المرأة في صنع القرار في لبنان

مشاركة المرأة في الدفاع عن الحقوق والسلام الاجتماعي

نظمت المؤسسة اللبنانية للسلم الاهلي الدائم ومؤسسة دياكونيا Diakonia ورشة عمل ختامية لبرنامج: “مشاركة ومبادرة المرأة في صنع القرار في لبنان على المستوى المحلي” الذي استمر تنفيذه من ايلول 2012 الى كانون الأول 2013.

انعقدت الورشة في قاعة محاضرات في نادي الصحافة – فرن الشباك، بمشاركة النائبين غسان مخيبر وشانت جنجنيان، وجمع من المدعوات والمدعوون الى الورشة ممن شاركوا في البرنامج، والذين نفذوا مبادرات ومشاريع محلية، وبالاضافة الى ملتزمين ومبادرين وفاعلين في المجتمع المحلي وهم الأشخاص الذين أبدوا الاستعداد لتحويل الاقتراحات والمناقشات الى مبادرة وفعل ومناصرة في محيطهم المحلي اليومي تطبيقًا لما ورد في النشيد الوطني اللبناني: “قولنا والعمل”.

السياسة أخطر من أن تترك للسياسيين وحدهم

تناول البرنامج جلسة افتتاحية بعنوان: “أهمية مشاركة المرأة في العمل على المستوى المحلي”. تحدث خلالها كل من  ممثل دياكونيا في لبنان الاستاذ رودولف جبرايل، و منسق الورشة المحامي والاستاذ الجامعي ربيع قيس، والنائبين مخيبر وجنجنجيان.

النائب مخيبر قال: “إن السياسة هي أخطر من أن تترك للسياسيين وحدهم يعني ذلك أهمية الشراكة ودور المجتمع المدني في الاضطلاع بالمسؤوليات المتعلقة بإدارة شؤون البلد”. وتوجه “بالتهنئة إلى المشاركات اللواتي قمنا بمبادرات في إطار البرنامج قد يتفاوت حجم تأثيرها، إلا أن الأهم هو نشر الوعي من خلال المبادرة. والخلاصة الأولى أن الإنسان قادر أن يكون فاعلاً في المجتمع المدني. وأنه توجد في لبنان نساء حزمن أمرهنّ وتحولّن إلى أداة تنمية وتطوير ديمقراطي في مناطقهم”. وأعلن مخيبر أنه من “حزب الكوتا النسائية في اجتماعات وأعمال اللجنة الفرعية لقانون الانتخاب المنبثقة من لجنة الإدارة والعدل النيابية، وذلك دعماً لمشاركة المرأة في الحياة العامة”.

من جهته، عرض النائب جنجنيان للإنجازات التي حققتها الحركة النسائية اللبنانية عبر تاريخها النضالي الطويل وأبرزها: الحقوق السياسية (1953)، المساواة في الإرث لغير المحمديين (1959)، توحيد نهاية سن الخدمة للرجال والنساء في قانون الضمان الاجتماعي (1987)، أهلية المرأة للشهادة في السجل العقاري (1993)، أهلية المرأة المتزوجة لممارسة التجارة دون إذن من زوجها (1994)، المساواة بين الموظفة والموظف في الاستفادة من نظام المنافع والخدمات في تعاونية موظفي الدولة (1999)، حق الموظفة في السلك الدبلوماسي التي تتزوج من أجنبي من متابعة مهامها (1994)، أهلية المرأة المتزوجة في ما يتعلق بعقود الضمان على الحياة (1995)، وإبرام اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (1996).

بدوره تحدث ممثل مؤسسة “دياكونيا” في لبنان رودولف جبرايل عن “تمحور المشروع حول دور المرأة كمشاركة أساسية في صنع السلام. والحاجة إلى إسماع صوت النساء في سائر مناطق لبنان وليس فقط في العاصمة المركزية أو المدن الكبرى، وفي مواضيع تعني جميع المناطق”. ولفت إلى أن “المشروع في مرحلته الثانية في السنتين القادمتين سيركز على كيفية ترجمة أعمال المرحلة الأولى منه إلى مواد قانونية كي لا نبقى نراوح مكاننا”.

مبادرات في تمكين المرأة محلياً: مبادرة ومدافعة

ومن ثم سوف عرض عدد من النساء مشاريع محلية قمن بتنفيذها في طرابلس، بعلبك وقضاء زحلة، والشوف. واستهل العرض بتقديم لمنسقة منطقة طرابلس رولا المراد، ثم فيلم وثائقي أعدته “الجمعية اللبنانية للإصلاح والتأهيل” حول مخيم “سلامنا يجمعنا”، وتعقيب من فاطمة بدرا. وتلاها كلمة لرولا غمراوي من “جمعية الرباط الإنمائية”. وقدم خالد غزاوي عرضاً لمشروع “أطفال السلام… كلنا معاً في الأزمات”.

ثم استمع المشاركون إلى شرح من منسقة البقاع رولا زعيتر حول مشروع: “تعزيز دور المرأة في الحوار داخل الأسرة (حاور تسلم)”، وقدمت فاطمة زعيتر الأسباب الموجبة للحوار داخل الأسرة، ثم عرضت مريم الديراني لأعمال مسرحية تفاعلية تناهض الزواج المبكر عرضت في الهرمل ورياق وبعلبك ومناطق أخرى بهدف تعزيز الوعي حول مخاطر الزواج المبكر من النواحي الصحية والاجتماعية والنفسية…

أما منسقة الجبل – الشوف وفاء فرحات فتولت شرح كيفية نيل المرأة اللبنانية حقها في فتح حساب مصرفي بإسم ولدها القاصر بعد أن كان هذا الحق محصوراً بالأب دون غيره. واستعرضت كل من السيدات: فريال أبو حمدان مراحل “الحملة النسائية للأمان الاجتماعي”، ليندا عطاالله سري الدين “مشروع قانون حماية الأسرة”، وتمام أبو عيد “إشراك المرأه في العمل البلدي”.

رفع المعنويات في زمن اليأس

الجلسة الختامية المخصصة لخلاصة الورشة عرضها الدكتور أنطوان مسرّة مشدداً أن “هذا النوع من اللقاءات نادر حتى في مؤتمرات وندوات إقليمية وعربية. واستخلص ملاحظات عدة أبرزها:

1. مبادرات ترفع المعنويات في زمن التيئيس والاحباط ولاسيما في تعميم اليأس من خلال بعض برامج متلفزة تربي الناس يومياً على مقولة: “مش طالع بإيدي شي”! في حين ان المبادرات المستعرضة أثبتت أن كل إنسان هو مسؤول معني ومشارك وقادر أن يطلع بيده شيء.

2. لم تعالج الندوة قضايا نسائية حصراً، بل حالات خاصة مثل الزواج المبكر. ولكنها تضمنت قضايا من صميم علم الاجتماع، المساهمة في العمل البلدي، وقضايا إنسانية من صلب مواضيع الشأن العام.

3. إن إحصاء عدد الجمعيات التي ساهمت في المشروع خاصةً، وفي التشبيك عامةً، لا يقل عددها عن 30 جمعية فاعلة، بعضها قديم وأخرى حديثة العهد. ولا تقل قدرتها على التأثير على حوالى 20 ألف إنسان في شكل مباشر، عدا التأثير المضاعف أو الثانوي أو الثالثي من خلال تأثر الأهل بما أثر على الأطفال. من هنا نستخلص أن للجمعيات المشاركة في المشروع تأثير فاعل.

4. جاء تنفيذ المبادرات بهدف وجدية لأن الحياة اللبنانية تنطوي على الكثير من المظاهر والنشاطية، دون تصويب للعمل. والمبادرات المنفذة ركزت على الفعل لا على الكلام مما استحضر القول بأن الندوة كانت الشاهد على “نيلسون مندللا نسائية ضخمة جداً”.

5. إن الأعمال التي قامت في إطار المشروع لها صفة الاستدامة لأنه معروف في المجتمعات العربية أن لا شيء يدوم. وكل جيل يعيد تكرار تجارب الماضي ولا يتعلّم ولا يؤثر ذلك في تغيير السلوكيات. ارتكزت المبادرات على معيار العمل الاجتماعي الفاعل وهو إحداث تغيير في السلوكيات.

6. الدخول في قلب المجتمع حيث قامت المبادرات على أساس تحسيس الناس على محيطهم الأقرب وتحويل المجتمع عملياً إلى مجتمع.

لماذا التركيز على المرأة؟ للمرأة مكانة مميزة في برامج المؤسسة اللبنانية للسلم الأهلي الدائم، وفي ثلاثة مجالات رئيسية في برنامجها بسبب:

1. دورها المميز في العائلة وفي التنشئة.

2. دورها خلال الأزمات في حماية الحياة الطبيعية في العائلة والروابط الاجتماعية كما تظهره دراسات مقارنة نشرت المؤسسة بعضها. النساء هم أكثر ضحايا الحروب والنزاعات.

3. مكانة المرأة في التنمية والتمكين انطلاقاً من حاجات الناس الحياتية اليومية وبالتالي دورها في ترسيخ الشأن العام الجامع وبخاصةٍ على المستوى المحلي. من يريد أن يعمل فعلاً يعمل محلياً بحسب المبدأ الذي تعتمده المؤسسة اللبنانية للسلم الأهلي الدائم القائل: “فكّر شمولياً واعمل محلياً”.

4. النساء لم يفسدن في السياسة لأنهم ربما لم يتعاطونها لغاية اليوم. وهذا عنصر أمل بأن دخول النساء إلى معترك الشأن العام يحسن من الأداء السياسي.

أن الأعمال التي عرضتها الورشة تنطوي على صعوبة وجدية وهدفية وتصويب وتطبيق وتغيير في السلوك واستدامة. إن متابعة نتائج الجزء الأول من المشروع وتعميمها يؤدي إلى مفعول العدوى.

السابق
ندوة في اللبنانية في صيدا
التالي
سليمان: هناك انتخابات رئاسية خلافا لكل ما يحكى