نهر بيروت والذي يعاني وضعاً مشابهاً للغدير، عند منطقة الكرنتينا.

وألمح قباني الى ان احتمال طوفان نهر الغدير قائم، وكذلك نهر بيروت، اذا لم يتم استعجال التدابير الضرورية والتي عمليا لم يتم اي شيء منها، سوى عمليات تنظيف، بما يجعل امكان غرق نفق المطار مجددا احتمالا واردا، بحسب نسبة الامطار التي ستهطل.
والى هذا التخوف، طمأنت مؤسسة كهرباء لبنان الى تأمين التيار الكهربائي بعد فتح الاعتمادات وتفريغ البواخر، مشيرة الى انها باشرت ايضا بوضع وحدات الاحتياط في معمل بعلبك في الخدمة لهدف تأمين ساعات تغذية اضافية للمواطنين خلال العاصفة، وانها اتخذت كل الاجراءات والاحتياطات والتدابير اللازمة لمواجهة هذه العاصفة، والبقاء في جهوزية تامة لتصليح اي عطل قد يطرأ على شبكتي التوتر المتوسط والمنخفض.
وبالتزامن اعلنت وزارة الشؤون الاجتماعية انها بدأت بالتعاون مع الجيش وفرق مفوضية الامم المتحدة لشؤون اللاجئين بتوزيع وتوفير المساعدات الضرورية اللازمة على 24 مخيماً عشوائيا للنازحين السوريين معظمها في البقاع، وهي الاكثر عرضة للمخاطر في هذه العاصفة.
وشملت المساعدات المواد اللازمة لتحصين الخيم ضد الامطار ومياه السيول، بالاضافة الى نفقات شهرية لتأمين مواد التدفئة.
اما وضع مطار بيروت فبقي على حاله، واعلنت مديرية الطيران المدني ان اي تعديل في مواعيد اقلاع وهبوط الطائرات من والى المطار، يصدر بموجب بيان عن هذه المديرية فقط وبحسب المقتضيات التي تتطلبها سلامة الملاحة الجوية التي ظلت تسير في شكل طبيعي وعادي، ولم تتأثر بالعاصفة “الكسا” حتى الآن.

السابق
المستقبل: فضيحة الشتوة الأولى في مهبّ ألكسا
التالي
الشرق: اليكسا تأتي بالجنرال الابيض وتقفل المدارس