جنبلاط يمهّد للالتحاق بـحزب الله على وقع الاتفاق الأميركي – الإيراني!

وليد بك جنبلاط

أي لعبة يدخل فيها زعيم المختارة حين يطالب بوضع «شعبة المعلومات» تحت إمرة الجيش؟

في لعبة الأمم التي يتحدث عنها زعيم المختارة وليد جنبلاط ، معتبراً أنها أكبر من الجميع، ثمة تساؤلات تقفز بحدة إلى المشهد الداخلي وقوامها: أيّ فائدة يجنيها الزعيم الدرزي حين يستهدف «تيار المستقبل» لينزع عنه صفة الاعتدال السنّي عبر اتهامه بـ «المَونة» على «داعش» و«جبهة النصرة»، وأي مصلحة تكمن في وضع الطائفة الدرزية في مواجهة الطائفة السنية عموماً في هذا التوقيت بالذات؟ وهل يغيب عن بال «القارئ الجيّد» للتحولات الكبرى، أنه بلغة الاستهداف السياسي الخارج عن أي منطق، يكشف «قلب الجبل» الذي بررّ استدارته عقب غزو «حزب الله» وحلفائه لبيروت والجبل في 7 و11 أيار 2008 بضرورات الحفاظ على مصلحة الجماعة؟ وكيف سيكون واقع الحال حين يؤول استعلاؤه الكلامي المتكرر على الطائفة السنّية، المرافق لاستعلاء «حزب الله» السياسي – العسكري عليها، إلى خلق حال من الاحتقان والشرخ بين الدروز والسنّة واستجلاب القوى الدينية المتطرفة إلى عقر داره ما دامت أصبحت في لبنان؟ وأي لعبة يدخل فيها جنبلاط حين يصل به الحال إلى المطالبة بوضع «شعبة المعلومات» في قوى الأمن الداخلي تحت إمرة الجيش، وهو الأدرى بأن هذا الجهاز، على رغم الضربة التي تلقاها باغتيال اللواء وسام الحسن، يبقى المظلة الأمنية للفريق السياسي الذي يستهدفه إعلامياً، في وقت تسود فيها العلاقة بين الجيش والشارع السنّي حال من عدم الثقة ورأب الصدع؟ تساؤلات تطرح علامات استفهام حول ما إذا كانت مواقفه الإعلامية هي إشارات تمهيدية لإمكان الاستدارة بشكل كامل والالتحاق بـركب «حزب الله» على وقع المرحلة الجديدة المقبلة في ضوء الاتفاق الأميركي – الإيراني، كما يدور الحديث في كواليس المنظرين السياسيين لمنظومة «حزب الله» – النظام السوري – إيران، والذين لم يُدرجوا زيارة جنبلاط للعزاء بنجل شقيق الوزير حسين الحاج حسن، الذي قُتل في سوريا، في خانة الواجب الاجتماعي بقدر ما هي رسالة سياسية، شاء ربما القدر أن يجعلها مضاعفة بوجود السفير السوري علي عبد الكريم علي. ومن حق هذا الفريق أن يقرأ زيارة التعزية من منظور سياسي، لما تحمله من صك براءة لـ «حزب الله» عن قتله الشعب السوري الذي كان جنبلاط داعماً له حتى الأمس القريب في وجه نظام الأسد، ومِنْ تدرّجٍ في موقف زعيم المختارة من مطالبة سعد الحريري وقوى 14 آذار بقبول انخراط «حزب الله» في سوريا كأمر واقع بوصفه جزءاً من دور إقليمي يلعبه، إلى مباركة «شهدائه» في الواجب الجهادي بقتل الشعب السوري على أرضه، وإلى التماهي مع منطق الحزب الذي يتهم «تيار المستقبل» بتغطية «الجماعات التكفيرية».
لم تكن مفاجئة مواقف جنبلاط لـ «تيار المستقبل». فهو يسعى في أدائه الإعلامي إلى إرسال إشارات تطمين لـ «حزب الله» ومن ورائه لسوريا بأنه، على رغم الخلافات معهما، فإن خلافاته مع سياسات الطرف الآخر هي أكبر. لكن اللافت، في رأي قيادي في «المستقبل»، ذهابه بعيداً في رسالته، التي تخطى فيها الحدود المفهومة، حين أبدى استعداده لتغطية «تصفية» جهاز «شعبة المعلومات» عبر تذويبه بأجهزة أخرى، وهو الذي خَبِـرَ أهمية هذا الجهاز في المعادلة الأمنية في البلاد. على أن ما لم يعد مقبولاً أيضاً أن يستمر جنبلاط في استخدام التيار كمكسر عصا، في رسائله الإعلامية. وهو ما يُفسّر الرد – الرسالة لحليف الأمس، والذي يؤكد هذا القيادي أن هناك قراراً بـ «الاكتفاء بالبيان ونقطة على السطر».
في قراءة المراقبين لأداء جنبلاط أن ثمة فارقاً بين رسائله الإعلامية المتحاملة على «الحريرية السياسية» والمطمئنة لـ «حزب الله» وسلوكه السياسي الذي لا يزال حتى الآن ملتزماً به، والمتمثل على المستوى الداخلي بمعادلة أنه لا يسير بحكومة من دون قبول «حزب الله» ولا يسير بانتخابات رئاسة الجمهورية من دون «تيار المستقبل». وهو موقف سيبقى عليه ما دامت صورة الوضع الإقليمي لم تتبلور بعد وما دامت الأمور غير محسومة، رغم اقتناع هؤلاء المراقبين بأن الصراع الدائر بات أكبر من اللاعبين المحليين وتأثيرات أي دور لهم على الساحة الداخلية.
غير أن ربط تحولات موقف جنبلاط بالتحولات في المنطقة التي يراهن عليها «حزب الله» وحليفيه السوري – الإيراني، فلا يمكن إدراجها - إن حصلت - سوى في خانة انغماسه في لعبة الأمم وليس النأي عنها. ويذهب هؤلاء إلى الاعتقاد بأنه من المُبكر الجزم بمسار التحولات وخواتيمها، وإن كان مرتقباً أن تشهد الأشهر الستة الأولى للاختبار الأميركي – الإيراني، والمرشحة للتمديد، تداعيات جمّة على الساحات الساخنة من العراق إلى سوريا واليمن والبحرين وأفغانستان، فضلاً عن لبنان الذي أضحى مكشوفاً أمنياً بفعل انتقال مفاعيل الصراع المذهبي في المنطقة إليه، والتي ستتخطى جولات عنف على جبهات طرابلس التقليدية إلى مسلسل تفجيرات عاشها لبنان سابقاً خلال الحرب الأهلية، وكذلك بفعل انكشافه السياسي المقبل على مزيد من تعطيل لمؤسساته الدستورية، وهو ما نقله سياسيون عن رئيس حكومة تصريف الأعمال الذي قصد صديقاً أميركياً ضليعاً بالملف اللبناني لتسويق شخصية مصرفية – مالية لموقع رئاسة الجمهورية، فكان أن سمع منه أن الاستحقاق الرئاسي لن يبصر النور في موعده الدستوري، وأن جُلّ ما يمكنهم القيام به هو تنشيط الأداء الحكومي في الوقت الضائع… نصيحة ثمة من يقول أن الرئيس نجيب ميقاتي قد يأخذ بها بشكل أو بآخر! ولكن هل يُجازف بما تبقى لديه من رصيد في بيئته، بعدما فقد الكثير منه يوم انقلب وجنبلاط على سعد الحريري، فأخلّ بموازين القوى السياسية الداخلية؟

السابق
فورين بوليسي تكشف خلفيات الاغتيال: أول اعتراف إسرائيلي بتصفية اللقيس
التالي
النهار: مواجهة اليوم الثالث تهدِّد خطة طرابلس.. خيوط في اغتيال اللقيس