السفير: طرابلس النازفة اعتداءات مذهبية .. وتكبيل للجيش

كتبت “السفير ” تقول:  وحدها الاضطرابات الأمنية المتنقلة تملأ فراغ الدولة المرشح ليس فقط للاستمرار، بل للتمدد أيضاً في اتجاه المزيد من المؤسسات الدستورية، ما لم يلتقط اللبنانيون لحظة التسوية النووية بين طهران وواشنطن لـ«تمرير “تسوية داخلية.
وأخطر أنواع التوتر هو ذلك الذي يسود مدينة طرابلس، حيث تتخذ الاعتداءات شبه اليومية، وعلى خلفية مذهبية، طابعاً منهجياً وتصاعدياً ينذر بـ«الآتي الأعظم، ما لم يتم تدارك الامر، قبل فوات الأوان.. وانفجار جولة جديدة من العنف.
وإزاء انسداد شرايين الحوار في الداخل، بدا أن الدولة قررت «تصريف الأعمال
في الخارج، مع تلاحق زيارات المراجع الرئاسية الى عواصم إقليمية عدة، بحثاً عن «طرف خيط” يقود الى مخرج من المأزق الراهن، تحت مظلة الاتفاق النووي.
وفيما عاد الرئيس نبيه بري من طهران، التقى الرئيس نجيب ميقاتي أمس أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني ويستعد لزيارة الكويت التي تتهيأ لمقاربة جديدة للأزمة السورية، وكذلك الفاتيكان القلقة على الوجود المسيحي في الشرق، كما تردّد أن رئيس الجمهورية ميشال سليمان قد يزور الإمارات العربية المتحدة قريباً.
وإذا كان بري قد تطوّع لـ«التبشير” في طهران بضرورة التقارب الايراني ــ السعودي في هذه المرحلة، حيث وجد أصداء إيجابية لموقفه، إلا انه يحرص على التأكيد أنه ليس «وسيطاً” بين الجانبين.
وسألت «السفير ” بري عن تعليقه على قول أحد نواب «كتلة التنمية والتحرير
أنه بصدد زيارة السعودية قريباً، فقال: أنا لا أقوم بوساطة بين طهران والرياض، وكل ما حاولت فعله هو تسهيل الأمور، ولا علم لي بزيارة قريبة الى السعودية، إذ انني لم أتلق دعوة ولم ينتدبني أحد لهذه المهمة، أما إذا طُلب مني أي شيء من هذا القبيل، فأنا جاهز.
أما زيارة ميقاتي للدوحة، بعد محطتي باريس وأنقرة، فقد جاءت تلبية لدعوة رسمية من نظيره القطري عبدالله بن ناصر بن خليفة آل ثاني، في إشارة خليجية مختلفة عن تلك التي كانت تشي بها مواقف دول مجلس التعاون الخليجي بعد ولادة الحكومة الميقاتية قبل سنتين ونيف.
وقال ميقاتي الذي اختلى بأمير قطر لمدة ربع ساعة، لـ«السفير” إن هذا اللقاء «كان مهماً جداً، وقد أعطى أمير قطر توجيهات بوجوب تزخيم العلاقات الثنائية بين البلدين، على أن تكون باكورة ذلك، دعوة اللجنة الاقتصادية العليا بين البلدين إلى اجتماع قريب، وقيام الوزارات المختصة اللبنانية والقطرية بالتواصل تحضيراً لهذا الاجتماع

أضاف ميقاتي أن الجانب القطري وعد بتقديم مساعدات مباشرة للحكومة اللبنانية في مجال مساعدة النازحين السوريين، على أن يستمر أيضاً برنامج المساعدات القطرية عبر مجموعة العمل الدولية والهيئات الإنسانية.
وأكد ان الرأي كان متفقاً بينه وبين أمير قطر حول أهمية انعقاد جنيف 2 وضرورة احتكام السوريين الى الحل السياسي بما يكفل وقف حمام الدم ووضع سوريا على سكة استعادة وحدتها ودورها وإطلاق ورشــة الإعمار والمصالحة الوطنية الشاملة.

طرابلس
في هذه الأثناء، بدا أن مجموعة من «الزعران
نجحت حتى الآن في استنزاف الخطة الامنية في طرابلس، وتعطيل مفاعيلها على الارض، بحيث اصبح ابناء المدينة لا يشعرون بها. والأخطر، ان الحوادث المتكررة والتي تفوح منها رائحة الفرز المذهبي المقيت، باتت تهدد بعزل المدينة عن محيطها ومنع أبناء الأقضية الشمالية من زيارتها. وفي سياق متصل، لوحظ أن الجيش أطلق أحد الموقوفين، وهو الشيخ ابو مصعب سكاف، بعد ضغوط مورست، وقطع طريق المنية – العبدة وصولاً الى التهديد بإقفال كل طرقات طرابلس.
وانطوى التحرك الذي حصل في الشارع على رسالة واضحة للجيش مفادها ان التوقيف ممنوع، ما يهدّد بتكبيل المؤسسة العسكرية وإطلاق العنان في المقابل لمجموعات تتلطى خلف «حصانة مذهبية
وكان شبان يستقلون دراجات نارية قد أطلقوا النار في الزاهرية أمس على المواطن علي العلي، وهو مواطن في العقد السادس من العمر ويعمل سائق تاكسي، كما أقدم شبان على إطلاق النار على محمد حسن ماما في قدميه، خلال تواجده في التبانة. كذلك أقدم شبان على إحراق سيارة حسين محمد ديب في شارع سوريا بعدما هرب منها؛ والمواطنون الثلاثة هم من جبل محسن.
وتأتي هذه الحوادث في سياق سلسلة طويلة من الاعتداءات المماثلة التي بدأت منذ فترة، ولا تزال تتوالى فصولاً، من دون أن تردعها خطط أمنية افتراضية، بل الملاحظ ان معظمها يتم في وضح النهار، ولا تستثني حتى كبار السن، وكأن مرتكبيها يستفيدون من ردود الفعل الباهتة، الامنية والسياسية، للتمادي في ارتكاباتهم.
وترافقت مظاهر الفلتان هذه، مع حرب كلامية مستعرة بين جبهات مواقع التواصل الاجتماعي، التي لا تقل حدة عن الجبهات الميدانية، ما أدى الى توتير الأجواء بين التبانة والقبة وجبل محسن، وإقفال المؤسسات التجارية، تحسباً لحصول أي طارئ، كما خلت الشوارع القريبة على خطوط التماس من المارة.

التجسس
على خط أمني آخر، يعقد اليوم في القاعة العامة لمجلس النواب اجتماع موسع، بدعوة من الرئيس نبيه بري، للبحث في مخاطر التجسس الاسرائيلي على لبنان، يحضره أعضاء لجنتي الاعلام والخارجية، والوزراء المختصون، إضافة الى عدد من السفراء والديبلوماسيين.
وعلم أن عدد السفراء والقائمين بالاعمال والديبلوماسيين الذين تأكد حضورهم، حتى بعد ظهر أمس، بلغ 30، علماً ان الدعوات وُجهت الى سفراء الاتحاد الاوروبي ودول «اليونيفيل “، والدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الامن، وممثل الامين العام للامم المتحدة في بيروت.
وسيُعرض عبر شاشة وُضعت في القاعة، تقرير مصور يتضمن كل المعطيات المتوافرة حول التجسس الاسرائيلي، ويضيء على الابراج الاسرائيلية المنتشرة على طول الحدود مع لبنان، وطريقة عملها وطبيعة أهدافها، وما ينطوي عليه وجودها من عدوان فاضح على سيادة لبنان. كما سيشرح التقرير آلية التجسس الاسرائيلي على قوات «اليونيفيل
والسفارات.

السابق
النهار: بري مستعد لأي وساطة تُطلب مني
التالي
الديار: توتر في طرابلس وبيان لأهل السنة يحذّر من قتل كل “نصيري”