المستقبل: اجتماع بعبدا يضع خطاً أحمر على استقرار السلم الأهلي

كتبت “المستقبل ” تقول: ارتفاع منسوب الاهتمام الرسمي بالوضع الكارثي في طرابلس من خلال تكليف الجيش اتخاذ “الإجراءات اللازمة” لضبط الوضع والامرة على باقي الأجهزة الأمنية، لم يخفف كثيراً من منسوب التوتّر وحرارة الاشتباكات ميدانياً، وهي التي استمرت أمس لليوم الثالث على التوالي ضارية وبمختلف أنواع الاسلحة ما رفع عدد الشهداء إلى 11 وعدد الجرحى إلى ما فوق السبعين معظمهم من المدنيين.
وساد لغط في شأن خلاصة الاجتماع في القصر الجمهوري والذي ضمّ إلى رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي وقائد الجيش العماد جان قهوجي وقيل بعده ان القرار اتخذ بإعلان طرابلس “منطقة عسكرية” قبل أن يتوضّح لاحقاً، وعلى لسان ميقاتي، ان الأمر دون ذلك، وأنّ القرار يقضي “بتكليف الجيش اتخاذ التدابير اللازمة لتنفيذ تعليمات حفظ الأمن لمدة ستة أشهر ووضع القوى العسكرية والقوى السيّارة تحت امرته بالإضافة إلى تنفيذ الاستنابات القضائية التي صدرت والتي ستصدر”.
وأوضحت لـ”المستقبل” مصادر مطلعة “ان القرار يجمّد الوضع ولا يعالج المشكلة، لكن لا شيء يمنع الجيش طالما تم تفويضه من أن يداهم ويصادر ويوقف أي مشبوه أو مسلح أو متهم”. مشيرة الى ان جعل المدينة أو أي مدنية وناصية، منطقة عسكرية، أمر يحتاج إلى قرار من مجلس الوزراء. وقالت “كنا نحضر الاجتماعات الأمنية سابقاً ولم يكن مقبولاً تحويل المدينة إلى منطقة عسكرية لأنه يخيفها ويضعها في قبضة حديدية”.
وأكد وزير الداخلية مروان شربل بدوره لـ”المستقبل” انه “ليست هناك منطقة عسكرية ولا حالة طوارئ في طرابلس. الأولى تحتاج إلى مجلس وزراء والثانية إلى مجلس نواب، والذي سيحصل هو أنّ الجيش سيتولى تنفيذ الخطة الأمنية والاستنابات القضائية التي صدرت وستصدر وكل الأجهزة الأمنية ستأخذ دورها في هذا المجال على أن تكون تحت امرة الجيش”.
وأكد النائب سمير الجسر ليلاً ان ما تقرّر كان متفقاً عليه مسبقاً في الاجتماع الذي عقد السبت الماضي لكل وزراء ونواب طرابلس مع الرئيس ميقاتي وبعد اتصالات جرت مع الرئيس سليمان، مشيراً إلى “ان لا إشكال لأحد في المدينة مع القرار طالما أنه يحصر الموضوع برمته بالجيش”، ورأى في اتصال مع “المستقبل” ان ما تقرر “يساعد في معالجة الوضع وهناك بصيص أمل”..

خط أحمر
وكانت أوساط المجتمعين في قصر بعبدا أوضحت أنه “تم التأكيد خلال الاجتماع على نقطتين، الأولى ان استقرار السلم الأهلي هو خط أحمر لن يُسمح بتجاوزه. والثانية ان الأمور لم تصل بعد إلى حد اقتحام الجيش مناطق مأهولة”.

وعلى المستوى القضائي، بحث النائب العام التمييزي بالنيابة القاضي سمير حمود مع مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر وضباطاً من الشرطة العسكرية ومديرية المخابرات وشعبة المعلومات في الاستنابات القضائية التي سطرها صقر إلى الأجهزة الأمنية. وكان الأخير أمر بتوقيف ثمانية أشخاص بينهم حاتم الجنزرلي وطلب معرفة هوية 60 آخرين “لاتخاذ الاجراء القانوني في حقهم”.

الوضع الميداني
وتراجعت حدّة الاشتباكات ليلاً بعد أن كانت اشتدت عصراً خصوصاً على جبهة الملولة والمنكوبين من جهة وجبل محسن من جهة ثانية ما اضطر الجيش إلى استخدام المضادات الأرضية بكثافة رداً على مصادر القنص التي استهدفت جسر الملولة من أبنية تقع في جبل محسن والتي أدت إلى جرح عسكريين، وتأمين سحب الجرحى. وأدى تصاعد حدة الاشتباكات وسقوط القذائف إلى اندلاع عدد من الحرائق في شقق سكنية في منطقتي التبانة والجبل وتحديداً بين بعل الدراويش والحارة الجديدة.
الجيش اللبناني وخلال تنفيذه اجراءاته الأمنية وعمليات الدهم اعتقل شخص من آل عبدالعزيز في جبل محسن وصادر منه قاذف صواريخ من نوع “أر.بي.جي” ورشاش متوسط نوع “bkc” وبندقية. كما داهم أيضاً مراكز للمدعو فهد الزير بعد أن قام باطلاق النار على دورية للجيش.
وأصدرت مديرية التوجيه في قيادة الجيش بياناً أكدت فيه ان وحدات الجيش واصلت تعزيز اجراءاتها الأمنية في طرابلس (…) وشملت تسيير دوريات وإقامة حواجز تفتيش، والرد على مصادر القنص، وإزالة الدشم المستحدثة، كذلك تنفيذ عمليات دهم أماكن تجمع المسلحين، أسفرت عن ضبط اسلحة حربية خفيفة ومتوسطة وذخائر وأعتدة عسكرية متنوعة، بالاضافة الى عدد من أجهزة الاتصال اللاسلكية، وتم تسليم المضبوطات إلى المراجع المختصة لاجراء اللازم”.
وتواصلت في موازاة ذلك التحضيرات في سراي طرابلس بعد وصول أربعمئة عنصر من العناصر السيّارة التابعة لـ”سرية الفهود” في قوى الأمن الداخلي استعداداً للانتشار في مناطق الاشتباكات وأحياء المدينة، والمقرر مبدئياً صباح اليوم.

إخبار
إلى ذلك، طالب عضو كتلة “القوّات اللبنانية” النائب انطوان زهرا باعتبار ما أدلى به مسؤول العلاقات السياسية في “الحزب العربي الديموقراطي” رفعت عيد عن “ان رئيس الجمهورية حمل من السعودية أوامر بمحاربة 8 آذار وبدأ بالشمال بمثابة إخبار للنيابة العامة من قِبَلي أنا بصفتي نائباً في البرلمان إذا لم تعتبر النيابة العامة أنّ تصريحه في احدى الصحف الصادرة بمثابة إخبار، لأنّه لا يجوز التحدّث عن وجود دولة إذا لم يتحرّك القضاء أمام هكذا حالات على حدّ تعبيره”.
وإذ استنكر “ظاهرة إطلاق الرصاص على أقدام عمّال ينتمون لفئة مُعيّنة ومنطقة محدّدة في طرابلس”، اعتبر أنّ “جبل محسن صنّفت حالها على أنها منطقة سورية وتتعاطى مع مُحيطها على هذا الاساس”. وتوجّه إلى النيابة العامة سائلاً “هل تحرّكت بعد الاتّهام الجنائي الذي وجّهه “قبضاي” جبل محسن رفعت عيد إلى الرئيس سليمان بإتّهامه بأنّه رئيس لقوى “14 آذار” وبأنّه عاد من السعودية مكلّفاً بضرب قوى “8 آذار””؟، أليس هذا اتّهاماً جنائياً لرئيس البلاد وتحقيراً لموقع الرئاسة الأولى وشخص رئيس الجمهورية؟، عن أي دولة نتحدّث إذا ظلّ رئيس الجمهورية رمز كرامتها ووحدتها يتعرّض لهذا النوع من التحقير الشخصي من دون ان تتحرّك النيابة العامة”؟.

بكركي
على صعيد آخر، أكد رئيس كتلة “المستقبل” الرئيس فؤاد السنيورة بعد زيارته على رأس وفد، البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في بكركي “تطابق وجهات النظر مع البطريرك لجهة التمسك بالمبادئ التي حدّدها إعلان بعبدا” مشيراً الى اننا “شددنا على التمسّك بأساس لبنان وهو العيش المشترك وبالديموقراطية (…) وانّ ما يجمع اللبنانيين هو تمسّكهم بما أنجزوه أي الميثاق الوطني الذي تطوّر بارادتهم وإجماعهم في الطائف وتحوّل دستوراً”، وأكد “ان هذا الاتفاق هو نقطة تلاق وإجماع بين اللبنانيين ولم يجرِ تطبيقه في شكل كامل، والحاجة في المرحلة المقبلة تقضي بتأكيد الالتزام به من خلال العمل على تطبيقه”.
وقالت أوساط السنيورة لـ”المستقبل” ان التصريح الذي أدلى به بعد اللقاء “يتطابق تماماً مع مواضيع البحث التي دارت فيه من دون زيادة ولا نقصان”.

السابق
الديار: اشتباكات عنيفة ليلاً وشهداء وجرحى للجيش
التالي
اللواء: سباق بين الحل السياسي والتداعيات الميدانية