النهار: الحكومة المستقيلة تتداعى تحت وطأة الفضائح

كتبت “النهار ” تقول: وقت كان لبنان يتحضر للعاصفة الثلجية “الكسا” المتوقع ان تضربه ابتداء من مساء اليوم هبت عليه امس عاصفة سياسية – وزارية قلما شهد مثيلا لها في تجارب الحكومات المتعاقبة. واذا كان فريق 14 آذار فرك يديه اغتباطا بتفجير الاتجاه الى تعويم حكومة تصريف الاعمال على ايدي اطراف في الحكومة دون عناء منه لمواجهة هذا الاتجاه، فان ما شهدته المواجهة العلنية بين وزيرين في الحكومة من جهة واتهام وزير ثالث لرئيس الحكومة المستقيلة بخدمة مصالح فريق 14 آذار من جهة اخرى كانا التطورين الكفيلين وحدهما بتقويض التعويم. اما رصاصة الرحمة التي وجهت الى الاتجاه التعويمي، فجاءت من رئيس الجمهورية ميشال سليمان الذي قطع الطريق على امكان عقد جلسة لمجلس الوزراء الا في حال استثنائية لا تقل عن اعلان حال الطوارئ .
اذاً، بعد ايام قليلة من دخول ازمة تشكيل الحكومة الجديدة شهرها التاسع، تعرضت حكومة تصريف الاعمال التي بدأ بعض اطراف 8 آذار ترويج الفتاوى في شأن استمرارها الى موعد الاستحقاق الرئاسي وما بعده في حال حصول فراغ رئاسي، لأقوى هزة ارتدادية من داخلها عكست تفشي الاهتراء الذي بلغه وضع معظم الوزارات والادارات. وجاء انفجار الملفات الفضائحية مدويا عبر المؤتمر الصحافي الذي عقده وزير الاشغال العامة غازي العريضي ورد وزير المال محمد الصفدي عليه على خلفية انفجار الخلاف في شأن كارثة السيول التي تسببت الاسبوع الماضي بسد نفق المطار.

العريضي – الصفدي
ذلك ان العريضي حوّل مؤتمره الصحافي الذي اعتذر فيه من المواطنين عما حصل الاربعاء الماضي، مضبطة اتهام واسعة النطاق لوزير المال وخصوصا في مجموعة ملفات، ذاهبا الى اتهامه بربط صرف مخصصات وزارة الاشغال بتمرير مخالفات ارتكبها الصفدي ورفض العريضي توقيعها وعدّد منها بناء ميناء من دون ترخيص على الاملاك العامة البحرية ومشروع “الزيتونة باي”. كما فجّر العريضي قنبلة اخرى في شأن تلزيم اعمال صيانة المطار والتي تشمل تنظيف النفق، معلنا ان عقد شركة “الميز” جُدّد من دون مناقصة طوال خمس سنوات وحمل الشركة مسؤولية عدم تنظيف النفق.
وسارع الصفدي الى الرد مدرجا كلام العريضي في اطار “حملة سياسية علي ولتبرير نفسه وتقصيره”، وقال: “أمنّا للوزير العريضي كل ما يطلبه في شأن مجاري المياه، لكنه قدم ملفاته الى ديوان المحاسبة في تشرين الاول وبقيت لدى الديوان نحو شهرين وتسلمت موافقة الديوان في 6 من الجاري وارسلتها الى مكتب الوزير العريضي مباشرة لتسريع الامور”.
ورد على اتهامات العريضي له في موضوع المخالفات العائدة الى املاكه، داعيا الى تاليف لجنة من التفتيش المركزي او القضاة او السياسيين ووسائل الاعلام، مؤكدا ان “بيتي موجود وكله مرخص وقانوني”. واضاف: “ليتوجهوا ايضا الى بيصور. هناك رجال اعمال دخلوا السياسة لخدمة بلادهم وهناك اشخاص دخلوا السياسة لخدمة امورهم الشخصية واصبحوا يملكون قصورا”. ووصف كلام العريضي عن المخالفة في مشروع “زيتونة باي” بانه “كذب فانا املك حصة صغيرة لا تتخطى الـ12 في المئة والبقية مساهمون من جميع انحاء العالم”.
في غضون ذلك، اتهم وزير الطاقة جبران باسيل رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي بانه “يهتم بمصالح تيار المستقبل وينفذ رغباته بالكامل”، موضحا انه لن يطالب بعد اليوم رئيسي الجمهورية والحكومة بادراج ملف النفط على جدول أعمال جلسة لمجلس الوزراء “بل نتوجه الى تيار المستقبل وضميره الوطني”.

سليمان ومجلس الوزراء
اما في موضوع انعقاد مجلس الوزراء، فجاء كلام الرئيس سليمان امام وفد نقابة الصحافة امس بمثابة وضع حد للجدل الذي اثاره هذا الاتجاه بعد تأكيد الرئيس ميقاتي ان مشاورات جارية في صدده. واذ أفاد سليمان ان ميقاتي لم يفاتحه إطلاقاً في هذا الموضوع وانه قرأ عنه في الصحف اعلن ان “لا حاجة الى عقد جلسة لمجلس الوزراء الا في حال طلب قائد الجيش او وزير الدفاع امرا يستلزم عقد جلسة مثل اعلان حال الطوارئ”. كما اشار في ملف النفط الى قرار مجلس الشورى الذي لم يجز للحكومة المستقيلة ان تقرر فيه.
14 آذار
وقالت مصادر في قوى 14 آذار لـ”النهار” ان ما صدر من مواقف امس عن الرئيس سليمان وانفجار الخلاف بين الوزيرين العريضي والصفدي وما أطلقه الوزير باسيل من مواقف من عين التينة “يؤكد ان فكرة تعويم الحكومة قد دفنت وان مثل هذا التعويم يشبه إحياء العظام وهي رميم، علما ان هناك موانع دستورية وقانونية تمنع مثل هذا التعويم”. وشددت على قيام حكومة جديدة يعود أمر تشكيلها فقط الى رئيس الجمهورية والرئيس المكلّف، موضحة “ان الحكومة المطلوبة هي حكومة حيادية لا تستفز احدا باعتبار ان قيام حكومة وطنية جامعة مشروط بانسحاب “حزب الله” من سوريا”.

قضاء
وفي السياق نفسه، حدد مرجع قضائي سابق لـ”النهار” ثلاثة مواقع لملاحقة ما ورد في الاتهامات المتبادلة بين الوزيرين العريضي والصفدي وهي:
1 – مجلس الوزراء الذي له صلاحية تعقب الامور ذات الصلة بمصالح المواطنين وفق النصوص الدستورية والقانونية من اجل تحقيق الصالح العام.
2 – التفتيش المالي الذي يجب ان يتحرك اذا كانت هناك وقائع محددة لكن دوره ينحصر في التحقيق في الادارات العامة المعنية ولا صلاحية له على الوزراء، فاذا ما تبين ان هناك اهمالا او تصرفا ملتبسا من هذه الادارات وضع يده على القضية.
3 – مجلس النواب الذي له دور اشتراعي ودور الرقابة على عمل الحكومة، ويحق له انشاء لجان تحقيق في السجالات المالية والسياسية من اجل السؤال عن المواضيع المثارة وبالتالي سؤال الوزارات المعنية واستدعاء الوزراء لتقصي الحقائق وصولا الى المحاسبة عبر مرجعية محاكمة الرؤساء والوزراء وذلك وفقا للمادة 80 من الدستور المتعلقة بانشاء المجلس الاعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء.

وقال مصدر قانوني لـ”النهار” ان ما أثير من تراشق يتصل بأمور يقتضي التحقيق فيها امام القضاء. وللنيابة العامة ان تتحرك تلقائيا لطلب مضمون الاتهامات تمهيدا لجلاء الامور.

السابق
المرصد: كتيبة نظامية هي التي استخدمت الكيماوي في الغوطة
التالي
السفير: دولة الفضائح الكل يتهم الكل .. ولا محاسبة