النهار: الجيش في طرابلس نصف حال طوارئ

كتبت “النهار ” تقول: لم تعلن طرابلس منطقة عسكرية ولا أعلنت فيها حال الطوارئ، لكنها ستكون في ظل وضع هو أقرب الى نصف حال طوارئ مدة ستة أشهر بإمرة عسكرية وأمنية احادية للجيش.
هذه الخطوة القسرية التي تمّ التوصل اليها مساء أمس في الاجتماع الثلاثي في قصر بعبدا، الذي ضم رئيس الجمهورية ميشال سليمان ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي وقائد الجيش العماد جان قهوجي، بدت بمثابة آخر الكي المتاح بعدما بلغت حصيلة اليوم الثالث من الجولة الـ 18 من القتال التي تشهدها المدينة أكثر من عشرة قتلى و92 جريحا منذرة باتساع النزف وبتداعيات اشد فداحة على الصعيدين الاجتماعي والاقتصادي. وتقرر في اجتماع بعبدا السير في صيغة تكليف الجيش كما اعلنها الرئيس ميقاتي لاحقا بما لا يحتاج الى قرار من مجلس الوزراء باعتبار ان الحكومة مستقيلة .
واشار ميقاتي الى انه تقرر “تكليف الجيش اتخاذ التدابير اللازمة لتنفيذ تعليمات حفظ الامن في طرابلس لمدة ستة اشهر ووضع القوى العسكرية والقوى السيارة بامرته بالاضافة الى تنفيذ الاستنابات القضائية التي صدرت والتي ستصدر”.
واذ أثار القرار التباسا حيال إعلان طرابلس منطقة عسكرية، نفى ميقاتي بشدة ما تردد على لسانه في هذا السياق، وقال لـ”النهار”: “إن هذا الموضوع لم يكن وارداً من الأساس”، كاشفاً أن القرار المشترك له ولرئيس الجمهورية “تكليف الجيش الامرة العسكرية يأتي تنفيذا للخطة الامنية التي وضعها وزير الداخلية وهو يهدف الى حصر المرجعية العسكرية بالجيش منعاً للإزدواجية في تطبيق القرارات الامنية والعسكرية المتخذة”.
ورداً على سؤال عن سبب عدم إقدامه ورئيس الجمهورية على هذا القرار من قبل، قال: “إن القرار ورد في الخطة الامنية وكنا ننتظر تطبيقه وعندما تبين ان ثمة أكثر من قرار أمني يصدر عن أكثر من جهاز امني ولا سيما من قوى الامن الداخلي، فكان لا بد من توحيد مرجعية القرار”، معربا عن أمله في ان يؤدي ذلك الى الالتزام التام للقرارات الصادرة عن الجيش، مؤكداً “ان قيادة الجيش تتمتع بالغطاء السياسي الكامل وهذا ليس قراراً جديداً”.
وعن اتهامات سيقت ضده بأنه “يضحّي بأهل السنة”، اعتبر أن “هذا الكلام غير صحيح لأنه لا يمكن اعتبار تكليف الجيش حفظ الامن ضد السنة، لأن السنة هم المستهدفون برصاص القنص في الايام الاخيرة”.
وعلمت “النهار” أن هذا القرار لم يكن متخذاً قبل اجتماع بعبدا الذي طرحت فيه صيغة قرار تكون ضمن الأنظمة والقوانين باعتبار أن الحكومة مستقيلة، بحيث لا يحتاج التدبير الى مجلس وزراء ولا يرتب ايضا أعباء مالية اضافية على الخزينة. واتفق على صيغة القرار التي أعلنت استنادا الى قرار المجلس الاعلى للدفاع بموافقة استثنائية موقعة من رئيس الحكومة، علما ان صيغة تكليف الجيش هذه المهمة تستند الى المادة 4 من قانون الدفاع المتعلقة بالمحافظة على الامن في منطقة أو مناطق عدة معرضة للخطر والتي تلحظ وضع جميع القوى المسلحة تحت إمرة قائد الجيش بمعاونة المجلس العسكري وفي إشراف المجلس الاعلى للدفاع.
كما ان القرار يشمل تحديد المنطقة الجغرافية وتنفيذ الاستنابات القضائية التي صدرت في شأن الاحداث الاخيرة وتلك التي ستصدر لاحقاً. وعلم أن الامين العام لمجلس الوزراء سهيل بوجي حضر مساء الى السرايا ووضع الصيغة النهائية الرسمية للقرار الذي وقعه الرئيس ميقاتي.
ويُشار في هذا السياق الى معلومات ترددت عن إمكان اقتران هذا التدبير بمناقلات جديدة واسعة في صفوف قيادات الأجهزة الامنية في طرابلس والشمال. واعتبرت أوساط معنية أن الاشهر الستة التي حددت لتكليف الجيش حفظ الامن في طرابلس تعتبر بمثابة مرحلة اختبارية وحاسمة نظراً الى طول المدة وامكان تغيير الانماط الامنية والعسكرية والقضائية في التعامل مع الفوضى المسلحة التي تعانيها المدينة، كما أن القرار الذي صدر بتكليف الجيش سيشكل اختباراً حازماً لصدقية القوى السياسية في اثبات عدم تورطها في حماية اي فريق مسلح. وكان الجيش شرع منذ يومين في عمليات دهم ومصادرة أسلحة، كما صدرت مذكرات قضائية بتوقيف ثمانية اشخاص والتحري عن 60 آخرين. وليلاً قام الجيش بمزيد من عمليات الدهم قرب جامع طينال وفي باب الرمل حيث رد على نيران استهدفته من مجموعة مسلحة.

في بكركي
على الصعيد السياسي، شهدت بكركي أمس حركة بارزة تناولت مجمل التطورات التي تشهدها البلاد ولم تغب عنها آفاق الاستحقاق الرئاسي. وبعد زيارة صباحية للرئيس أمين الجميل، التقى البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي مساء الرئيس فؤاد السنيورة يرافقه وفد من كتلة “المستقبل” ضمّ النواب عاطف مجدلاني واحمد فتفت وهادي حبيش ونبيل دو فريج والوزير السابق محمد شطح. وقالت أوساط الرئيس فؤاد السنيورة لـ”النهار” إن ما صرّح به بعد لقائه البطريرك الراعي هو تماما ما جرى في اللقاء.
ومن أبرز ما صرّح به أن “وجهات النظر كانت متطابقة مع غبطة البطريرك الراعي، وخصوصاً لجهة التمسك بالمبادئ التي حددها بيان اعلان بعبدا، ولا سيما في ما خص العمل على التحييد عن الصراعات والنزاعات الاقليمية والدولية، وتحديدا في ما يتعلق بالصراع الدائر في سوريا، وكل ذلك من أجل حماية لبنان واللبنانيين”. وشدد على “التمسك بالعيش المشترك الواحد وبالديموقراطية نظاما وآلية واسلوباً لتداول السلطة”، مؤكدا ان اتفاق الطائف “هو نقطة تلاق واجماع بين اللبنانيين ولم يجر تطبيقه بعد في شكل كامل، وان الحاجة في المرحلة المقبلة تقضي بتأكيد التزامه والعمل على تطبيقه”.
وكان الرئيس السنيورة عرض مع الرئيس سليمان في القصر الجمهوري الأوضاع والتطورات السياسية والحكومية والامنية وآفاق حركة الاتصالات والمشاورات التي يقوم بها مع عدد من القيادات.

السابق
جهاديّو عين الحلوة: سنخرج لكي لا يُدمّر المــخيّم
التالي
السفير: الجيش للمسلحين الأمر لي