كيف ستُواجه أميركا مَن يَنتقد الإتفاق النووي الإيراني؟

اوباما

كشَفت مصادر ديبلوماسية مُطّلعة أنّ سفراء الولايات المتحدة الأميركية في دول الجوار السوري سيلتقون في تركيا خلال الساعات المقبلة لمناقشة التوجّهات الجديدة لإدارتهم في مرحلة تَلي «التفاهم المرحلي بين إيران والغرب». ولهذه الغاية، توجّه السفير الأميركي ديفيد هيل إلى اسطنبول أمس. فما هي العناوين التي تستند إليها التوجّهات الأميركية الجديدة؟

نصَح مرجع ديبلوماسيّ رفيع المستوى يُتابع عن كثب التوجّهات الأميركية الجديدة، بمتابعة ردود الفعل الأميركية على “التفاهم المرحلي حول النووي الإيراني”، وكيف يعمل الرئيس الأميركي باراك أوباما للسيطرة على الردود السلبية والناقدة.

ويستند صاحب هذه النصيحة على مضمون تقرير ديبلوماسي وردَه من الخارجية الأميركية، يتحدّث عن تجربة فريدة ونادرة، تقول إنّ إحدى المؤسّسات الإحصائية العاملة في فلك الإدارة الأميركية استفتَت الأميركيّين ما بين نهاية آب ومنتصف ايلول الماضيين حول خيارهم اعتماد الآلة العسكرية أو المفاوضات في شأن معالجة الملف النووي الإيراني، فغلَبت الدعوة الى الحلول الديبلوماسية.وقبل أيام، تكرَّر الإحصاء وفق القواعد عينها بإشراف مؤسّسة “ابسوس رويترز” لقراءة مزاج الرأي العام وانتهى الى المعادلة ذاتها، فمقابل “كل 44 أميركيّاً يؤيّدون الاتفاق، يعارضه 22 آخرون”، أي 2 مقابل 1 يؤيّدان الاتفاق، وهذه نسبة مرتفعة. وأشار الإحصاء كذلك الى أنّ “49 في المئة من الاميركيين يؤيّدون وضع عقوبات إضافية لو فشل الاتفاق، و31 في المئة يؤيّدون المزيد من الديبلوماسية للتحاور مع إيران، فيما يقول 20 في المئة فقط بوجوب استعمال القوّة العسكرية ضد ايران لو فشل الاتفاق”.

وتأسيساً على ما تقدّم، جرى الربط بين هذه النتائج ومضمون خطاب أوباما في كاليفورنيا، في حضور زعماء الكونغرس الديموقراطيّين وبرعاية داعم مهمّ لإسرائيل هو حاييم صابان، عندما قال: “كان الاتفاق الخطوة الصحيحة، وهو جيّد للولايات المتحدة ولحلفائها ولإسرائيل، وأنا لا أسحب أيّ خيار عن الطاولة”.

وأضاف: “لقد صرفتُ وقتاً طويلاً في مستشفى وولتر ريد (وهي مستشفى مخصّصة لمعالجة جرحى الجيش الأميركي في العراق)، وكنتُ أنظر إلى شبّان دفعوا ثمناً يصعب على أيّ شخص في هذه الغرفة تخيّله، مقابل الحرّية، لذلك أقول لكم إنّني سأفعل أيّ شيء لحلّ هذه القضايا من دون اللجوء إلى القوّة العسكرية”.

وعلى هذه القاعدة – قال التقرير – إعتمد أوباما على سياسة المسارَين، “التحاور والعقوبات”، للتعاطي مع ايران، وهو يرى الآن أنّ سياسته قد نجحت في جلب ايران الى الطاولة، وهذا يدعوه الى التباهي والافتخار بأنّه حقَّق إنجازاً سياسياً ضخماً على الساحة الدولية، ربّما يكون أهم من الانسحاب من العراق او ما يمكن ان يحدث في محاربة “القاعدة” وأفغانستان، ويوازي إنجازه في إقرار قانون الإصلاح الصحّي.

يعرف أوباما أيضاً أنّ الأميركيّين يريدون الابتعاد عن التدخّل الخارجي، وهم “تعبوا” من إرسال أولادهم الى الحروب، ويريدون من الولايات المتحدة أن تكون زعيمة دولية، ولكنّهم لا يريدونها أن تستعمل القوّة العسكرية إلّا عندما يكون الأمر متعلقاً بتهديد أمنها.

ولفت التقرير الى أنّ “أوباما يستغلّ هذا الموقف الشعبي الاميركي منذ سنوات. ومنذ الإعلان عن الاتفاق المرحلي مع إيران شهدنا هجمة واضحة من اسرائيل وحلفائها على الادارة الاميركية، لأنّ الاتفاق لا يُلبّي مطالب الحكومة الاسرائيلية، خصوصاً رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، وقد تلقّت الادارة الاميركية هذه الانتقادات بالإيضاح أنّ الاتفاق جيّد ولا سبب للمخاوف الاسرائيلية”.

وقال التقرير، الذي وُضع قبل يومين، “إنّنا بدأنا مرحلة التمييع، أي إجازة عيد الشكر، وسيكون من الصعب على حلفاء اسرائيل تقديم أسباب كثيرة للحفاظ على الضغط في التلفزيون والصحف، وبدأنا نرى كتّاباً ومتحدّثين من مؤسّسات بحث جدّية يقولون إنّ الاتفاق إنجاز جيّد”.

وختم التقرير: “تمكّن أوباما خلال الاسابيع الماضية من إقناع الأوروبّيين، وخصوصاً الفرنسيّين، بصواب خيارات الاتفاق المرحلي، وتراجع الفرنسيّون عن انتقاداتهم، وهناك موجة من الترحيب بالاتفاق والترويج له، وستصاب اسرائيل، وخصوصاً نتنياهو بخيبة لو تابع انتقاد الاتفاق. فالاميركيون لن يتحمّلوا دولاً وأطرافاً خارجيّين، يدعونهم الى إرسال أولادهم الى الحروب، فيما يجلس الإسرائيليون أو غيرهم في بيوتهم من دون التعرّض للمخاطر”.

السابق
لمصلحة من هذا الاهتزاز الأمني المستمر؟
التالي
جنيف الإيراني وجنيف السوري!