البناء: لا نتائج لاجتماع بري ـ السنيورة والاستحقاقات تنتظر التوافقات الإقليمية

كتبت “البناء ” تقول:  كما كان متوقعاً وكما حذرت منه جريدة “البناء” أكثر من مرة في الأيام الماضية انفجر الوضع الأمني بشكل واسع منذ ليل السبت ـ الأحد في طرابلس وحصد أكثر من 10 قتلى وأكثر من 50 جريحاً. بل الأخطر من ذلك أن فلتان السلاح والمسلحين في المدينة مرشح لأن يحصد المزيد من الضحايا الأبرياء ويحول شوارع عاصمة الشمال إلى كومة من دمار وخراب طالما أن هناك من يحرّض ويقدم الدعم المالي والسلاح للمسلحين وطالما أن الدولة غائبة عن السمع ولم تتخذ قراراً حاسماً بالضرب بيد من حديد كل من يعمل لضرب الاستقرار وإحداث الفتنة.
ولذلك فلم يعد ممكناً أن تسكت الدولة خصوصاً على مستوى القرار السياسي عن هذا الجنون والتآمر على عاصمة الشمال لأن ما حصل في الأسبوع الماضي من اعتداءات يومية للمسلحين على الآمنين من أبناء جبل محسن كان من الطبيعي أن يؤدي هذا الفلتان من قبل المسلحين دون رادع أو عقاب إلى ما وصلت إليه الأمور في الساعات الماضية.
إلا أن الأخطر لما يحصل في طرابلس اليوم أنه يشكل امتداداً للتآمر السعودي على المنطقة من سورية إلى العراق وامتداداً حتى لبنان حيث تحاول الرياض استنساخ حربها القذرة في سورية إلى لبنان حتى يمكنها النفخ في الفتنة المذهبية بعد أن تعرّض مشروعها “الوهابي” لعدة انتكاسات كبرى في الفترة الأخيرة.
وهذا يعني ـ بحسب مصادر سياسية ـ أن ما يحصل في طرابلس اليوم وقبل ذلك الجولات العسكرية التي سبقت الأخيرة وأيضاً التفجيرات المتنقلة التي شهدتها أكثر من منطقة لبنانية في الشهرين الماضيين ما هي إلا ترجمة واضحة لمخطط رئيس الاستخبارات السعودية بندر بن سلطان الذي لم يعد يخجل في إشهار تعاونه ومعه مسؤولين آخرين في العائلة المالكة مع العدو الصهيوني لإرباك ساحات المقاومة ومحاولة إضعافها. ويكفي الإشارة إلى التنسيق المباشر بين السعودية و”إسرائيل” في دعم المجموعات المسلحة بما فيها فروع “تنظيم القاعدة” في منطقة الغوطة الأسبوع الماضي في محاولة من هذا “الثلاثي” الجهنمي إلى تغيير موازين القوى في مناطق ريف دمشق قبل أن يحين موعد انعقاد “جنيف ـ 2”.
وتؤكد المصادر أنه لو لم يكن هناك من ينفذ ما تطلبه السعودية عبر رئيس جهاز استخباراتها من أسماء باتت معروفة في طرابلس ومعهم قادة المحاور لما أمكن لهؤلاء تحدي الدولة وأجهزتها ليس فقط في اللجوء إلى إشعال جبهة طرابلس وقبل ذلك محاولة زرع الفتنة بين أبناء المدينة وأبناء جبل محسن بل الاستمرار في التحريض الطائفي والمذهبي البغيض وهو ما لمسه المواطن الأسبوع الماضي في المدينة وفي غير منطقة لبنانية لا سيما أيضاً في مجدل عنجر. كما أن الدولة التي تنأى بنفسها عن حماية أبنائها وعدم اتخاذ قرار حاسم بإنهاء حالات الفلتان الأمني في عاصمة الشمال بعد أن وصلت الأمور إلى ما وصلت إليه لم يعد جائزاً التعاطي “بإرضاء الخواطر” أو تنفيذ خطط أمنية بالتراضي ما يؤدي إلى مزيد من الفلتان والاعتداءات وتالياً سقوط المزيد من الضحايا ومزيد من الحصار.

ميقاتي: ليتحمل الجميع مسؤولياتهم
وفي هذا السياق قال رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي في بيان له أمس إنه “بات لزاماً علي أن أضع الجميع أمام مسؤولياتهم بسبب ما يجري في طرابلس”. أضاف إنه اتفق مع نواب طرابلس أنه “ستكون لنا كلمة واحدة حيال ما يجري”.

ريفي يقلب الحقائق؟
لكن الغريب في هذا الأمر أن المدير العام السابق لقوى الأمن الداخلي أشرف ريفي الذي شنّ هجوماً غير مسبوق على ميقاتي حاول في تصريح له أمس “إلقاء مسؤولية ما يحصل في طرابلس في اتجاهات مناقضة للواقع والحقيقة بحيث ذهب إلى التحذير مما زعمه “فوضى السلاح التي زرعها النظام السوري وحلفاؤه في المدينة”. وبذلك يتجاوز ريفي تبعات تغطيته للمجموعات المسلحة والدعم السعودي للمسلحين داعياً ميقاتي للرحيل عن المدينة.

معارك طرابلس
وكانت محاور المدينة في الساعات الماضية قد شهدت اشتباكات عنيفة استخدمت فيها مختلف أنواع الأسلحة كما طالت الاعتداءات عناصر الجيش اللبناني المتمركزين على محاور القتال ما أدى في حوالى 36 ساعة إلى سقوط أكثر من 10 قتلى بينهم جندي في الجيش اللبناني وجرح ما يزيد عن خمسين شخصاً بينهم تسعة عسكريين بينما واصلت وحدات الجيش محاولات التصدي لمطلقي النار.  وأشارت في بيان لها أن وحداتها نفذت ليل أول من أمس حملة دهم لأماكن تجمع المسلحين ومراكز القناصة حيث أوقفت ثمانية مسلحين وضبطت كمية من الأسلحة.
وأفيد في هذا الإطار أن وحدات الجيش أوقفت أحد قادة المحاور المدعو هاشم جنزرلي مع عدد من مسلحيه والذي كان أطلق النار على عناصر الجيش.

توتر في عين الحلوة
وفي السياق الأمني أيضاً شهد مخيم عين الحلوة بعد ظهر أمس توتراً أمنياً سببه إقدام مسلحين من “جند الشام” على إطلاق النار باتجاه عناصر من حركة فتح في الشارع الفوقاني من المخيم ما أدى إلى مقتل عنصر من فتح وإصابة عنصر من الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وعلى الأثر حصلت اتصالات فلسطينية مكثفة لتطويق ذيول الحادث وما أعقبه من استنفار مسلح داخل المخيم وإطلاق للنار أدى إلى مقتل أحد الأشخاص.

لقاء بري ـ السنيورة
أما في الشأن السياسي الداخلي فبرز أمس الاجتماع المطول الذي انعقد في عين التينة بين رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس كتلة “المستقبل” فؤاد السنيورة الذي استمر لساعتين ونصف الساعة وتخلله مأدبة غداء.

أزمة الحكومة مستمرة
وعلمت “البناء” من مصادر المجتمعين أن الوضع الأمني في طرابلس أخذ ما يزيد عن نصف مدة الاجتماع بينها قيام بري والسنيورة بإجراء سلسلة اتصالات مع أطراف سياسية ورسمية لتهدئة الوضع في المدينة.

وأوضحت المصادر أنه رغم وجود مقاربات مقبولة حول بعض الأمور لكن لم يتم التوصل إلى أي توافق حول الاستحقاقات الساخنة وأبرزها ملف تشكيل الحكومة فالرئيس بري أعاد التأكيد على أن الحل الأنسب لتأليف الحكومة يكون عبر صيغة 9 9 6 لأنها صيغة متوازنة وتراعي المعطيات وأعداد الكتل النيابية ولكن السنيورة أصر على موقفه السابق الداعي لتشكيل حكومة حيادية. أضافت إن بري أطلع السنيورة على أجواء زيارته إلى طهران وما سمعه من القيادة الإيرانية من انفتاح على كل الدول العربية.
وفيما أكد الرئيس بري للذين التقوه بعد الاجتماع أن التواصل يبقى أفضل من عدم التواصل قالت مصادره أن لا صحة لما قيل عن زيارة منتظرة له إلى السعودية. أضافت إن الحل الجدي في طرابلس يكون بدخول الجيش إلى كل المناطق في المدينة بخاصة مناطق القتال وأن يكون هناك متابعة لوضعها من قبل وزراء ونواب المدينة بدءاً من الرئيس ميقاتي. وأوضحت الأوساط أنه من الأجدى أيضاً إجراء تغييرات في المواقع الأمنية في المدينة وحيث يكون هناك حاجة لهذه التغيرات.
أما السنيورة فقال “إن الأجواء جيدة وسنتابع هذه اللقاءات”.

السابق
الجمهورية: طرابلس تحت النار وبرّي اقترح خطّة لإنقاذها
التالي
الحياة: لبنان اشتباكات طرابلس توقع مزيداً من الضحايا