الجمهورية: الجميل في بكركي صباحاً والسنيورة مساءً

كتبت “الجمهورية ” تقول : على وقع الانكشاف الأمني الخطير في البلاد، وبعد الجولة 18 من الاشتباكات في طرابلس، وضعت الدولة الجميع أمام مسؤوليّاتهم من خلال تسليم الإمرة في المدينة للجيش وحدَه، وباتت بالتالي طرابلس تحت إشرافه الكامل لستّة أشهر.
ففي أوّل موقف بعد الوعود بإجراءات أمنية استثنائية يمكن أن تلجم التوتّر في المدينة، التقى رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي وقائد الجيش العماد جان قهوجي عصر أمس في قصر بعبدا لترجمة القرار الذي تمّ التفاهم بشأنه في الإجتماع الأمني الذي عُقد في طرابلس عصر السبت الفائت مع القادة الأمنيّين في المدينة بحضور وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال مروان شربل.
وكشفت مصادر رسمية أنّ اللقاء خُصّص للبحث في تكليف الجيش اللبناني إتّخاذ التدابير اللازمة لتنفيذ تعليمات حفظ الأمن في طرابلس لمدة ستة أشهر، ووضع القوى العسكرية والقوى السيّارة بإمرته، إضافةً إلى تنفيذ الإستنابات القضائية التي صدرت والتي ستصدر”.
وبعد الاجتماع الأمني قال ميقاتي إنّ الاتفاق تمّ على إجراءات عدّة، منها تكليف الجيش بالإمرة العسكرية، وجعل طرابلس منطقة عسكرية لمدّة 6 أشهر.
وقد تركت تصريحاته ردّات فعل سلبية في طرابلس، واعتبر داعي الإسلام الشهّال انّ ميقاتي “باع” طرابلس، معتبراً أنّ قرار وضع الإمرة للجيش اللبناني في المدينة “استهداف للطائفة السنّية”، واعداً بالعمل من “أجل إجهاضه وإسقاطه سياسيّاً”.
وسارعَ ميقاتي الى توضيح ماهية القرار، فنفى في تغريدة له على “تويتر” أن يكون قد أعلن أنّ “طرابلس ستتحوّل إلى منطقة عسكرية”.
بدوره أوضح مرجع أمنيّ معنيّ لـ”الجمهورية” أنّ ما تقرّر على مستوى الإمرة للضابط الأكبر أي الجيش، لا يرقى الى مرتبة إعلان المدينة منطقة عسكرية، فللخطوة مقوّمات غير متوفّرة بقرارات من هذا النوع، ولا تتّصل بهذه الخطوة إطلاقاً.
تزامُناً، كانت القوى الأمنية تواصل تدابيرها على الأرض في طرابلس، وعزّز الجيش اللبناني، الذي باشر صباح أمس الإثنين تولّي إمرة القوى الأمنية والعسكرية في المدينة، إجراءات أمنية في محيط مراكزه، وكثّف من دورياته المؤلّلة في الشوارع وواصل أعمال الدهم في مناطق التوتّر في بعل محسن وباب التبّانة، وصادرَ مزيداً من الأسلحة من مناطق عدّة.
ووصلت ظهر أمس الى المدينة، وبناءً على طلب من قيادة الجيش قوّة من القوى السيّارة المؤلّلة في قوى الأمن الداخلي ضمّت نحو 600 ضابط وعسكري، لتكون في تصرّف الجيش وإمرته بانتظار الدور الذي ستلعبه.

إحصاء القتلى والجرحى
وقال مرجع أمنيّ في آخر إحصاء له صدر ظهر أمس الإثنين إنّ عدد القتلى منذ بدء الجولة الحاليّة ناهز العشرة، وعدد الجرحى المدنيّين والعسكريين تجاوز الـ 105 جرحى.
وفي تطوّر قضائي، أمر مفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر بتوقيف 8 أشخاص بحوادث طرابلس الاخيرة، بينهم حاتم الجنزرلي، وطلب معرفة كامل هويّة نحو 60 آخرين لاتّخاذ الإجراء القانوني في حقّهم. وأفادت مصادر عسكرية أنّ الجنزرلي هو أحد قادة المحاور، وهو الذي يفرض خوّات ويقوم بأعمال استفزازية ضدّ عناصر الجيش اللبناني.

عرسال
ومن طرابلس إلى عرسال، حيث عملت جرّافات تابعة للجيش اللبناني على إقفال كلّ المعابر والطرق إلى سوريا عند الحدود الشمالية لجهتي عرسال والقاع، عبر إقامة سواتر مرتفعة عليها.

الرفاعي
وقال عضو كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب كامل الرفاعي لـ”الجمهورية”: “يتوقّع الجميع حصول معركة قوية وطويلة الأمد في ما يسمّى بمنطقة القلمون، والمعروف أنّها على الحدود اللبنانية، وأن يحصل نتيجتها نزوح سكّاني من المنطقة إلى الأراضي اللبنانية، ولا سيّما إلى منطقة عرسال، يترافق مع نزوح عسكريّ للمسلحين مع آليّاتهم وأسلحتهم الى الداخل اللبناني.
لذلك يعمل الجيش، في ظلّ إمكاناته الضئيلة المتاحة له، على إغلاق المعابر التي يمكن أن يسلكها هؤلاء المقاتلون السوريّون هرباً من جحيم المعركة في القلمون، وما يتسبّب ذلك من أوضاع غير أمنية في لبنان.
وأوضح الرفاعي أنّ الجيش لا يقفل هذه المعابر في وجه النازحين المدنيّين، إذ إنّ هناك معابر أخرى يمكن أن يدخلها هؤلاء من خلال مراقبة الجيش اللبناني.
وجدّد الرفاعي مطالبته بأن يأخذ الجيش دوره، “فالمؤسّسة نعتمد عليها، وتقوم بواجباتها على أكمل وجه، لكنّ إمكاناتها عدداً وعدّة لا تزال دون المستوى المطلوب، وآنَ لنا أن يكون هناك حكومة ومسؤولون يدعمون الجيش بالعتاد والعدّة، ويوفّرون له الغطاء السياسي كي يقوم بواجباته على كامل الأراضي اللبنانية”.
وتوقّع الرفاعي أن تطول مدّة معركة القلمون نتيجة تضاريس المنطقة الجغرافية، وأن تحصل معارك كَرّ وفَرّ لغاية 22 كانون الثاني موعد انعقاد مؤتمر “جنيف 2″، مُبدياً اعتقاده بأنّها “ورقة ضغط يريد كلّ فريق استعمالها وصولاً إلى هذا الموعد”.

الجميّل في بكركي
وفي الحراك السياسي، زار رئيس حزب الكتائب أمين الجميّل البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، مشدّداً بعد اللقاء على أنّ المطلوب تأليف حكومة قادرة وفي أسرع وقت، ووقف الشروط والشروط المضادّة والحسابات الضيّقة، معتبراً أنّ لبنان يعيش في وضع خطر جدّاً، فيما تتصرّف القيادات بغير مسؤولية.
وأكّد الجميّل، بعد لقائه البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي في بكركي، أنّه لا يجوز الكلام عن فراغ رئاسيّ، قائلاً: “لا نريد رئيساً لا طعم له ولا لون، بل نريد رئيساً يواجه التحدّيات”، مشيراً إلى أنّ شخص الرئيس المقبل هو برنامجه. ورأى أنّ حياد لبنان هو حياد فعّال، وأنّ من مصلحة لبنان أن يبصر مؤتمر جنيف 2 النور وأن يؤدّي إلى نتائج عملية.

مصدر كتائبي
وقال مصدر كتائبي لـ”الجمهورية” إنّ زيارة الجميّل الى بكركي كانت مهمّة في توقيتها، إذ جاءت بعد عودة البطريرك من روما وبعد مهرجان الكتائب في “البيال” وبعد تلبيته دعوة السفير الإيراني غضنفر ركن أبادي إلى مأدبة عشاء في منزله، وتأتي زيارته قبيل تحرّك إقليمي ودولي يعتزم الجميّل القيام به قريباً.
وأوضح المصدر أنّ الاجتماع تركّز على مواضيع الإستحقاقات، وهي: أوّلاً: ماذا يجب أن يقوم به السياسيّون مع الدولة لوقف التدهور الأمني. ثانياً: لا يجوز ترك البلاد بلا حكومة، وبالتالي يجب تجاوز الشروط مهما تكن، وتأليف حكومة جامعة، وهذا كان عليه موقف الراعي أيضاً.
ثالثاً: إستحقاق الإنتخابات الرئاسية وضرورة القيام بمجموعة من المبادرات في الداخل والخارج لتأمين حصول هذه الانتخابات. وقد نفى البطريرك كلّ الأخبار التي صدرت أخيراً حول تسميته مرشّحين لرئاسة الجمهورية أو تفضيله أحداً، مؤكّداً أنّ هذا الأمر سيتمّ من خلال التشاور مع القيادات. وأيّد الجميّل هذا التوجّه وضرورة دعم رئيس الجمهورية ومؤسّسة الجيش وقضية تأليف الحكومة.

تحرّك السنيورة
في الموازاة، سُجّل تحرّك لافت لرئيس كتلة “المستقبل” النيابية فؤاد السنيورة، بعد زيارته الى عين التينة أمس الأوّل، ولقائه رئيس مجلس النواب نبيه برّي. فزار صباح أمس سليمان في بعبدا، قبل ان يتوجّه مساءً إلى بكركي على رأس وفد من “المستقبل” ويتعشّى إلى مائدة البطريرك الماروني تلبيةً لدعوته.
وأوضح السنيورة أنّ التشاور جرى في آخر التطوّرات والمستجدّات في لبنان والمنطقة من أجل البحث في ما يحصّن لبنان واللبنانيّين، ويحميهم من هذا الأتون الذي يحيط بنا”. مؤكّداً أنّ وجهات النظر كانت متطابقة “خصوصاً لجهة التمسّك بالمبادئ التي حدّدها بيان إعلان بعبدا”.

شطح
وأوضح مستشار الرئيس سعد الحريري الوزير السابق محمد شطح، والذي كان في عداد الوفد الى بكركي لـ”الجمهوريّة” أنّ “وجهات النظر كانت متطابقة مع الراعي، حيث تمّ البحث في المسائل الوطنية ومستقبل البلد بعد مخاطر الفلتان الأمني في طرابلس”، مشيراً إلى أنّ “ملفّ الإستحقاق الرئاسي جاء في سياق الأخطار التي تهدّد البلاد إذا ما حصل الفراغ، لكنّ الإجتماع لم يتطرّق إلى أسماء المرشّحين، ولم يدخل في تفاصيل الإستحقاق، لأنّ الوقت ما زال مبكراً، كذلك، فإنّ الانتخابات الرئاسية موضوع وطنيّ يعني جميع الأطراف”. وأوضح أنّ المجتمعين خرجوا “بنظرة موحّدة مع الراعي لجهة التعامل مع الإستحقاق الرئاسي”.
في المقابل، أكّدت مصادر متابعة شاركت في اللقاء لـ”الجمهورية” أنّ “الاجتماع لم يدخل في صلب الإستحقاق والتشاور في الأسماء المطروحة وغربلتها، بل اكتفى بالعموميات والتشديد على المبادئ التي تنجّح الإستحقاق، فالبطريرك عرض وجهة نظره من حيث العمل على خطّين: الأوّل دستوري، أي إيجاد الآلية المناسبة لحضور جميع النواب جلسة الإنتخاب وعدم الوصول الى المقاطعة، والخروج من جدلية النصاب.
والثاني واقعي، حيث أكّد أنّه لم يطرح لائحة أسماء بل لفت الى وجود سبعة مرشّحين يتداولهم الناس، وإذا لم يحظَ أيّ واحد منهم بالإجماع ننتقل الى اسم ثامن أو تاسع أو عاشر. وقال الراعي إنّه علينا كلبنانيّين أن نكثّف الحوارات، ونُتمّم “فرضنا”، لا أن ننتظر الخارج وكلمة السرّ، ولن نقبل برئيس معلّب كما كان يحصل في السابق”.

“التكتّل” و”الاشتراكي”
وفي الحراك الداخلي، علمت “الجمهورية” أنّ اجتماعاً سيُعقد في الثالثة بعد ظهر الخميس المقبل في مجلس النوّاب بين نوّاب تكتّل “الإصلاح والتغيير” ابراهيم كنعان وآلان عون وسيمون أبي رميا وزياد أسود، ونوّاب الحزب التقدّمي الإشتراكي عُرف من بينهم النائبان أكرم شهيّب وإيلي عون، وذلك في إطار اللقاءات التي يعقدها التكتّل مع مختلف الكتل النيابية. ويبقى على جدول لقاءاته لقاء مع كتلة القوات اللبنانية وكتلة “الوفاء للمقاومة”.

“سلسلة الرتب”
على صعيد آخر، عاد ملفّ سلسلة الرتب والرواتب إلى الواجهة مع التهديدات التي أطلقتها هيئة التنسيق النقابية بإعلان الإضراب مجدّداً اليوم، في حال لم تنجز اللجنة النيابية الفرعية برئاسة النائب ابراهيم كنعان المشروع وتحيله إلى اللجان المشتركة. وتعقد هيئة التنسيق بعد ظهر اليوم اجتماعاً لتأخذ القرار المناسب في ضوء نتائج أعمال اللجنة.
من جهته، قال كنعان لـ”الجمهورية” إنّ اللجنة التي واصلت اجتماعاتها حتى مساء أمس انتهت من صياغة مشروع السلسلة الذي صار مكتملاً ويحتاج إلى نوع من أنواع الصياغة النهائية، والتي سيتمّ إنجازها في اليومين المقبلين.
ويبقى السؤال، هل توافق هيئة التنسيق النقابية على تأجيل قرار الإضراب لفترة إضافية بانتظار انتهاء مشروع “السلسلة”، أم نشهد اليوم إعلاناً جديداً للإضراب؟

السابق
الأخبار: قطر تتراجع عن ترحيل اللبنانيين
التالي
البناء: هيمنة المسلّحين على طرابلس تحصد 10 قتلى و20 جريحاً