نيلسون مانديلا: رحل قاهر العنصرية.. ونحن نغرق فيها

نيلسون مانديلا
كلّ الناس نعت نيلسون مانديلا، من هيفا وهبي التي قالت على إنستغرام إنّ "الأساطير الحقيقيين لا يرحلون"، إلى دايفيد بيكهام وكريستيانو رونالدو، وبينهم الآلاف من السياسيين والفنانين وملايين المواطنين. لكن ما الذي تركه فينا حقّا، نحن العرب الذين نعطي التاريخ أمثولة في كراهية الآخر والحقد العنصري؟

لم يبقَ أحد لم ينعَ نيلسون مانديلا. من الفنانين الى الرياضيين الى السياسيين، لكنّ أكثر من كان لافتا هو بشّار الأسد.

نعم هو محافظ دمشق الصغرى، بشار الأسد، بحسب وصف الكاتب صادق جلال العظم.

الأسد قال إنّ مانديلا مصدر إلهام للمقاتلين من أجل الحرية ودرس للطغاة. الأسد التلميذ الكسول الذي لم يتعلّم من هذا الدرس شيئا.

كما لو أنّ رئيس المجزرة السورية المستمرّة منذ ثلاث سنوات يريد أن يقول للمئتي ألف قتيل وجريح في سوريا إنّه يسخر من التاريخ وليس من أرواحهم وآلامهم فقط.

الأسد نفسه الذي خرجت تظاهرات سلمية ضدّه فقابلها بالعنف إلى أن صارت عنيفة، تماما كما قال مانديلا يوما:

الظالم هو من يحدّد شكل النضال. فإذا جابه النضال بالعنف، سيستخدم الضعيف العنف ليدافع عن نفسه.

صحيح أنّ مانديلا لم يساوم على حريّته وحريّة شعبه، لكنّه لم يثأر من سجّانيه بل سامحهم. وهذه صورته يمازح المدّعي العام الذي حكم عليه بالسجن، حيث قضى سبعة وعشرين عاما. هي الصورة الأكثر اعتراضا على ما نعيشه في دول الربيع العربي والخريف الدموي.

يرحل مانديلا في لحظة من تاريخنا العربيّ تجسّد وتعلي من شأن كلّ ما حارب ضدّه. يرحل في حين تسافر عواصمنا الى الكهوف كما كتب غسان شربل في جريدة الحياة اليوم، ولا نقبل الآخر إلا عبدا أو جثة، فيحتلّ هو شرفة التاريخ، ونندفع نحن الى الهاوية.

مانديلا قال إنّ الإنسان لا يولد ومعه الكراهية، بل يتعلّمها، وكما تعلّمها، يمكن أن نجعله يتعلّم الحبّ.

وفي سوريا اليوم ألف مانديلا، كتب المئات على تويتر، في سجون الأسد تحديدا، الأسد المفصوم، الذي نعى مانديلا قائلا إنّه مصدر إلهام للمقاتلين من أجل الحرية.. بالطبع: للمقاتلين ضدّ الأسد، من أجل الحريّة والخلاص من نظام الطاغية، كي يكون درسا للطغاة هو أيضا.

رحل مانديلا وترك العالم العربي في لحظة يغرق في العنصرية، باسم جديد هو “المذهبية”.

السابق
اوباما: مصلحتنا الامنية هي منع ايران من الحصول على السلاح النووي
التالي
سافرت زوجته فاغتصب حماته