المعارضة التائهة

نذهب الى جنيف او لا نذهب؟ أيهما أفضل المشاركة في المؤتمر أم مقاطعته؟ اذا شاركنا فعلى أي مستوى تكون المشاركة وبأي شروط؟ اذا كانت مشاركة النظام على مستوى رئيس الوزراء، من يكون رئيس وفد المعارضة ومن يضم الوفد؟ هل نشارك على مستوى الصف الاول ام نكتفي بوفد من الصف الثاني؟ هل ينبغي ان يكون في عداده ضابط كبير في “الجيش السوري الحر” أم من الافضل قصر المشاركة على السياسيين؟
هذا نزر يسير من سيل الاسئلة التي كان يتداولها قادة كبار من المعارضة السورية ضمن حلقة ضيقة من المشاركين في مؤتمر دولي انعقد في عاصمة عربية .
حتى هذه اللحظة يغرق وجهاء “الائتلاف “و”المجلس الوطني” في دوامة “جنيف – 2″، لا يعرفون ماذا ينتظرهم هناك، ومن سيشكل “حمايتهم”، ومن هو صديقهم في المؤتمر ومن هو الخصم. يخشون الالغام والفخاخ والأشراك التي قد تنصب لهم قبل المؤتمر وخلاله او بعده. لا يثقون باي من الدول الكبرى التي تدعي صداقتهم. يشعرون ان أميركا خذلتهم وكذلك تركيا ومعظم الدول العربية. لا يريدون القطع مع روسيا التي صارت مدبرة المؤتمر ومنسقته، لكنهم لا يأمنون “شرها”. هم واثقون من ان موسكو غير متمسكة بشخص بشار الاسد لكنها متمسكة بنظامه ومؤسساته وجيشه وخصوصا الضباط الذين تدربوا في المعاهد العسكرية الروسية. انهم يعتقدون انها تريد نظاما في سوريا على شاكلة النظام الروسي الحالي ديموقراطية في الشكل توتاليتارية في المضمون. لا يعيرون ايران أهمية كبيرة لانهم يرون ان اتفاقها مع الغرب يضعفها في سوريا وليس العكس.
مختلفون في ما بينهم على كل شاردة وواردة لكنهم متفقون على ان الاسد لن يذعن لاحد من اصدقائه ولن يتخلى عن سلطته ولا عن أي من صلاحياته، وهو ماض في معركة كسر العظم حتى النهاية بالغا ما بلغ الثمن.
يحسبون الف حساب في حال عدم ذهابهم الى جنيف لان الذي لا يحضر السوق لا يبيع ولا يشتري. لكنهم يخافون ان تكون مشاركتهم هناك احراقاً لورقتهم الاخيرة وما يعتبرونه ثورة. يخافون ايضا ان يكون توسيع الوفد المعارض ليضم معارضة الداخل وخصوصا “هيئة التنسيق” وجماعة قدري جميل مدخلا لزرع الشقاق بين المعارضين وتحويل المؤتمر مقتلة للمعارضة المعتدلة، فيما المتشددون يخونون الجميع ويحرقون أخضر المعارضة ويابسها ويابستها. واذا شارك “الجيش السوري الحر” في الوفد ولم يخرج المؤتمر بنتيجة تضمن للمعارضة مطالبها الاساسية، فكيف تكون صورته امام “داعش” و”النصرة” و”الجبهة الاسلامية”؟ واذا شارك فهل من حماية للمفاوضين أم يفك الارتباط بـ”الائتلاف”؟
لائحة الاسئلة التائهة طويلة جدا، وكل جواب عن سؤال لا يحل عقدة بل يزيد التخبط تخبطا والاحباط إحباطا.

السابق
المنار لم تخطىء بحقّ البحرين
التالي
خطة طوارئ