اللواء: سباق بين الحل السياسي والتداعيات الميدانية

كتبت “اللواء ” تقول: من يسبق من : توسع رقعة الاشتباكات في طرابلس وتعنيف الموجهة الحاصلة بين جبل محسن وباب التبانة، ام الخطة التي خرج بها اجتماع بعبدا بين الرئيسين ميشال سليمان ونجيب ميقاتي وقائد الجيش العماد جان قهوجي والتي تقضي “تكليف الجيش اللبناني اتخاذ التدابير اللازمة لتنفيذ تعليمات حفظ الامن في طرابلس لمدة ستة اشهر”؟
الموقف الميداني ليلاً احتدم بين المتقاتلين في المنطقتين بعد يوم شهد عمليات دهم لاماكن تجمع المسلحين ومصادرة ذخائر واسلحة، ومقتل رجل واصابة عشرة آخرين بجراح، بينهم عسكريون، لكن الوضع بشكل عام اتسم بتراجع حدة الاشتباكات.
إلا ان هذا لا يعني، وفقاً لمصدر طرابلسي مطلع، ان الخطة الامنية القاضية باسناد حفظ الامن للجيش ووضع القوى العسكرية والامنية والقوى السيّارة بأمرته مشفوعة بتنفيذ الاستنابات القضائية التي صدرت او التي قد تصدر، قليلة الحظ او لا يمكن لها ان تنجح، مع العلم ان اللقاء الوطني الاسلامي الذي انعقد في منزل النائب محمد عبد اللطيف كبارة، رحب بهذا التدبير، وكذلك فعل الحزب العربي الديمقراطي.
واذا كان الرئيس نجيب ميقاتي يتوجه الى طرابلس اليوم لمواكبة تنفيذ الخطة، التي يتولى الجيش القيام بها بعد حصوله على القرار السياسي الواضح من السلطة الاجرائية، فإن الموقف الذي اعلنه داعي الاسلام الشهال من اتهام الرئيس ميقاتي بأنه “يبيع طرابلس” بقرار اعلانها منطقة عسكرية، معتبراً انه “استهداف للطائفة السنية في معقلها”، خفف من تأثيره انه جاء في ضوء التباس من ان الخطة تعلن طرابلس منطقة عسكرية لمدة ستة اشهر.
وفي هذا الاطار اكد الامين العام لمجلس الدفاع الاعلى اللواء محمد خير لـ”اللواء” ان القرار لا يستند اطلاقاً الى المادة 4 من قانون الدفاع التي تجيز اعلان حالة الطوارئ العسكرية، او ما اصطلح عليه تعبير “المنطقة العسكرية” لان تطبيق هذه المادة يحتاج الى موافقة مجلس الوزراء، موضحاً ان الرئيس ميقاتي لم يوافق على هذا الامر، عندما طرح في اجتماع بعبدا، واصر على تكليف الجيش بحفظ الامن فقط.
ولفت الى ان القرار يشمل حدود مدينة طرابلس فقط اي من البحصاص جنوباً الى البداوي شمالاً.
وفي السياق نفسه، اكد وزير الداخلية والبلديات مروان شربل، ان القرار الذي صدر عن بعبدا لا يعني ان طرابلس اصبحت منطقة عسكرية، بل شبيه بالوضع الذي تقرر بموجبه تكليف الجيش حفظ الامن في عبرا شرقي صيدا.
وكشف مصدر حكومي أن التباساً حصل على اثر ما اذيع عبر وسائل الاعلام بخصوص المنطقة العسكرية، مما اثار اعتراضات طرابلسية بالجملة والمفرق، على اعتبار ان اعلان طرابلس منطقة عسكرية يعني من ضمن ما يعني اعلان حالة طوارئ وحظر تجول، لكن الرئيس ميقاتي سارع الى توضيح الامر، مؤكداً ان القرار هو فقط يعني وضع المدينة تحت اشراف الجيش لمدة ستة اشهر فقط، بمعنى وضع القوى الامنية تحت امرة الجيش.
وأوضح المصدر أن الرئيس ميقاتي يعتبر القرار خطوة متقدمة، وهو متفائل به، طالما أن الجميع اجمعوا على الترحيب به، مشدداً على التعاون لتنفيذه من أجل وقف النزف في عاصمة الشمال.
وأشار إلى انه سيكون هناك متابعة للقرار الذي اتخذ من خلال اجتماع موسع سيعقد اليوم في طرابلس، لجميع الفعاليات، قد يحضره الرئيس ميقاتي.
وكشف المصدر لـ?”اللواء” أن القرار الذي اتخذ في بعبدا، سبق ان اقترحه وزير الداخلية في الاجتماع غير المعلن الذي عقد في منزل ميقاتي في طرابلس يوم السبت، على أن يبدأ تنفيذه اعتباراً من اليوم، وأن كان لا يختلف كثيراً عمّا اقترحه رئيس مجلس النواب نبيه برّي على الرئيس ميقاتي، قبل سفره إلى طهران.
إلى ذلك، لفتت مصادر مطلعة إلى أن ما خلص إليه اجتماع بعبدا الذي اقتصر على الرئيسين سليمان وميقاتي والعماد قهوجي، لم يخرج بصيغة مرسوم، بل قرار تمت صياغته بعناية ووضوح، على أن يُشكّل محور متابعة من الرئيس سليمان بصفته رئيس المجلس الأعلى للدفاع، ولا سيما وانه استند إلى قانون الدفاع الذي ينص على تكليف الجيش مهام حفظ الأمن في المنطقة المعرضة للخطر.
وفُهم أن قهوجي أبدى استعداداً كبيراً لتنفيذ القرار بحذافيره، حتى وإن استدعى ذلك استقدام عناصر جديدة من الجيش إلى المدينة، وهو ما حصل فعلاً خلال الليل، حيث تمّ استقدام قوات إضافية من القوة الضاربة.
وكان الرئيس سليمان وميقاتي فاتحا قهوجي برغبتهما وضع طرابلس تحت إمرة الجيش منذ أيام قليلة فقط.
وأكدت المصادر أن القرار سيتابع بشكل يومي لأن الغاية منه تجنيب المدينة نزفاً دموياً جديداً وضبط كل اشكال المخالفات، وعدم ترك المدينة رهينة السلاح الذي يبقى معضلة، وسط وجود شكوك حول نجاح المساعي لسحبه من جميع المتقاتلين.
وفي الإطار عينه، رأى عضو كتلة “المستقبل” ونائب طرابلس سمير الجسر لـ?”اللواء” أن توحيد الامرة وتسليمها إلى الجيش بداية تعبّر عن حسن نية، عل وعسى أن تحقق المبتغى، لكنه شدّد في الوقت نفسه على أن الحل يبقى أولاً وأخيراً في الاقتصاص من المسؤولين عن تفجير مسجدي “السلام” و”التقوى”، مطالباً القضاء بممارسة دوره في هذا المجال، مشيراً إلى انه لو مارست الأجهزة الأمنية دورها كاملاً لما كانت الامور وصلت الى الحد الذي وصلت اليه اليوم، قائلاً: للأسف يتحدثو ن عن خطط أمنية لكن حتى الآن لا توجد خطة أمنية بل مجرّد حبر على ورق، خصوصاً في ظل التضارب في صلاحيات الأجهزة الامنية المفترض ان تنفذ الخطة على الأرض.

حركة السنيورة
وتزامنت هذه التطورات مع حركة سياسية داخلية تولى الرئيس فؤاد السنيورة تظهير محطاتها، إذ زار بعبدا وبكركي بعد عين التينة، للبحث في كيفية التهدئة الأمنية في طرابلس، وتحضير الأجواء لإجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها، والبحث في إمكان تأليف حكومة تتولى إدارة البلاد إلى موعد الاستحقاق الرئاسي.
وقال مصدر دبلوماسي مطّلع لـ “اللواء” إن الحركة السياسية الجارية تستند إلى “الدفرسوار” الصغير الذي أحدثته الانفراجات الحاصلة من جراء الاتفاق حول المسألة النووية الإيرانية، والتي يمكن البناء عليها من دون الإغراق في التفاؤل.
وعليه، لاحظت مصادر سياسية لبنانية أن الأولوية عادت للملف الحكومي باعتباره المدخل لاستعادة حد أدنى من الوفاق الداخلي، والذي من شأنه أن يساهم بقوة في تبريد الاحتقانات الأمنية، لا سيما في طرابلس.
وفي هذا السياق، لمس عضو كتلة “المستقبل” النائب عمار حوري من الرئيس المكلف تشكيل الحكومة تمام سلام بعد زيارته له أمس، ثبات الرئيس سلام وتصميمه ومثابرته على إنجاز مهمته بدعم من رئيس الجمهورية ومن كل الشرفاء في الوطن، مشدداً على أن تشكيل الحكومة أصبح مطلباً على مستوى الوطن، ولم يعد مقبولاً استمرار الفراغ.
وأوضح مصدر في كتلة “المستقبل” أن الهدف من حركة الرئيس السنيورة أمس وقبله، هو استمرار التشاور مع كل الأطراف، وإبقاء الأبواب مفتوحة، مشيراً إلى أن الحديث مع الرئيس سليمان تركز على الوضع في طرابلس وضرورة وقف الاشتباكات فيها، ولو اقتضى الأمر تغيير قادة الأجهزة الأمنية، كما بحث معه موضوع الحكومة وضرورة الاسراع في تأليفها، مع التمسك بإعلان بعبدا.
أما بالنسبة إلى لقاء البطريرك الماروني بشارة الراعي فإن البحث لم يتخط التصريح الذي أدلى به السنيورة بعد اللقاء والذي شدد على التمسك بالمبادئ التي حددها إعلان بعبدا، وكذلك التمسك بالعيش المشترك والنظام الديمقراطي، واتفاق الطائف الذي هو نقطة تلاقٍ وإجماع بين اللبنانيين.
وعلمت “اللواء” أن الرئيس السنيورة شرح للبطريرك أسباب رفضه لمشروع قانون الانتخاب الذي نقله إليه قبل يومين وزير الداخلية السابق زياد بارود، كما تناول البحث الوضع الحكومي والاستحقاق الرئاسي، علماً أن الزيارة كانت مرتبة مع بكركي منذ زيارة وفد كتلة المستقبل في الأسبوع الماضي.

السابق
المستقبل: اجتماع بعبدا يضع خطاً أحمر على استقرار السلم الأهلي
التالي
الشرق: بري في السعودية قبل جنيف 2