اسرائيل تواجه تركيا وإيران

مبالغة اسرائيل في رفض حيازة إيران حتى على القوة النووية المدنية، غير مفهومة. المنطق والواقعية السياسية، يقولان إنه ليس على إسرائيل الخوف ولا القلق من ايران النووية المدنية. برغم ذلك ترفض اسرائيل اتفاق جنيف، وتستمر مطالبة الولايات المتحدة الاميركية بالحرب. السؤال: هل تخاف إسرائيل من إيران ام من النووي، ولماذا رغم أنها:
* اقوى قوة عسكرية في المنطقة.الجيش الاسرائيلي يملك جيشاً حديثاً وطيراناً “يده” طويلة وقادرة، وخبرت حروبا كثيرة.
* تحتكر اسرائيل السلاح النووي، رغم نفيها الايجابي. وهي تملك اكثر من 200 قنبلة نووية، قادرة على إعادة الشرق الاوسط الى العصر الحجري.
* “الربيع العربي” أخرج مصر وسوريا وليبيا لاكثر من عشر سنوات من دائرة القرار الاقليمي. وكان قد سبقها العراق وتجربته خير اثبات لهذا التغيير، ايضاً الجزائر غارقة في القلق والخوف على مستقبلها من “الجزأرة” التي كلفتها عشر سنوات من الاقتتال وسقوط 150 الف قتيل وخسائر اقتصادية ضخمة.
* تدمير السلاح الكيمياوي في سوريا، ووضع انتاج اليورانيوم المخصب في إيران تحت مراقبة يومية ألغى احتمال تصنيع إيران للسلاح النووي. اسرائيل تحررت من هذين السلاحين ولم يبق سوى سلاح الصواريخ الذي اثبت في سوريا فعاليته ضد المدنيين.
* اسرائيل كانت وما زالت جزءاً من نسيج القرار السياسي الاميركي. امن اسرائيل من أمن الولايات المتحدة الاميركية والعكس صحيح.
كل هذه القوة، ومع ذلك تطلب اسرائيل من واشنطن شن الحرب ضد إيران وتدميرها. لماذا؟ على المدى القصير، اسرائيل “سيدة” الشرق الاوسط. لكن ماذا على المدى الطويل؟
تغيرت المعادلة الاستراتيجية في منطقة الشرق الاوسط. هذا التغيير، يجعل من اسرائيل الخاسرة الكبيرة على المدى الطويل. اسرائيل ترفض ان تكون “حجر شطرنج” على رقعة الشرق الاوسط. الحروب التي خاضتها ضد العرب، وارتباطها العضوي بواشنطن جعلها تتفرغ لتكون “لاعبة” تمسك بزاوية من زوايا مثلث المنطقة، لكن موقعها مستقبلاً سيتضعضع وسيهتز.
* خيار الحرب معلق لفترة طويلة، والتهديد بها “فرقعة صوتية”. صحيح انه لم يبق في مواجهتها سوى “حزب الله” في الجنوب انما حتى هذه “الجبهة” ساكنة والحرب فيها مكلفة جداً.
غياب خطر الحرب يدخل الاسرائيليين في مسارات اخرى مختلفة جداً عن العيش في غيتو القلق والخوف مما يقودهم الى السؤال الحقيقي: وماذا بعد؟
* غرق القوى العربية في معارك “الربيع العربي”، وتغييبها عن المشاركة في صناعة القرار اليومي، لم ينتج الفراغ المريح لاسرائيل، لقد غير موازين القوى ووضعها في مواجهة جارتين هما تركيا وإيران، القويتان عسكرياً واقتصادياً، ولا يمكن التعامل معهما الا من موقع المنافسة والمزاحمة فقط. اسرائيل ستخسر الرأي العام الغربي بالادعاء انها في خطر. واقع استراتيجي جديد سيقوم وعلى اسرائيل العمل بمعادلاته.
يبقى ان اخطر ما ستواجهه اسرائيل مستقبلاً استناداً الى قراءات واسعة من مراكز القرار الاسرائيلية والرأي ان تتحول مفاوضات جنيف بين مجموعة 5+1 وإيران الى نهج ومسار دولي يضع اساليب للتفكير وطرق للعمل يمكن تطبيقها على مشاكل معقدة مثل المشكلة الفلسطينية – الاسرائيلية. اذ ماذا يمنع من جلب اسرائيل والسلطة الفلسطينية الى الطاولة وفرض حوار جدّي عليهما بحضور الدول الست، ويكون بنداهما الاساسيان: وقف بناء المستوطنات، ورسم حدود الدولة الفلسطينية.
إذن القلق الاسرائيلي حقيقي وواقعي وعميق، لانه يتعلق بالتحولات الاستراتيجية.
يبقى ان يعمل من بقي من القوى العربية على مواجهة هذا التغيير بتحولات تواكبه للمساهمة في تسريع قيام نظام عربي جديد قادر على المنافسة والمزاحمة وربما اكثر.

السابق
بيريس محاوراً دولاً عربية وخليجية: عدوّنا المشترك… إيران والتطرف الإسلامي
التالي
حزب الله يشيّع الشهيد محمد أحمد حيدر