اليزابيث وارن: الأمل والفشل

ظهرت اليزابيث وارين على غلاف عدد من مجلة «نيو ربيبلك» صدر حديثاً مع عنوان «كابوس هيلاري؟»، وهي قصة ضمن موجة من القصص المماثلة والتي تقول جميعها إن الحزب الديمقراطي يميل نحو اليسار (وبعيدأ عن هيلاري كلينتون، وأجل بعيداً عن باراك أوباما) والذي نذرت على نفسي بشأنه في صمت غير معهود «لا ليس مرةً أخرى». وارين كما يقول المثل القديم عن الزواج الثاني، قد تكون انتصار الأمل على الخبرة. مثل أوباما، قبل أن يأتي به القدر والتزلف الى الرئاسة، وارين هي نائبة لفترة اولى. ومثل أوباما كان لها دور قليل في السياسة الخارجية – ليس مع إيران وسوريا وإسرائيل وفلسطين أو ذلك الصراع الذي يشبه صراع الممثل الأميركي الكوميدي غروشو ماركس مع الصخور الكبيرة في بحر الصين الشرقي.

مثل أوباما في ذات المرحلة لم تتولَ وارين ادارة مؤسسة كبيرة. فلم يسبق لها أن تولت منصب الرئيس التنفيذي أو بصفة أدق حاكم لولاية، وهو المنصب المعتاد للانطلاق نحو البيت الأبيض، كما لم يسبق لها العمل مع هيئة تشريعية كبعض من يقومون بالتملق والتهديد والإغراء ثم بعد أن يُجاز مشروع القانون يتركونه. بعبارة أخرى هي شيء غير معروف. تصحيح: هي تقريباً غير معروفة إطلاقاً.

كما شاء الحظ فإن الفئات المذكورة أعلاه هي ما فشل فيه بالضبط أوباما؛ فهو مشهور بحديثه الناعم المُوجه، رجل يفتقر الى الأعصاب اللازمة حتى أنه لا يحتاج دائماً الى موافقة السياسيين الآخرين. قد يكون الرئيس هو أبرز سياسي في الأمة ولكنه ليس جيداً كثيراً في السياسة.

يعد افتقار أوباما للخبرة التنفيذية فاضحاً وقد يكون معوِقاً. ويعد طرح خطة اوباما للرعاية الصحية سيارة فورد إيدسيل في عصرنا (وهي سيارة انتجتها شركة فورد عام 1958 وسحبتها عام 1960). كان يفترض أن تكون خطة أوباما للرعاية الصحية انجاز الرئيس الذي يشار اليه بالبنان، وقد يحدث ذلك يوماً ما. ولكن هل يمكنك أن تتخيل رئيساً تنفيذياً يطرح منتجاً مهماً له في السوق بالطريقة التي طرح بها أوباما هذا البرنامج؟ هل يمكنك أن تتخيل رئيساً تنفيذياً يندهش للتخبط الذي حدث في البرنامج في أسبوعه الأول؟ هل يمكنك أن تتخيل ألا يجري فصل شخص واحد نتيجةً لذلك؟ غير ممكن.

ثم نأتي على السياسة الخارجية. وهنا نرى اخفاق أوباما الذي ترتبت عنه أكثر العواقب. فنتيجة لأسلوبه المُربك فيما يتعلق بالأزمة السورية جعل أوباما من العالم مكاناً أقل أماناً. فإن «مئات الاطفال» الذين قُتلوا بالغاز السام الذي ذكره أوباما وهو يقول إن الرئيس السوري بشار الأسد سيدفع ثمن جرائمه، قُتلوا لأن الأسد افترض أن أوباما لن يفعل شيئاً. إن ضياع الأرواح المحض إضافة إلى ضياع الهيبة الأميركية ليس أمراً بسيطاً. وفي المقابل اتخذ الإيرانيون والصينيون وغيرهم إجراءات الرجال. لقد أغشى «الخطوط الحمراء» بالضباب.. لقد فقد النفوذ.

هذه جوانب مقلقة. وهي لا تمثل مُجمل رئاسة أوباما. لقد أبلى بلاءً حسناً في المسائل الاقتصادية الصعبة وقد خفف من وطأة حربين. قد تكون الحرب في العراق وعرة ومنحدرة ومجرد اجازة خطة أوباما للرعاية الصحية – لا يهم تطبيقها – ليس إنجازاً ثانوياً، لكن قلة خبرته كان لها أثر؛ لقد كلفت الأرواح. وقد دفعت بخطة تأمين صحي كانت لها حاجة كبيرة خارج الطريق الى مستنقع. ليست الخبرة هي كل شيء – لم يكن لنكولن يتمتع بالخبرة – لكنها (الخبرة) تعين بالتأكيد.

قد يتضح أن نذري على نفسي بشأن وارين هو بصلابة نذري اليومي بشأن شوكولاته «هاغان داز» والواح الآيس كريم «على كل حال فهي لم تبد رغبتها بعد».

خلافاً لأوباما فهي تنضح بالعاطفة والإقناع. فهي تريد أن تتحكم في وول ستريت، وتقلل من الفجوة الفاحشة بين الأغنياء والفقراء واستعادة حيوية الطبقة الوسطى. وليس من خطأ في كل ذلك.

في المقابل فإن المرشحة الأولى المفترضة هيلاري كلينتون تبقى مغلفة في ضباب من العتمة. كانت ستكون أول رئيسة للولايات المتحدة الأميركية. لكن كانت ستكون كذلك وارين. كان لكلينتون مجال مهني متنوع – حتى انها كانت نائبة، أتذكرون؟ لكنها لا تزال بحاجة للتعريف بنفسها. لقد سافرت لمسافة 956,733 ميلاً بالضبط خلال عملها وزيرة لخارجية الولايات المتحدة لكنها لم تقترب من تحقيق انجاز مهم أبداً.

يشير الازدهار الذي حدث لوارين الى لهفة لإحياء الليبرالية العضلية. لكن حتى هفوات خطة أوباما للرعاية الصحية لديها بعض النواحي الليبرالية – فعلى سبيل المثال محرر «نيوريببلك» الذي سبق ذكره – يتساءل ما اذا كان هذا التقدم الليبرالي قد أدى الى تراجع الحركة في الواقع. بالنسبة للديمقراطيين اليساريين فإن سخونة وارين هي علاج لفتور أوباما. أما بالنسبة لبقية البلاد فقد تبدو مثلها مثل أوباما مرة أخرى.

السابق
انتخبوا مزيدا من نساء الحزب الجمهوري
التالي
«جنيف 2» مناورة أم مؤامرة.. وهل سيعقد أم لا؟!