الشرق الأوسط: سجال قانوني وسياسي حول دعوات لاجتماع مجلس الوزراء

كتبت “الشرق الأوسط ” تقول:  يأخذ سجال “تعويم” الحكومة اللبنانية المستقيلة أو إعادة استئناف عقد جلسات مجلس الوزراء، حيزا كبيرا من المواقف السياسية والقانونية في لبنان، لا سيما في ظل القضايا الاجتماعية والاقتصادية التي يعد البعض أنها تحمل صفة “الضرورية” وتتطلب تحركا حكوميا عاجلا، وكذلك اعتراف رئيس الحكومة المكلف تمام سلام بأن مهمته أصبحت صعبة ومعقدة، والأمور ستتعثر أكثر كلما اقترب موعد الاستحقاق الرئاسي.

وأتت المعركة الوزارية بين وزيري المال والأشغال العامة في حكومة تصريف الأعمال على خلفية تبادل الاتهامات بشأن الجهة المسؤولة عن أزمة السير الخانقة والفيضانات التي اجتاحت العاصمة بيروت وبعض المناطق الأسبوع الماضي بسبب غزارة الأمطار، لتزيد من حدة المطالبة بضرورة تفعيل الحكومة وتصريف أعمال الناس المتوقفة. وطلب أمس، النائب العام المالي القاضي علي إبراهيم إيداعه نسخة عن المؤتمر الصحافي الذي عقده كل من العريضي والصفدي، وتبادل الاتهامات فيما بينهما، ليصار إلى إجراء ما يلزم.
وكان رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي أول من طرح فكرة استئناف جلسات مجلس الوزراء بعدما قال إنه تبين له أن لا موانع قانونية أو دستورية تحول دون عقد جلسة محددة بجدول أعمال يتسم بطابع الضرورة، ويناقش الموضوعات الأكثر إلحاحا، من دون أن يستبعد إمكانية بحث ملف النفط، ليأتيه الجواب بسرعة من رئيس الجمهورية ميشال سليمان بأنه لا موجب لعقد جلسة حكومية.

وفي وقت طالبت فيه كتلة النائب ميشال عون بعقد جلسة لبحث ملف النفط، لا يزال الرئيس سليمان متمسكا بموقفه قاطعا الطريق أمام هذه الجلسة رافضا انعقادها ومستندا في ذلك على قرار مجلس الشورى الذي لا يجوز لهذه الحكومة أن تقرر بشأنه. كذلك، ترفض قوى “14 آذار”، “تعويم الحكومة” جملة وتفصيلا، وهذا ما عبر عنه أمس رئيس كتلة المستقبل، رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة، رافضا عقد جلسات للوزراء ومناشدا الرئيس سليمان ورئيس الحكومة المكلف تمام سلام المسارعة إلى تشكيل حكومة لا تضم حزبيين لكي تتولى شؤون اللبنانيين على أن يجري بحث الخلافات السياسية في هيئة الحوار، عادا أن تشكيل الحكومة الجديدة يسهل عملية انتخاب رئيس جديد.

وفي هذا الإطار، نفى وزير الاقتصاد والتجارة في حكومة تصريف الأعمال نقولا نحاس أن يكون هناك سجالا بين الرئيسين سليمان وميقاتي، مؤكدا أن التواصل والحوار بينهما مستمر، لافتا في تصريح لـ”الشرق الأوسط” إلى أن دعوة ميقاتي لعقد جلسة حكومة أتت انطلاقا من ضرورة إيجاد حلول لبعض الأمور المهمة المرشحة للمزيد من التعقيد، مشددا على أن الهدف من هذه الدعوة ليس “تعويم” الحكومة، بل البحث في قضايا ضرورية متعلقة بالناس وأهمها أزمة النازحين والوضع الأمني في طرابلس.

وأكد نحاس أن القرار المناسب في هذا الشأن وفي تحديد صفة “الضرورة” لبعض المواضيع وبالتالي عقد جلسة حكومية، يتخذ بالتشاور بين الرئيسين، وهذا ما سيحصل بعد عودة ميقاتي إلى لبنان من جوهانسبورغ، حيث يشارك في جنازة رئيس جنوب أفريقيا الأسبق نيلسون مانديلا.

وفي قراءة قانونية لاستئناف جلسات الحكومة، قال النائب السابق والخبير القانوني، صلاح حنين “إنه لا معنى دستوريا لتعويم حكومة تصريف الأعمال لأن هذه الحكومة تصرف الأعمال بالمعنى الضيق، ولا يمكنها العودة عن استقالتها، وعلى الرئيس الجديد المكلف إما التأليف أو الاعتذار ليصار إلى تسمية رئيس حكومة آخر”. ووفقا للدستور، فإن مهام الرئاسة الأولى مناطة بالوكالة بمجلس الوزراء في حال فراغ سدة الرئاسة، بحسب حنين، مشيرا إلى أنه في حال وجود حكومة تصريف الأعمال، سواء أكانت مستقيلة أو أنها لم تنل ثقة المجلس النيابي، فإن هاتين الحكومتين تناط بهما صلاحيات رئاسة الجمهورية إلى حد صلاحيات تصريف الأعمال، في حين أن الحكومة الفاعلة تتولى المهام كاملة، ولكن في حال شكل الرئيس تمام سلام حكومة، فإن هذه الحكومة تتحول إلى تصريف الأعمال وهي التي تتسلم الحكم بالوكالة.

وفي حين عد وزير الدولة في حكومة تصريف الأعمال مروان خير الدين، أن “انعقاد جلسة لمجلس الوزراء يحددها الناس الذين تنبثق عنهم كل السلطات في لبنان، وبغض النظر عن النقاش الدستوري الدائر حول إمكانية انعقاد الجلسة أو عدمها، فإن مطلب الناس هو تيسير أمورهم وقضاياهم وهمومهم التي تتطلب أن تدور عجلة الدولة بكل فروعها”، أوضح وزير الدولة في حكومة تصريف الأعمال علي قانصو أنه “في الدستور ليس هناك حكومة تصريف أعمال، إنما حكومة مستقيلة ولأنها مستقيلة من صلاحياتها تصرف الأعمال بحدود ضيقة”.

السابق
البلد: ألكسا في ديارنا وتأهّب رسمي غير مسبوق
التالي
الحياة: القضاء المالي يتحرك في اتهامات بالفساد