تحت طائلة المسؤولية: مجلس النوّاب هو حامي الفساد

مجلس النواب
يبدو أنّ حادث الاعتداء على فريق "تحت طائلة المسؤولية" هو تفصيل يؤشر إلى سياسات السلطات التشريعية والتنفيذية، المتعلقة بحق المواطن بالحصول على المعلومة الصحيحة وحماية كل من يكشف فساداً، وما أكثره في لبنان. وهي مسؤولية مجلس النواب الذي لا يمارس دوره التشريعي وفي أدراجه اقتراح قانون، منذ ثلاث سنوات، حول الحق بالوصول إلى المعلومات وحماية كاشفي الفساد.

محمولاً على الأكتاف وصل الضابط الجمركي إبراهيم شمس الدين إلى مقر عمله، بعد “الانتصار” الذي حققه وإدارته على كاشفي الفساد. ويوم الحادثة، أطل على شاشات التلفزة المدعي العام التمييزي القاضي سمير حمود وأعاد أكثر من مرّة عبارة “التحقيق سيستمر وسيطال الجميع”.

بعيداً عمّا سيحصل في التحقيق، وإذا كان سيستمر أو سيتوقف في مكان ما، وبعيداً عن المسؤولية الجزائية التي يحددها القانون وفق الأدلة المثبتة في الأفلام المصورة، فإنّ المسؤولية الأساسية تبدو في مكان آخر، وهي مسؤولية مجلس النواب الذي لا يمارس دوره التشريعي وفي أدراجه اقتراح قانون، منذ ثلاث سنوات، حول الحق بالوصول إلى المعلومات وحماية كاشفي الفساد.

في لبنان المعلومات هي من أسرار الآلهة، هي ملك السلطة ومن يمارسها، ويمنع على المواطنين الاطلاع عليها لأنها تؤشر إلى القضايا التي قد تدفع منظمات المجتمع المدني الى مساءلة السلطة ومحاسبتها.

يقول المحامي طوني مخايل: “حادثة الأمس سلطت الضوء مجدداً على مسألة قانونية، لبنان بحاجة إليها، هي الحقّ بالوصول إلى المعلومات، حقّ المواطنين والصحافيين”. ويتابع في حديث لـ”جنوبية”: “إقرار مثل هذا القانون يقلل من المخالفات التي قد ترتكبها السلطات من جهة وتزيد من التزام الإعلاميين بالأخلاق المهنية”.

ويضيف مخايل: فريق “الجديد” كان يملك المعلومات الكافية، وطلب مقابلة المدير العام لمواجهته بها أو للاستحصال على معلومات جديدة. رفض المدير العام اللقاء فجرت الحادثة، وكل صحافي له أسلوبه”.

يستطرد المحامي: “”آخرون ربما كانوا اكتفوا بمعلوماتهم وأعلنوا رفض المدير العام التحدث بالموضوع، وهناك الأسلوب الذي اتبعه فريق العمل”. ويزيد: “على كل حال إقرار قانون الحق بالوصول إلى المعلومات يخفف كثيراً من التشنج الذي قد ينشأ بين الإعلام والمسؤولين، على الرغم من محاولة بعضهم، حتى بعد إقرار القانون إخفاء معلومات تحت حجج مختلفة”.

ومن جهة أخرى، توضح مديرة مركز “الشراكة للتنمية والديمقراطية”، لينا علم الدين: “حتماً إقرار قانون الحق في الوصول إلى المعلومات يقلل من المواجهة بين الإعلام والمسؤولين، لذلك يجب ربطه بحماية كاشفي الفساد”. لكن إلى حين الوصول إلى هذا القانون سيستمر امتناع المسؤولين عن تزويد الصحافيين المعلومات اللازمة.

وتضيف علم الدين: “لكن في هذا الوضع، على الإعلاميين التحلي بمهنية عالية وبواقعية وعدم استنساخ تجارب في بلدات أخرى، مثلاً قال رامي الأمين إنّ ما مارسه قبيسي باستخدام مكبّر الصوت، مارسه قبلاً الصحافي مور، لكن خفي عنه أن الصحافي الأجنبي محمي بقانون الحق في الوصول إلى المعلومة وبحقه بالحصول على حماية بصفته كاشف فساد. وهذا غير موجود في لبنان”.

قبل أسابيع وفي لقاء علني مع نائب متني وآخر جنوبي تبارى الاثنان بإنجازاتهما التشريعية. وعندما سألهم أحد الحضور عن اقتراح قانون الحق في الوصول إلى المعلومات، أصيبا بالبكم ولم يجدا جواباً شافياً. ومثلهما نائب زحلاوي طلب أحد الصحافيين منه أن يطرح مسألة اقتراح قانون الحق بالوصول إلى المعلومات، فكان رده مثيراً للاستغراب: هذا اقتراح قدمه غسان مخيبر ولا يجوز من الناحية الأخلاقية أن أراجع به أنا”.

السابق
جريحة بطلق ناري في زحلة
التالي
السنيورة عرض الاوضاع مع السفير الايطالي