أحمد فؤاد نجم: شعر الثورة.. وشاعر خان الثورة كثيرا

احمد فؤاد نجم
"أنا مابخفش وحفضل أقول.. كلمة حق عليها مسؤول"، لطالما رددها الراحل احمد فؤاد نجم مؤكدا بهذين الشطرين انه لن يحني رأسه لاي نظام فاسد،ولن يخضع لاي زعيم او قائد مهما كانت شهرته. لكنّ الكاتب والمفكّر كريم مروّة يروي لـ"جنوبية" أنّ الراحل "ساوم وقدّم تنازلات للأنظمة".

إذا كان من صفة نطلقها على أحمد فؤاد نجم، غير ألقابه التقليدية التي لطالما استخدمها الناس لوصف ما يعنيه لهم، فمن ثوري وشاعر الغلابة وسفير الفقراء إلى الفاجومي.. وغيرها من الالقاب، فإنّ صفة الرجل الذي لا يتعب قد تكون الاكثر ملاءمة لهذا الرجل الكبير.

إبن 84 عاما ظلّ حتّى أنفاسه الأخيرة يحمل رأياً ويريد أن يقول شيئا وأن يشارك في التغيير والثورات واللقاءات. فمنذ ثورة عام 1952 إلى ثورة 25 يناير وهو يثور على الانظمة القمعية ويطالب بالحرية والمساواة.

من مواليد العام 1929، خرج نجم من فقر مدقع، وبلا خلفية دراسية أو أدبية، أخرج الشعر من جلده المتألّم، وصنع مجد شعر العامّية المصرية لأنّه قال ما يفكّر به ملايين المصريين والعرب، من الفقراء والفلاحين وأبناء الأرياف.

في لحظة خروج الشعر العربي من القافية إلى النثر، خبط أحمد فؤاد نجم شعر العامّية على طاولة الستينيات والسبعينيات وفرض اللهجة المصرية كلغة ثورية عربية غير معلنة.

في هذا الاطار علق الملحّن والمطرب اللبناني خالد العبد الله قائلا لـ”جنوبية”: “كلمة نجم مباشرة ومن اول شطر تدخل في القلب وهي تحاكي الاساس”، وأضاف: “بحكك دغري بالمكان، فصوره خلاقة بطريقة غريبة”. ويروي أنّه في نهاية التسعينات “كان نجم في حوار مع زاهي وهبي على تلفزيون المستقبل، وقرأ قصيدة: يا ليل تلالا عالبدر لالا، على ضيّ عينو، رأيت غزالا، قلتلها إسمك، قالتلي لولو، قلتلها ليلي قالتلي لالا”.

يروي العبد الله أنّه قصد نجم في الفندق فورا صباح اليوم التالي وطلب القصيدة، فأعطاه اياها الراحل بلا سؤال، وحين حاول أن يعرض مالا بدل حقوقها أجابه بـ”مسبّة كبيرة”، يقول العبد الله. رفض المال وحصل عاشق نجم والشيخ إمام على ما يريد.

سجنه الإستعمار البريطاني لأنّه كان يساعد الفدائيين، وبقصائده السياسية النقدية المرتكزة على حس اجتماعي عميق تجاه الحرية والعدالة الاجتماعية، اعتقل اكثر من مرة في فترة حكم الرئيسين الراحلين جمال عبد الناصر وانور السادات بعدما غنّى فاليري جيسكار ديستان وشرّفت يا نيكسون باشا. وكلّها غنّاها الشيخ إمام الذي شكّل معه ثنائيا لا ينسى.

وعن هذه المرحلة أكد كريم مروّة، صديق نجم، ان علاقة الثنائي تغيرت في فترة من الفترات وخاصة في الثمانينات: “لكنّ الذي لم يتغير هو الشيخ إمام”. وأشار مروّة الى أنّ “نجم في حياته حصلت بعض التقلبات السياسية في بعض المواقف التي لم تكن متلائمة مع سيرته التي عبر عنها بشعره”. وأضاف في حديث لـ”جنوبية”: “نجم قام ببعض التسويات التي لا تتناسب مع ثبات خطه الشعري، في حين هذه الامور لم يفعلها الشيخ إمام”.

ويروي صديق لنجم رفض نشر اسمه أنّه “في أحد مؤتمرات الحزب الشيوعي اللبناني في الثمانينات جاء الشيخ إمام ليحي حفلا، وحين قلنا له إنّنا نريد دعوة أحمد فؤاد نجم، أجاب بأنّه سيرحل فورا، واصفا نجم بأنّه انتهازيّ”.

رحل صاحب الكلمة “القصاص”، مؤكدا ان “الخط ده خطّي .. والكلمة دي ليَّ”، تاركا أشعارا شعبية لا تنسى ولا تختفي من ذاكرة كل مواطن عربي يأبى الانظمة الديكتايورية ويرفض الخضوع للمسؤولين وكل من نصب نفسه زعيما على شعب. لكنّ الأكيد أنّ صاحب الشعر الثائر دوما هادن كثيرا.

السابق
اغتيال اللقيس: تغيـير قواعد الاستهداف ونزاع على التبـني
التالي
السنيورة: الاغتيال كما الاتهام العشوائي والمتسرع يزعزع الاستقرار