الأخبار: طرابلس بلا خطة أمنيّة!

كتبت “الأخبار ” تقول: بعد الضجيج الذي أثاره قرار تكليف الجيش فرض الأمن في طرابلس ووضع الأجهزة الأمنية بإمرته، تبيّن أن القرار “الخطي” مبتور وتقتصر الإمرة على القوى السيارة والمخافر من دون الأجهزة الأمنية الأخرى، ولا سيما فرع المعلومات. ثمة من يحاصر الجيش في طرابلس ويمنعه من تثبيت الأمن فيها
بعد ساعات من محاولة تحويل طرابلس إلى محرقة للجيش إثر تكليفه في الاجتماع الثلاثي في بعبدا فرض الأمن فيها، وسحب دعوات للجهاد ضده، برز مؤشر خطير، تمثل في القرار الصادر رسمياً عن رئيس الحكومة المستقيل نجيب ميقاتي، بتوقيع الأمين العام لمجلس الوزراء سهيل بوجي. فأن يكلف الجيش ضبط الوضع الأمني في طرابلس لمدة ستة أشهر أمر طبيعي ومن صلب مهمة الجيش وعمله، وهو موجود فيها بقوة. وأن يعلن رئيس الجمهورية ميشال سليمان والرئيس ميقاتي عن خطة أمنية لطرابلس، بالطريقة التي أعلنت أمر طبيعي أيضاً، نظراً الى الظروف التي تمر بها البلاد واستقالة الحكومة.
لكن ما هو غير طبيعي، لا بل معيب، أن يأتي القرار، الذي أحيط بضجة سياسية وإعلامية، مجتزأً وناقصاً. فقد علمت “الأخبار” أن القرار الذي صدر بعد يومين على اجتماع بعبدا، وتبلغته الأجهزة الأمنية التابعة لوزارة الداخلية، أعطى الجيش أقل بكثير مما هو مطلوب، ولم يضع كل الأجهزة الأمنية العاملة في طرابلس تحت إمرته في طرابلس، بحسب اتفاق بعبدا. بل حصر الإمرة بـ 600 عنصر من القوى السيارة والمخافر الإقليمية فقط لا غير. ولم يلحظ القرار وضع فرع المعلومات أو الأمن العام أو أمن الدولة أو حتى الجمارك المكلفة بمرفأ طرابلس (حيث الكلام عن أهمية مراقبة المرفأ)، تحت إمرة الجيش في قيادة موحدة إقليمية على رأسها ضابط، مع العلم بأن الجيش بدأ الإعداد لهذه المهمة بتشكيل غرفة عمليات برئاسة العميد الياس سمعان. وبذلك جاء القرار، الذي أثار خشية بعض الأطراف الطرابلسيين، من أن يكون بمثابة إعلان المدينة منطقة عسكرية، خطوة ناقصة أو بالأحرى مقصودة، لعدم توسيع رقعة صلاحيات الجيش.
وفي المعلومات التي حصلت عليها “الأخبار” أيضاً أن سبب صدور القرار منقوصاً هو رفض فرع المعلومات التام أن يكون عمله في طرابلس تحت إمرة الجيش، وقد تجاوب ميقاتي مع هذا الرفض الذي جاء قاطعاً وتبلغته القيادات السياسية المعنية.
ونتيجة تفاعل الخبر في الأوساط الأمنية والسياسية أمس، تردد أن القرار عدل، لينص على “تنسيق” الأجهزة الأمنية غير المشمولة فيه بصيغته الأولى، مع الجيش. أي لن تكون للجيش سلطة الإمرة على الأجهزة الأمنية في طرابلس. والنتيجة هي أن لا خطة أمنية ولا تكليف كاملاً للجيش، بل محاولة لحرقه في طرابلس، بسبب استجابة ميقاتي لضغط مسلحي باب التبانة وفرع المعلومات الذي أثبت من جديد أنه قادر على رفض قرار رئيس الجمهورية بسط سلطة الأمن في طرابلس.
فما هو موقف الأخير، وبماذا سيجيب ميقاتي؟ يتكتم الثاني على النص الحرفي للقرار، فتقول مصادره: “القرار وصل إلى حيث يجب، أي قيادة الجيش”. أما في المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي، فالنفي سيد الموقف. فرع المعلومات، بحسب مصادر أمنية، “لا يرفض إمرة الجيش. لكنّ ثمة نقاشاً بشأن القرار، وأحد الضباط تولى التنسيق مع وزارة الداخلية لبحث القرار”. كذلك لا تزال المديرية ترفض وضع المخافر والفصائل في إمرة الجيش، معتبرة أن هذا الأمر مخالف للقانون.
في الأثناء، تواصلت المواقف من تكليف الجيش فرض الأمن في طرابلس مع مخاوف من الاستفراد فيه. وفي هذا الإطار، حذر رئيس جبهة النضال الوطني النائب وليد جنبلاط من “ترك الجيش وحيداً في طرابلس من دون توفير التغطية السياسية الكاملة من الفاعليات الطرابلسية أولاً واللبنانية ثانياً”. وأكد أن”الاكتفاء ببيانات الشجب والاستنكار لم يعد يجدي”، معتبراً أن “المطلوب تجفيف مصادر التمويل لجميع المجموعات المسلحة”.
من جهته، أكد المدير العام السابق لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي عدم المواجهة مع الجيش، كاشفاً عن اتصالات جرت بين الرئيس سعد الحريري وقائد الجيش العماد جان قهوجي وبينه من جهة، وبينه وبين شبّان طرابلس، من جهة أخرى أدّت الى الالتزام بالتهدئة وبإجراءات الجيش.
وأشار إلى أنه كان يجري التحضير لاستهدافه هو والشيخ سالم الرافعي وشخصيات طرابلسية أخرى، لافتاً إلى “أننا لا نتهم جميع العلويين في جبل محسن، بل المرتبطين بالنظام السوري”.
وقال ريفي في مقابلة مع قناة “العربية”:”طالما أن حزب الله يعتبر قتاله جهاداً، فإن عليه أن يتوقع جهاداً مضاداً”، وعبّر عن خشيته من عودة الجهاديين بعد انتهاء الحرب في سوريا إلى لبنان وكل الدول المجاورة.
ورأى رئيس حزب التوحيد العربي وئام وهاب في حديث إلى قناة “المنار” ضمن برنامج “حديث الساعة”أن “تكليف الجيش ضبط الوضع في طرابلس هو مجرد كلام إعلامي إذا ما نظرنا الى الميدان، لأن الجماعات المسلحة تريد الهجوم على جبل محسن وعندها سيقصفهم الطيران السوري، كما سيجري في عرسال إذا ما استمر الوضع على ما هو عليه”.
أحكام على منتمين إلى فتح الإسلام
على صعيد آخر، أصدر المجلس العدلي حكماً في ملف متفرع عن ملف أحداث نهر البارد، أدان فيه المنتمين إلى فتح الإسلام الذين دخلوا الأراضي اللبنانية خلسة، فحكم على ثمانية منهم بالحبس ثلاث سنوات وغرامات مالية، وحكم على واحد بالحبس سنتين وغرامة مالية، وإخراجهم من الأراضي اللبنانية لمدى الحياة ومنعهم من العودة إليه. كما أعلن المجلس براءة اثنين منهم، هما: سعد الله أحمد الوكيل وعزام قاسم نهار من جرم دخول الأراضي اللبنانية خلسة لانتفاء الدليل.
ومما جاء في الحكم، أنه “في عام 2006 وبعد وفاة (أمير تنظيم القاعدة في العراق) أبو مصعب الزرقاوي، خرج بعض الذين قاتلوا الى جانبه من سوريين وفلسطينيين وأردنيين بعد ملاحقتهم من السلطات السورية، من مخيم اليرموك ودخلوا الأراضي اللبنانية خلسة والإقامة في المخيمات الفلسطينية، رافعين راية فتح الانتفاضة، وكان على رأسهم أميرهم شاكر العبسي”.
أضاف: “بعد دخول العبسي الأراضي اللبنانية خلسة وإقامته في معسكر حلوى في البقاع الغربي، باشر باستقدام عناصر من سوريا لزيادة عديده، وذلك سواء بإدخالهم الأراضي اللبنانية بصورة شرعية أو خلسة”.
وتابع القرار: “وعبر هذه الطريقة دخل الأراضي اللبنانية خلسة للإقامة في معسكر حلوى في البقاع (عدد من المتهمين)، أما السوري محمود ابراهيم منغاني، فقد تسلّم بطاقة زهرية اللون عليها اسم فتح الانتفاضة أبرزها عند حاجز الاستخبارات السورية على الحدود السورية.
وتجدر الإشارة إلى أن جميع المحكومين ملاحقون أيضاً في ملفات أخرى لا تزال قيد النظر أمام المجلس العدلي.

السابق
الشرق: خطة طرابلس على المحك والجيش لن يتراجع
التالي
الجمهورية: مواقف مرتقبة لسليمان اليوم وميقاتي تعهَّد بالتمويل