اللواء: طرابلس تواجه الفتنة لا يوم غضب ولا صدام مع الجيش

كتبت “اللواء ” تقول : ماذا يعد لطرابلس؟
بصرف النظر عن الذرائع التي وضعت الاجراءات الامنية، بعد اجتماع بعبدا الشهير، بين رئيس الجمهورية ميشال سليمان ورئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي وقائد الجيش العماد جان قهوجي، على كف عفريت، فإن المعطيات السياسية، داخلياً وسورياً واقليمياً، تعزز المخاوف من ان يكون ما حدث مع الساعات الاولى من مساء امس في طرابلس، يندرج في اطار خطة لافشال الخطة الامنية، او ان تكون هناك “مؤامرة”، وفقاً لما صرح به مفتي طرابلس والشمال الشيخ مالك الشعار لـ”اللواء”، مضيفاً بأن على سياسيي طرابلس ترك الانتخابات جانباً والتفكير بأهلهم ومجتمعهم، لانه اذا اشتعلت، فلن تتوقف نيران الحريق عند حدود طرابلس وحدها.
ولاحظ المفتي الشعار ان المعنيين لا يدركون مخاطر الوضع، معرباً عن تخوفه من مجيء عناصر من الخارج، على غرار مجيء “فتح الاسلام” الى مخيم نهر البارد، وهذا الامر – لا سمح الله – في حال حصوله ينذر بسؤ أكبر.
وكشف الشعار، انه اعطى توجيهاته الى خطباء المساجد اليوم للتركيز على الترحيب بالجيش ودوره الامني، والتهدئة مكرراً اصرار مدينة طرابلس واهلها على ضرورة الاقتصاص من الذين ارتكبوا جريمة تفجير مسجدي “السلام” و”التقوى”.
ولا يختلف أحد مع مفتي طرابلس بوصفه المرحلة بالحرجة جداً والعصيبة، إلا ان التعاطي مع طرابلس كملف امني من شأنه ان يعيد خلط الاوراق، ويفاقم من تأزيم الوضع الداخلي، في وقت تكاد العلاقات الداخلية تشهد مزيداً من التآكل بعد اتهامات الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله للمملكة العربية السعودية بالوقوف وراء تفجير السفارة الايرانية، ورفض الرئيس سليمان لهذا الاتهام غير المستند لأي اساس وطني او قضائي، حيث كادت علاقة الطرفين تهتز، او اهتزت، بالرغم من الاتصال الذي اجراه رئيس الجمهورية برئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد معزياً بالشهيد حسان اللقيس، من دون ان يشفع ذلك من تأكيد الكتلة على وجوب اجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها لمنع الفراغ، في اشارة لرفض التمديد لرئيس الجمهورية الحالي، مع العلم ان مصادره تؤكد في غير مناسبة انه ليس في وارد البقاء في سدة الرئاسة.
وتخوف مصدر مطلع من ان يكون تركيز الانظار على الانتخابات الرئاسية اشارة الى تجاوز الصعوبات التي تواجه تأليف الحكومة او صرف النظر عن هذا التأليف، او قطع الطريق على عزم رئيس الجمهورية والرئيس المكلف تمام سلام إصدار مراسيم حكومة تملأ الفراغ في حال تعذرت أو تعثرت اجراءات انتخابات الرئاسة الأولى.
واستبعد المصدر أن يصار إلى إحداث أي تقارب داخلي في هذه المرحلة مع استمرار التشنجات الإقليمية لا سيما على جبهة العلاقات الفاترة بين طهران والرياض، وإن كان قد سجّل نوع من الهدوء على الجبهة السياسية الداخلية، حيث انصرفت الاهتمامات إلى لملمة ذيول ما نجم عن فضيحة غرق العاصمة بالأمطار، ولم يخرق هذا الهدوء سوى تصريح جديد لرئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط أدان فيه اغتيال القيادي في حزب الله حسان اللقيس “لإذكاء روح الفتنة وتأجيج مشاعر الانقسام وهو ما يصبّ في مصلحة اسرائيل”، ورأى أنه “كان من المستحسن التأكيد بأن اسرائيل تقف وراء تفجير السفارة الايرانية إسوة بالموقف الذي صدر عن الجمهورية الاسلامية عوضاً عن اتهام المملكة العربية السعودية، مع العلم بأن إصدار هذه المواقف والاتهامات قد يؤدي إلى جر البلاد نحو المزيد من التوتر والتشنج”، وذلك في رد غير مباشر على اتهامات نصر الله للسعودية، وهو ما فسره مصدر في كتلة “المستقبل”النيابية بأنه “ضربة على الحافر وضربة على المسمار”، بعد مواقف جنبلاط الأخيرة ضد تيار “المستقبل”.

طرابلس
وسط هذه الأجواء الضاغطة، نجحت الاتصالات واللقاءات التي عقدت في طرابلس، غداة الإشكال مع الجيش في التبانة، في إيقاظ طرابلس من “الشر المستطير” الذي يخبّأ لها، فأصدرت هيئة العلماء المسلمين بياناً بعد اجتماع في منزل الشيخ سالم الرافعي، دعت فيه الى التهدئة وأكدت أن لا يوم غضب اليوم (الجمعة) في طرابلس، منددة بالغرف السوداء التي تحاول أن توقع بالشباب في مواجهة الجيش.
ونفى الشيخ خالد السيد ما نسب إليه من بيان وصفه “بالكاذب”، وأكد على التهدئة وعدم المواجهة مع الجيش، فيما كان الشيخ داعي الاسلام الشهّال قد دعا إلى اعتصام اليوم بعد صلاة الجمعة في الجامع المنصوري الكبير، لكنه دعا إلى التهدئة وتفويت الفرصة على من يريد استخدام الجيش ضد أهل السنّة.
واعتبرت هيئة العلماء المسلمين ان ما جرى اليوم (أمس) في باب التبانة هو تصرف فردي ناتج عن أجواء الاحتقان التي اعقبت الاعتداء الأخير من قبل جبل محسن عى طلاب المدارس والنساء والأطفال في الطرقات، وطالب الجيش بتفهم الوضع النفسي والاجتماعي لأهالي الشهداء والجرحى الذين سقطوا في مسجدي “السلام” و”التقوى”.
ودعا أهالي التبانة بشكل خاص وطرابلس بشكل عام إلى ضبط النفس وعدم الانجرار إلى المخطط الذي يسعي إليه من يريد الشر لهذه المدينة وأهلها، وخاصة ان الاتصالات التي أجريت مع المسؤولين خلال الاجتماع أكدت انه لا نية للجيش بالاصطدام مع أهالي المدينة.
وأكد ان معالجة الوضع المشحون يبدأ بتوقيف المتهمين بتفجير المسجدين.
ومن جانبها، أصدرت قيادة الجيش بياناً ردّت فيه على التجمعات والاحتجاجات التي شهدتها المدينة على الإجراءات التي يتخذها الجيش، والتي أدّت إلى توقيف عدد من المتسببين بالإخلال بالأمن، مؤكدة بأن اجراءاتها “تهدف إلى إعادة الأمن والاستقرار إلى المدينة، بناء على التكليف الرسمي للجيش بضبط الأمن، واستجابة لمطلب المواطنين الطرابلسيين الذين عانوا كثيراً من حال الفوضى وعدم الاستقرار المفروض على المدينة منذ عدّة أشهر، والذي انعكس سلباً على حياتهم وأرزاقهم وتحركاتهم”.
ولاحظ بيان القيادة، أن هذه الإجراءات لا تصب في مصلحة المخلين بالأمن والذين يستفيدون من حال الفوضى، ولذلك هم يسعون إلى التعبير دوماً عن رفضها خلافاً لإرادة الأغلبية العظمى من أهالي طرابلس.
وختم داعياً الجميع إلى التجاوب مع إجراءات الجيش ومع رغبة الأهالي لما فيه مصلحة هذه المدينة والاستقرار العام.
ونعت قيادة الجيش الجندي عبدالكريم فرحات من برج البراجنة، الذي استشهد في القبة، خلال تفريق الجيش لمجموعة من المحتجين حاولوا تطويق الثكنة احتجاجاً على توقيف عبد?الحميد محمّد عوض الذي أقدم صباحاً على ضرب أحد المواطنين والتعامل بشدة مع احد العسكريين في وقت سابق.
وكانت قوة من الجيش تعرضت لاعتداء من مسلحين في التبانة، كانت قد توجهت لانقاذ فريق تصوير تابع لمحطة “الجديد” تعرض لاعتداء من مسلحين في شارع “ستاركو” وجرى اطلاق نار كثيف من المسلحين الذين كانوا متمركزين في بناية “الشيخ” ما ادى الى اصابة سبعة عسكريين بينهم ضابطان بجروح غير خطرة.
وتوسعت هذه الاشتباكات بين الجيش والمسلحين الى محاور الملولة وبعل الدراويش، مما دفع الجيش الى استقدام تعزيزات قامت بمحاصرة التبانة بحثاً عن مطلقي النار، الامر الذي اشعل حركة احتجاجية كبيرة، ما لبثت ان توسعت الى مناطق واحياء خارج التبانة، مثل الزاهرية وصولاً الى القبة وساحة عبد الحميد كرامي، من اجل فك الحصار عن التبانة، بحسب هؤلاء المحتجين، فيما قطعت الطرقات في البداوي والمنكوبين وفي العبدة في عكار، عمل الجيش فيما بعد الى فتحها وتفريق المتظاهرين بالقنابل المسيلة للدموع.

السابق
المستقبل: الوضع يتدهور مجدّداً وسقوط شهيد و6جرحى للجيش
التالي
الشرق: طرابلس اشتباكات وشهيد للجيش واعتصام اليوم