الجمهورية: ترقُّب نتائج لقاءات طهران وواشنطن تُكرِّر استعجال تسهيل التأليف

كتبت “الجمهورية ” تقول:  فيما ينصبّ الاهتمام الدولي على تذليل العقبات والمطبّات التي تعترض انعقاد مؤتمر جنيف ـ 2 لحلّ الأزمة السورية، انشغلت الأوساط السياسية اللبنانية في تقصّي نتائج زيارة رئيس مجلس النواب نبيه برّي لإيران التي دعا خلالها إلى تقارب عربيّ أيراني، لاقتناعه بأنّ من شأن ذلك أن ينعكس إيجاباً على لبنان والمنطقة. وكذلك ترقّب نتائج اللقاءات والزيارات التي تشهدها طهران والتي كان أبرزها زيارة وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو وتلاه نظيره الإماراتي الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، في الوقت الذي تستعدّ القيادة الإيرانية لتحرّك ديبلوماسي في اتّجاه المملكة العربية السعودية وبقيّة دول الخليج، يمكن أن يتوّج لاحقاً بزيارة الرئيس الإيراني الشيخ حسن روحاني للرياض وربّما لعواصم خليجية أخرى.
حاولت الولايات المتحدة الأميركية أمس عبر سفيرها في بيروت ديفيد هيل الحدّ من “نشوة” بعض الأطراف اللبنانية، ولا سيّما منها حزب الله وحلفائه في فريق 8 آذار بالإتفاق النووي بين إيران والغرب، حيث جال على رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي والرئيس المكلف تمام سلام شارحاً لهما هذا الإتفاق، ثمّ وزّع تصريحاً مكتوباً مُنسّقاً مع إدارته المركزية في واشنطن، فصل فيه ما بين الإتفاق النووي ونشاطات إيران وحلفائها، ولا سيّما منهم “حزب الله”في لبنان، مؤكّداً التزام بلاده “صداقاتها وحلفاءَها الدائمين”.
وطمأن هيل الى أنّ المحادثات مع طهران “لن تغيّر من تحالفات الإدارة الأميركية وصداقاتها، ولن تُضعف قوّة وصمود التزامها بالقيم المشتركة بين اللبنانيين والأميركيّين، أو باستراتيجياتها وشراكاتها لتعزيز تلك الأهداف”، وأكّد انّ بلاده، وفيما تكمل المفاوضات حول برنامج إيران النووي، لن تتجاهل أنشطة إيران لزعزعة الإستقرار في المنطقة، وستستمرّ في مواجهة أنشطتها الإرهابية، وأنشطة وكلائها، بما في ذلك حزب الله”.
ولوحظ أنّ هذا البيان الأميركي جاء غداة الإتصال الهاتفي الذي أجراه الرئيس الأميركي باراك أوباما بخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، مؤكّداً خلاله ضرورة أن تنفّذ إيران تعهّداتها الواردة في الإتفاق. كذلك جاء غداة تصعيد “حزب الله” السياسي على الأرض في الأيام الماضية، وتأكيده مواصلة القتال في سوريا.
وقالت مصادر قريبة من السفارة الأميركية لـ”الجمهورية” إنّ “من شأن تصريح هيل أن يخلق توازناً علّه يعطي ديناميكية جديدة لتأليف الحكومة على أسُس جديدة، لأنّ المجتمع الدولي كما بات معروفاً، يصرّ على حكومة جديدة، وقد جاء بيان مجلس الأمن الدولي والذي حضّ فيه جميع الأطراف في لبنان على الانخراط بنحو بنّاء لتسهيل تأليف حكومة في أقرب وقت ممكن، ليصبّ في هذا لإطار”.
وأضافت هذه المصادر: “إنّ على جميع القوى اللبنانية أن تلتزم في هذه المرحلة الحكمة في التعاطي بعضها مع بعض داخليّاً، وأن تشجّع حركة التسويات الجارية في منطقة الشرق الأوسط لكي يبقى لبنان جزءاً من الحلول الجديدة”.
وقد لمس رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي هذا الجوّ الجديد خلال زيارته أمس الأوّل لقطر، حيث سمع من أميرها الشيخ تميم بن حمد آل ثاني كلاماً متمايزاً عن المواقف القطرية السابقة أكّد فيه أنّ بلاده “تشجّع التقارب الحاصل بين واشنطن وطهران، وأنّ على الدول العربية أن تلعب دوراً إيجابيّاً في حركة التغيير”.
كذلك سمع ميقاتي كلاماً إيجابياً ينتظر، حسب مصادر الوفد الذي رافقه الى الدوحة، أن يترجم في الأسابيع المقبلة. وقد زار رئيس
الجمهورية عصر أمس وأطلعه على نتائج محادثاته في باريس والدوحة.
ويبدو أنّ الموقف القطري ليس الوحيد، إذ أعلنت أمس كلّ من إيران والإمارات العربية المتحدة بدء فصل جديد من العلاقات بين البلدين، وذلك خلال زيارة نادرة ولافتة لوزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد آل نهيان لطهران، التقى خلالها الرئيس الإيراني حسن روحاني ونظيره محمد جواد ظريف الذي أكّد أنّ بلاده “تعطي أهمّية فائقة للعلاقات مع جيرانها وعلى الأخصّ البلد الصديق والشقيق الإمارات المتّحدة”، مُعتبراً “أنّ أيّ تطوّر لدول هذه المنطقة هو نجاح لنا، وأيّ تهديد وخطر عليها تهديدٌ لنا”. فيما أكّد بن زايد “أنّنا كنّا دائماً شركاء لإيران، واليوم نريد أن نصبح شركاء أقوى”.

إجراءات جديدة ضدّ “حزب الله”
في الموازاة، كشف الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية عبداللطيف الزياني أنّ وزراء داخلية دول المجلس بحثوا في عدد من “الإجراءات اللازمة ضدّ مصالح “حزب الله” والمنتمين إليه والمتعاونين معه في دول مجلس التعاون”. ولم يحدّد الزياني طبيعة هذه الإجراءات، التي بحثها الوزراء خلال اجتماعهم في المنامة أمس، لكنّه أوضح أنّ الوزراء ناقشوا توصيات بهذا الخصوص رفعها إليهم وكلاء وزارات الداخلية، بعد اجتماعين استثنائيين.
وفي غمرة الإنهماك بمسار الأحداث والتطوّرات المتسارعة في المنطقة، عاد الهاجس الأمني من جديد ليطلّ برأسه من بوّابة الشمال مع عودة الاشتباكات المتقطعة الى طرابلس موقعةً جرحى عسكريّين ومدنيين، وكذلك من بوّابة البقاع بعد إشاعات تحدّثت عن دخول 7 سيارات مفخّخة من سوريا إلى مدينة الهرمل، الأمر الذي لم يؤكّده أيّ تقرير أمنيّ. وفي هذا الإطار أجرى مجهول اتصالاً في المدرسة الإنجيلية في محلّة قريطم في بيروت، محذراً من تفجير سيستهدف مقرّ السفارة السعودية القريب من هذه المدرسة، ما أثار الهلع فيها وفي الجوار، ليتبيّن لاحقاً أنّ الاتّصال كاذب. .

الحمدلله
في غضون ذلك، برز تشديد فلسطيني بلسان رئيس الوزراء الفلسطيني رامي الحمدلله الذي زار لبنان وجال على المسؤولين، على موقف السلطة الفلسطينية الواضح والصريح الداعم لسيادة لبنان وخضوع المخيّمات الفلسطينية للدولة اللبنانية”، مشدّداًَ على “التزام الفلسطينيين الموجودين في لبنان القوانين اللبنانية واحترامها”. وقال: “إنّ أيّ عمل مُخلّ يقوم به أيّ فلسطيني، خصوصاً في المخيمات يتحمّل مسؤوليته من قام به، ولا علاقة للفلسطينيين به”.

الراعي لن يزور طهران
في سياق آخر، أكّدت مصادر بكركي لـ”الجمهورية” أنّ “زيارة البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي لإيران غير واردة إطلاقاً، على رغم تلقّيه دعوات إيرانية مستمرّة”. وقالت: “إنّ الزيارة إذا حصلت سيعلم بها الجميع، والبطريرك يدرس الدعوات التي وجّهت اليه، لكنّه لم يتّخذ أيّ موقف منها حتّى الآن، والموضوع هو مجرّد فكرة”، ولفتت الى أنّ “الهجوم حصل على زيارة غير مقرّرة”.
من جهة ثانية شدّدت المصادر على أنّ “الراعي يتابع لحظة بلحظة تفاصيل الإشكال الذي حصل في الجامعة اليسوعية، وهو يرفض كلّ أنواع الاستفزازات والاعتداء والإساءة الى الرموز الوطنية مثل الرئيس الشهيد بشير الجميّل، ويطالب بأن تأخذ العدالة مجراها في هذه القضية وأن يُساق المُتّهمون الى العدالة لكي لا تتحوّل الجامعات ساحة مواجهة، ويحمّل الطبقة السياسية مسؤولية ما آلت اليه اوضاع الجامعات من مشكلات بسبب الشحن المذهبي المستمرّ”.
وكان الراعي استقبل في بكركي النائبين احمد فتفت وهادي حبيش موفدين من رئيس كتلة “المستقبل” فؤاد السنيورة. وأدرج فتفت الزيارة في إطار “التحضير للمرحلة المقبلة التي هي مرحلة أساسية، خصوصاً لجهة انتخابات رئاسة الجمهورية”، معتبراً بكركي “مرجعية وطنية ولها دور مهم جدّاً في لمّ الشمل، لكي لا نصل الى الفراغ بأيّ شكل من الأشكال في المرحلة المقبلة”. وتحدّث عن “لقاءات قريبة وبنحو متتابع حول المرحلة الجديدة”.

“تقنين” في الأعياد
على صعيد آخر، قفز ملفّ الكهرباء مجدّداً إلى الواجهة أمس، من خلال ما أعلنه وزير الطاقة والمياه جبران باسيل حول احتمال زيادة ساعات التقنين في التيار ابتداءً من الشهر المقبل، بسبب التأخير في دفع مستحقّات مؤسّسة كهرباء لبنان من الخزينة، كاشفاً في هذا السياق عن توقّف أحد معامل الإنتاج عن العمل بسبب تعذّر دفع ثمن الفيول. وقال: “تلقّيت رسالة من مؤسّسة كهرباء لبنان تنبّه إلى أنّها ستضطرّ إلى قطع الكهرباء وإقفال معامل إضافية إذا لم تقبض الأموال المخصّصة لها”.

السابق
الأخبار: المستقبل يحرك الاستحقاق الرئاسي مع بكركي
التالي
البناء: التجسّس الإسرائيلي في عهدة البعثات الدبلوماسيّة