البناء: هيمنة المسلّحين على طرابلس تحصد 10 قتلى و20 جريحاً

كتبت “البناء ” تقول: بقيت طرابلس أسيرة مزاج المسلّحين الذين استمروا بالهيمنة على قرار المدينة وزرع الموت والدمار في أحيائها وشوارعها من دون رادع فعلي يُفضي إلى وقف طاحونة القتل المجاني في حين بقي الجيش اللبناني وحيداً في مواجهة طابور المسلّحين حيث أفادت مصادر عليمة أن عشرات المسلّحين وصلوا إلى باب التبانة من مناطق أخرى خصوصاً من بعض قرى عكار والمحيط.
وإذا كانت الجولة الثامنة عشرة الأخيرة من الاقتتال تسبّب بها ما حصل الأسبوع الماضي من اعتداءات بالجملة على مواطنين أبرياء من جبل محسن قامت بها مجموعات ميليشيوية تأتمر بأوامر واضحة من جهات معروفة في المدينة والتي تنفذ أجندات سعودية فإن ما يسمى بأولياء الدم باتوا يتخذون من التفجيرين الإرهابيين اللذين استهدفا قبل فترة مسجدي التقوى والسلام في طرابلس تبريراً مشبوهاً للقيام بالاعتداءات على المدنيين. كما أن الجيش لم يسلم من هذه الاعتداءات حيث تعرّض الأسبوع الماضي وخلال اشتباكات اليومين الماضيين إلى الرصاص وقذائف المسلّحين.

اتصالات ولقاءات
وفي المعلومات المتوافرة لـ”البناء” أنه نتيجة تفاقم الموقف في طرابلس إلى حدود الانفجار الكبير جرت اتصالات على مستوى رفيع لتدارك الموقف وإيجاد معالجة جدّية خشية توسع رقعة هذا التوتر وانعكاسه على مناطق أخرى لا بل إن اللقاءات التي جرت في الساعات الماضية وصلت إلى حدود التحذير من عودة مناخات الحرب الأهلية على ضوء توافر المعلومات عن محاولات جدية من قبل القوى المتطرّفة للعب على وتر الفتنة المذهبية إلى النهاية.
وما زاد من هذه المخاوف أنه سبق الانفجار على المحاور اعتداءات تجاوزت موضوع استهداف بعض المواطنين من جبل محسن لتطاول عدداً من زوار المدينة على خلفية مذهبية.
ووفق المعلومات فقد أجمعت هذه الاتصالات على:
أولاً: إعطاء الجيش كل الصلاحيات اللازمة من أجل إعادة الاستقرار إلى المدينة وقمع كل المخالفات الأمنية والمخالفين.
ثانياً: وضع القيادة الأمنية بيد الجيش خصوصاً أن هناك ثغرات ظهرت في أكثر من مكان وزمان تتعلق بمسؤولين أمنيين.

تبرير الاعتداءات
والسؤال المطروح اليوم هو: هل إن نتائج اجتماع بعبدا ستترجم دعماً واضحاً وحقيقياً من أجل أن يحسم الجيش الموقف أم أن تجارب الخطط الأمنية السابقة ستتكرّر؟
كل شيء مرهون بالتنفيذ ويعتمد أيضاً على الفاعليات والقوى السياسية في المدينة لا سيما أن الشكوك ما تزال تدور حول مواقف وتصرفات جهات معروفة. ويكفي الإشارة هنا إلى التصريحات التي صدرت عن بعض مسؤولي ونواب “المستقبل” والتي جاءت لتصب في سياق تبرير الاعتداءات على المواطنين والتفجير الواسع الذي افتعلته المجموعات المتطرفة في باب التبانة مع العلم أن هذه المجموعات اعتدت في أكثر من مكان على الجيش بشكل مباشر.

اجتماع بعبدا
وكان عُقد عصر أمس اجتماع سياسي ـ أمني في قصر بعبدا برئاسة رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان استمر زهاء ساعتين بحث أوضاع طرابلس في ضوء القتال المستمر هناك منذ 48 ساعة والإجراءت المطلوبة لوقف النزيف.
وقال رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي بعد الاجتماع أنه تم الاتفاق على جعل طرابلس منطقة عسكرية تحت إمرة الجيش لمدة ستة أشهر مشيراً إلى أنه اُتفق على نص القرار والمنطقة الجغرافية وعلى تنفيذ استنابات قضائية صدرت أو ستصدر.

إيضاح
ولاحقاً جرى تصحيح ما نُقل عن ميقاتي حيث أوضح في تصريحه اللاحق أن اجتماع بعبدا “كلّف الجيش اللبناني باتخاذ التدابير اللازمة لتنفيذ تعليمات حفظ الأمن في طرابلس لمدة ستة أشهر ووضع القوى العسكرية والقوى السيارة بإمرته بالإضافة إلى تنفيذ الاستنابات القضائية التي صدرت والتي ستصدر”.
كما أعلن مستشار ميقاتي خلدون الشريف أن وضع القوى الأمنية بإمرة الجيش في طرابلس لا يحوّلها إلى منطقة عسكرية. ورأى أنه لم يعد من عذر لعدم إعادة الأمن والهدوء إلى المدينة.

تساؤلات عن عدم دعوة الحكومة؟
ورغم القرارات التي اتخذها اجتماع بعبدا أمس كان من الأجدى على الرئيس ميقاتي أن يدعو مجلس الوزراء إلى جلسة استثنائية تبحث وضع طرابلس وتأخذ القرارات المطلوبة وفي الدرجة الأولى توفير الغطاء السياسي الكامل للجيش اللبناني لكي يقوم بما يلزم من إجراءات ميدانية تنهي هيمنة السلاح والمسلحين على المدينة وتضرب بيد من حديد كل من يحاول العبث بأمنها وحياة أبنائها.
إلا ان الغريب في الأمر أن داعي الإسلام الشهّال شنّ هجوماً عنيفاً على ميقاتي منطلقاً من باب التحريض المذهبي والطائفي ومدّعياً أن “ميقاتي يبيع طرابلس بقرار إعلانها منطقة عسكرية”. معلناً أنه “سيعمل على إجهاضه وإسقاطه”!!.

حردان يحذّر
ويأتي في هذا السياق تحذير رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي النائب أسعد حردان للبنانيين بعد لقائه رئيس مجلس النواب نبيه بري أمس من العودة إلى الحرب الأهلية لأن ما يحدث في طرابلس يذكّرنا جميعاً بما حدث في عام 1975.
وأوضح أن “المشهد الذي يحصل في طرابلس هو مسؤولية الدولة التي عليها أن تأخذ موقفاً حازماً وحاسماً لوقف هذا المسلسل الدموي” مؤكداً “أن المطلوب اليوم قبل الغد تشكيل حكومة جامعة موحّدة تعكس وحدة وطنية”.

قنص كثيف واشتباكات متقطّعة
وكانت طرابلس شهدت يوم أمس أعمال قنص غزيرة طاولت المدنيين وعناصر الجيش ما رفع عدد القتلى إلى عشرة أشخاص بينهم جندي في الجيش والجرحى إلى ما يزيد عن 93 جريحاً بينهم عشرة عسكريين في حين كانت شهدت ليل أول من أمس اشتباكات عنيفة استخدمت فيها مختلف أنواع الأسلحة ولم يتمكن الجيش من وقف الاعتداءات رغم رده على مصادر النيران بالاتجاهين.
وقامت وحدات الجيش يوم أمس بدهم أماكن تجمّع المسلحين في مناطق الاشتباكات على الجانبين حيث نفّذت عمليات أسفرت عن ضبط أسلحة حربية. وأوضحت قيادة الجيش في بيان لها أن وحداتها تواصل تعزيز إجراءاتها الأمنية لا سيما في مناطق جبل محسن وباب التبانة والقبة وحي الأميركان والبقار وشارع سورية وشملت الإجراءات تسيير دوريات وإقامة حواجز تفتيش والرد على مصادر القنص وإزالة الدشم المستحدثة.
توقيف ثمانية مسلّحين بينهم الجنزرلي
في السياق ذاته أمر مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر بتوقيف ثمانية أشخاص في أحداث طرابلس الأخيرة بينهم حاتم الجنزرلي وطلب معرفة كامل هوية نحو ستين آخرين لاتخاذ الإجراء القانوني في حقهم.

توتّر في مخيم عين الحلوة
وفي السياق الأمني أيضاً تجدد إطلاق النار في مخيم عين الحلوة عصر أمس ما أدى إلى إصابة أحد الأشخاص ومما يذكر أن عناصر من “جند الشام” كانت أطلقت النار مساء أول من أمس على عناصر من فتح ما أدّى إلى مقتل أحد عناصر الحركة وتوتر الوضع الأمني في المخيم إثر الحادث.

السنيورة يسوّق لحكومة حيادية!
في السياق السياسي الداخلي استمرت المراوحة “سيدة الموقف” في ما يتعلق بالاستحقاقات الداخلية بدءاً من تشكيل الحكومة حيث الأمور تنتظر ما يمكن أن يطرأ من تطورات إيجابية في المشهد الإقليمي قد تنعكس إيجاباً على الوضع الداخلي.
وفيما يبدو أن الرئيس المكلّف تمام سلام ينتظر حصول “أعجوبة” تؤدي إلى إزالة العراقيل من أمام عملية التأليف خصوصاً العراقيل التي يضعها فريق “14 آذار” علم في هذا الإطار أن رئيس كتلة “المستقبل” فؤاد السنيورة سعى من خلال زيارتيه أمس لكل من قصر بعبدا وبكركي إلى إعادة تسويق الحكومة الحيادية.
وبحسب الذين اطّلعوا على أجواء لقاء الرئيس سليمان مع السنيورة فإن الأخير الذي طلب بالإسراع في تشكيل حكومة حيادية جدّد رفضه لصيغة 9 9 6. ودعا الرئيس سليمان إلى السير في حكومة حيادية وإذا كان ذلك متعذّراً اليوم فالضرورة تقتضي تشكيل مثل هذه الحكومة قبل انتهاء الولاية الرئاسية لمنع حصول فراغ في البلاد”.

السابق
الجمهورية: الجميل في بكركي صباحاً والسنيورة مساءً
التالي
البلد: طرابلس بإمرة الجيش وجنبلاط يتّهم قادتها