البناء: توقيف عشرات المسلّحين في طرابلس بالتوازي مع استمرار المعارك

كتبت “البناء ” تقول: بقيت وتيرة القتل المجاني في طرابلس على وتيرتها مع استمرار فلتان السلاح والمسلّحين رغم الإجراءات التي يتخذها الجيش اللبناني في مناطق القتال من رد على مصادر النيران ومداهمات لتوقيف المسلّحين وقادتهم خصوصاً أن تجربة الأيام الأربعة السابقة من الجولة 18 الحالية وما سبقها من جولات تؤكد بما لا يقبل الشك أنه من دون إنهاء هيمنة المسلّحين على قرار المدينة لا يمكن إيقاف نزيف الدم في عاصمة الشمال مهما اتخذ من إجراءات.

وإذا كان اجتماع بعبدا مساء أول من أمس قرر وضع طرابلس تحت إمرة الجيش وإخضاع باقي القوى الأمنية لهذا الأمر فمن الواضح أن هناك من يريد استمرار هذا النزيف لحسابات خاصة وأجندات خارجية وهو ما ظهر في الاعتراضات التي لجأ إليها البعض مباشرة بعد اجتماع بعبدا وإعلانه الرفض لجعل المدينة منطقة عسكرية عقب تسريب معلومات عن مثل هذا التوجه وكأنه لم يكف المدينة ما عاشته من قتل وتدمير طوال 18 جولة من المعارك العسكرية.

ولذلك فإنه بات لزاماً ليس فقط على نواب ووزراء طرابلس بل على كل فعالياتها الحريصين على إنهاء شلال الدم محاصرة هذه الأصوات وكشفها أمام الرأي العام لأن ما يحصل في عاصمة الشمال ليس من طبيعتها ولا يعبّر عن واقع أهلها وعن تاريخها في حين أن هذا البعض يريد استخدام المدينة في سياق المؤامرة التي تشن ضد سورية عبر السعودية ومن معها من تنظيمات متطرّفة بدءاً من تنظيم “القاعدة” وأخواتها.

وإذا كان إنهاء النزيف في طرابلس يبقى في الأولويات السياسية والأمنية فإن الاستحقاقات الأخرى الداخلية تبقى في دائرة الانتظار رغم أهميتها وإن كانت الجهات المراقبة ترى أن أي حلحلة في هذه الاستحقاقات ينتظر ما ستؤول إليه التفاهمات الإقليمية والدولية بما في ذلك الانفتاح الإيراني باتجاه دول الخليج رغم المكابرة السعودية واستمرارها في محاولة عرقلة هذه التفاهمات وهذا الانفتاح.

نصرالله: خلية أزمة لطرابلس
وجاءت مواقف الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في مقابلته مساء أمس مع محطة “أو. تي. في” لتضع النقاط على الحروف حيال العديد من القضايا الساخنة حيث أكد “أننا أول من أدان تفجيرات طرابلس ويوم التفجيرات في طرابلس كنت أشد حزناً من تفجيرات الرويس وبئر العبد لأنه كان واضحاً أن هناك من يريد أخذ البلد إلى فتنة” معتبراً أنه “لولا تدخّل أصدقاء وحلفاء الشيخ هاشم منقارة لكان اتُّهم بتفجيرات طرابلس رغم أن لا شيء عليه” لافتاً إلى أن “هناك اتهاماً لسائق رئيس حزب “العربي الديمقراطي” علي عيد أنه نقل شخصاً وهرّبه إلى سورية لنفترض أن هذا الكلام صحيح فلا شيء يشير إلى أن عيد يعلم”.
ولفت نصرالله إلى أن “تفجيري طرابلس وظّفا في اتهام سياسي واضح ونحن عند وقوع تفجيري الضاحية لم نتهم أحداً الأجهزة الأمنية علمت من له علاقة بتفجير بئر العبد وأين فُخّخت السيارة لكن في تفجيرات طرابلس ذهبوا بالاتهام إلى النهاية” معتبراً أنه “إذا أرادا الدخول في لعبة “أولياء الدم” فكل الناس تستطيع أن تنتج “أولياء دم” ولكن البلد يخرب”.
ورأى نصرالله أن “الأهم في موضوع طرابلس الذهاب إلى الحل وهو ما بدأ الآن والدولة يجب أن تتحمل مسؤوليتها لإيجاد حل” مشيراً إلى أنه “عندما صدر كلام أمس بشكل خاطئ عن تحويل طرابلس منطقة عسكرية تم تخوين رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ولكن بعلبك كانت منطقة عسكرية لفترة طويلة ولا أحد قال الأمر يستهدف الشيعة”.
ولفت نصرالله إلى أن “ما نُقل عن مفتي طرابلس والشمال الشيخ مالك الشعار عن علاقة المسلّحين بالأجهزة الأمنية صحيح” مشيراً إلى “أننا نعرف أن المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي وعلى مدى سنوات هي التي تدفع الأموال للمجموعات المسلّحة وتنقل ذخيرة بسيارات قوى الأمن الداخلي وذلك في السنوات الأخيرة الماضية” معتبراً أن “الحل أن تمسك الدولة بالوضع الأمني في طرابلس وتشكل خلية أزمة وإلى حوار”.

السعودية: لا تشكّلوا
وعلى صعيد الوضع الحكومي لفت نصرالله إلى أن “صيغة 9 9 6 الحكومية التي طرحت مؤخراً منطقية وتحفظ حقوق الجميع” مشيراً إلى “أنه لم يصعّد بكلامه” متسائلاً “ولكن إذا افترضنا أني صعّدت فهل يعطلون البلد لذلك؟”.
وأوضح نصرالله أن “الفريق الآخر يوافق بأغلبه على صيغة 9 9 6 لكن السعودية قالت لهم لا تشكّلوا حكومة الآن وانتظروا والسعودية لا تستعجل على شيء في لبنان العقل اللبناني للفريق الآخر موافق على هذه الصيغة لأنها تعطيهم عملياً أكثر من 9 وزارات ويدخلون إلى السلطة أيضاً”.
ولفت نصرالله إلى “أنه لم يحمل سيفاً على أحد وقال له نريد مجلساً تأسيسياً ولم نعد نتكلم لاحقاً عن الموضوع لأن هناك فريقاً كبيراً لا يريد الموضوع فانتهى” معتبراً أن “هناك من ضغط على ميقاتي ليقوم بما هو يريد أو يستقيل وهذا الفريق من دفع إلى الفراغ” مشيراً إلى أنه “لا أحد استشارنا بتسمية رئيس الحكومة المكلّف تمام سلام بل سمّوا سلام وجاؤوا للحديث معنا ونحن قبلنا على قاعدة تشكيل حكومة وحدة وطنية وسلام هو من 14 آذار”.

حلّ سياسي لسورية
ورأى نصرالله أن “موضوع إسقاط النظام السوري عسكرياً انتهى وبالتالي فالعالم سيذهب إلى حل سياسي في سورية ربما بعض الدول غير مستعجلة للحل السياسي ولكن المزاج العام نحو هذا الحل وأغلب الدول الأوروبية والعربية تعيد فتح الخطوط مع النظام وحدها السعودية ما زالت مصرة على القتال حتى آخر قطرة دم ولا تتحمل أي حل سياسي” لافتاً إلى أن “هناك قراراً سعودياً وبشكل مباشر لمحاولة تغيير الوقائع على الأرض في سورية حتى 22 كانون الثاني المقبل”.
وأعرب نصرالله عن “توقّعه أن في هذه الفترة قد يحصل وضع كبير في أكثر من منطقة ولكن هذه المحاولات ستفشل كما حصل في الغوطة” معتبراً أن “هناك من يعمل على تعطيل مؤتمر جنيف ـ 2”.
ولفت نصرالله إلى أن “هناك جهات بالمعارضة السورية لم نقطع علاقتنا بها” مشيراً إلى أن “خسائر النظام السوري حتى اليوم أكبر من خسائر الطرف الآخر ولو كان النظام يستند إلى القوة العسكرية فقط لما صمد 3 سنوات وهناك قاعدة شعبية كبيرة يستند إليها النظام وبالتالي لا بد من حل سياسي” معتبراً أنه “لا بد من حل سياسي يصنعه السوريون أنفسهم وإذا كان هناك مساعدة خارجية فلمساعدة السوريين لا لفرض حل”.

الجيش يعدّ خطة أمنية لطرابلس
وفي كل الأحوال يستمر الجيش اللبناني باتخاذ الإجراءات في طرابلس لمحاصرة المسلّحين عبر الرد على مصادر النيران والقيام بمداهمات لأماكن وجودهم ويتوقع أن تشهد الساعات المقبلة تنفيذ خطة أمنية محكمة يعدها الجيش اللبناني في ضوء القرار الذي كان صدر عن اجتماع بعبدا مساء أول من أمس. وذكرت مصادر أمنية لـ”البناء” أن الأهم في هذه الخطة ليس فقط كونها بإمرة الجيش بل في أنها ستتم بعيداً عما كان يحصل في السابق من إجراءات بالتراضي لأنه لم يعد ممكناً إبقاء الأمور على ما هي عليه.

اجتماع في منزل ميقاتي
وكان عقد عصر أمس اجتماع موسّع في منزل رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي في طرابلس جرى في خلاله البحث في الخطوات المطلوبة لإنهاء النزيف في المدينة وإعادة الأمن والاستقرار إليها.

… وتساؤلات عن موقفه؟
وفي هذا السياق طرحت تساؤلات حول الأسباب التي دفعت ميقاتي إلى تصوير ما يحصل في طرابلس وكأن سورية تتحمل مسؤوليته وسألت مصادر متابعة: هل أن المقصود من هذا الموقف إرضاء جهات معينة في طرابلس أو جهات إقليمية معروفة؟ وكان ميقاتي ادّعى بعد وصوله إلى طرابلس أمس أنها “لن تتحول إلى وكر من أوكار النظام السوري”!.

قهوجي يلتقي قادة الأجهزة
وفي السياق ذاته عقد قائد الجيش العماد جان قهوجي ظهر أمس اجتماعاً في مكتبه حضره قادة الأجهزة الأمنية والنائب العام التمييزي القاضي سمير حمود أسفر عن التوافق على سلسلة من التدابير والخطوات العملانية والإدارية لإعادة الاستقرار إلى المدينة في ضوء تكليف الجيش مهمة حفظ الأمن فيها لمدة ستة أشهر ووضع كل القوى المسلّحة فيها تحت إمرته.

.. ويؤكّد التصدّي للعابثين بالأمن
وأكد العماد قهوجي أمس أن قرار الجيش الحازم هو التصدّي للعابثين بالأمن في أي مكان كانوا وإلى أي جهة انتموا بعيداً عن الحسابات السياسية والفئوية. وقال إن أي عملية أمنية تنفذها القوى العسكرية لن تكون إلا في إطار ملاحقة المسلّحين ومطلقي النار والمطلوبين بموجب استنابات قضائية.

سلام يرحّب
في سياق متصل رحّب الرئيس المكلّف تمام سلام بقرار تكليف الجيش حفظ الأمن في طرابلس ووضع جميع القوى الأمنية بإمرته معتبراً أن شرط نجاح هذه الخطوة هو التعامل مع كل الأطراف على قدم المساواة وتعاون جميع القوى السياسية في إنجاحها”.

“كتلة المستقبل”
وبدورها دعت “كتلة المستقبل” بعد اجتماعها أمس إلى وقف المعارك الدائرة في طرابلس وقالت إن على الجيش بعد إقرار الخطة الأمنية الجديدة وإيلائه إمرة كل القوى العسكرية والأمنية في المدينة أن يمارس هذه المسؤولية بشكل صارم وعادل من دون تردّد لوقف القتال”.

المعارك في طرابلس
وفي العودة إلى الوضع الميداني فقد استمرت طرابلس أمس أسيرة القذائف بين الحين والآخر مع عمليات قنص مكثفة بعد ليل عنيف من الاشتباكات استخدمت فيه كل أنواع الأسلحة ما رفع عدد القتلى إلى أكثر من 15 قتيلاً والجرحى إلى ما يزيد عن 110 جرحى.

توقيف مطلوبين ومسلّحين
وأعلنت قيادة الجيش في بيان لها أن وحدة من الجيش دهمت مكان وجود أحد المطلوبين الخطرين وهو المدعو أحمد عبد القادر الشامي في محلّة باب الرمل وتعرّضت الدورية خلال عملية الدهم لإطلاق نار من قبل مسلّحين فردت على النار بالمثل وتمكّنت من إلقاء القبض على المطلوب.
كما أشارت إلى أنه تم توقيف 21 شخصاً من منطقتي باب التبانة وجبل محسن لارتكابهم جرائم مختلفة منها المشاركة في إطلاق النار. كما أوضحت أن مديرية المخابرات أحالت ثمانية منهم إلى النيابة العامة العسكرية بينما تستمر التحقيقات مع الآخرين.
كذلك ادعى مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر على عشرة أشخاص بينهم ثمانية موقوفين بمن فيهم حاتم الجنزرلي بجرم تأليف مجموعات مسلّحة بهدف النيل من سلطة الدولة وهيبتها والتعرض لمؤسساتها وفتح معارك عسكرية بين بعل محسن وباب التبانة وقتل ومحاولة قتل عسكريين.. وتصل العقوبة القصوى إلى الإعدام.

توتّر في عين الحلوة
في السياق الأمني أيضاً بقي التوتر يسود مخيم عين الحلوة أمس بعد الاعتداء من قبل عناصر من “جند الشام” على عناصر من حركة فتح قبل يومين ما أدى إلى مقتل عنصرين من الحركة.
وأمس وخلال تشييع أحد عناصر فتح الذي قتل في الحادث المذكور انفجرت عبوة بالشخص الذي كان يزرعها قرب المقبرة في المخيم ما أدى إلى مقتله وجرح ثلاثة آخرين. كما أفيد عن إصابة طفيفة تعرّض لها محمود عبد الحميد عبس الملقب بـ”اللينو” لكن الأخير نفى لاحقاً ذلك.

السابق
الجمهورية: سجال عنيف بين نصرالله والحريري حول السعودية
التالي
البلد: نصرالله يتّهم المخابرات السعودية بتفجير السفارة الإيرانية