المستقبل: سليمان يترصّد اللحظة المناسبة للدعوة إلى الحوار..

كتبت “المستقبل ” تقول:  فيما لا تزال تداعيات غزوة “حزب الله” للجامعة اليسوعية في بيروت تتفاعل، برز أمس حدث أمني ـ إعلامي بامتياز حيث حالت السلطات الرسمية اللبنانية، مرّة جديدة، دون التوغل في كشف مسار طويل من التهريب الذي تمارسه قوى الأمر الواقع، المتحكمة بالمرافق العامة، وتحديداً “حزب الله” في المطار ومرفأ بيروت، من خلال قيام عناصر من الجمارك اللبنانية بالاعتداء والضرب والإهانة وتوقيف زملاء صحافيين في محطة “الجديد” أثناء قيامهم بمهمة إعلامية في مبنى الجمارك المركزي تسلّط الضوء على ما يعتري هذا القطاع من نفوذ ميليشياوي يتحكم بموارد أساسية يُفترض أن تصب في مصلحة الخزينة العامة، ومحاولة مقابلة المدير العام بالتكليف للجمارك شفيق مرعي لاستيضاحه حول هذا الموضوع.
وقد عمد عناصر الجمارك الى تحطيم الكاميرات ومصادرة المعدات قبل أن يعتقلوا أربعة زملاء من المحطة، وتحويلهم الى النيابة العامة، حيث تم استجوابهم لساعات، قبل إطلاق سراحهم، على أن يُصار الى استدعاء عناصر من الجمارك، معنيين بحادثة الاعتداء للتحقيق لاحقاً.
وفي هذا الإطار، ذكّر وزير الأشغال العامة والنقل غازي العريضي أنه سبق وفتح هذا الملف منذ فترة “لكن للأسف لم يسمع أحد ولم يتحمّل أي مسؤول مسؤوليته”.
وقال العريضي لـ “المستقبل” إنه “سبق وذكرت أرقام في اجتماعات رسمية، وأثرت هذا الموضوع في الإعلام، ورغم ذلك طُوي الملف ولم يأخذ حقّه من النقاش ولم يتحمّل أحد مسؤولية ما يجري”.
أضاف “في أي حال، ما جرى لا يبرّر الاعتداء على الإعلاميين وهذا أمر مرفوض أياً كانت الجهة التي تقف وراءه. هناك قانون مطبوعات وقانون للمرئي والمسموع وهو الذي يجب أن يرعى هذا الموضوع”.
وبعد أن تقدم “تلفزيون الجديد” بشكوى أمام النيابة العامة التمييزية ضد المعتدين على فريق المحطة، أطلق النائب العام التمييزي بالوكالة القاضي سمير حمود سراح الزملاء في فريق “الجديد” رياض قبيسي وعلي خليفة وعلي شريم وأديب بركات بسندات إقامة، بعد اطلاعه على التحقيقات الأولية التي أجراها قسم المباحث الجنائية المركزية معهم حول الاعتداء الذي تعرضوا له.
وقد أكد حمود أن القضاء مع الحريات وليس ضدها، موضحاً أنه كلّف 3 أطباء شرعيين معاينة فريق “الجديد” إثر تعرضه للضرب.
وقد أثار هذا الاعتداء موجة استنكار واسعة حيث دان السياسيون من مختلف الاتجاهات ما تعرّض له الإعلام من قمع واعتداء، كما أجرى وزير الإعلام في حكومة تصريف الأعمال وليد الداعوق اتصالات شملت رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان ورئيس الحكومة المستقيل نجيب ميقاتي ووزير العدل شكيب قرطباوي والمراجع القضائية المعنية، من أجل إطلاق سراح الإعلاميين “المعتدى عليهم”، في وقت كانت الاحتجاجات على الاعتداء تتواصل من خلال الاعتصام الذي نُفذ أمام مبنى الجمارك في بيروت والمناطق.
واستنكر عضو “كتلة المستقبل” النائب محمد الحجار، باسم الكتلة، الاعتداء وعبّر عن رفض “الاعتداء على أي وسيلة إعلامية أو إعلامي أو مصور يحاول القيام بواجباته المهنية، بغض النظر عن ملابسات ما حصل”.
ودان نقيب الصحافة محمد البعلبكي ما حصل وقال “إنه اعتداء على كل الإعلاميين والصحافيين وهو محل إدانة من قبل جميع الصحافيين”.
واستنكر نقيب محرري الصحافة الياس عون الاعتداء. واتصل بمدعي عام التمييز القاضي حمود مطالباً بالتحقيق لمعرفة من المسؤول عمّا حصل.

سليمان
إلى ذلك، نقل زوار رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان عنه أن توقيع الاتفاق بين إيران والمجموعة الدولية “هو الحدث الأبرز على الصعيد اللبناني أيضاً، لأن من مصلحة لبنان أن ينسحب منطق الحوار والحلول السياسية إيجاباً على الأوضاع الإقليمية، ولا سيما بين دول الخليج وإيران بما يتوافق مع مبادئ القانون الدولي وحُسن الجوار ومبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، إذ إن من شأن بروز أجواء التهدئة والحوار والتفاهم بين إيران والدول العربية أن يؤثر إيجاباً على الاستقرار في لبنان وعلى المسار السياسي فيه”.
أضاف الزوار أن سليمان “يترصّد عن كثب اللحظة السياسية المناسبة للدعوة الى انعقاد هيئة الحوار وضمان نجاحها لأنه يعرف تماماً حجم الأخطار الأمنية الكبيرة التي تُحدق بلبنان، وهو يرى أن هذه اللحظة غير متوافرة حالياً”.
ويشير الزوار الى أن رئيس الجمهورية يعتبر أن “تشكيل الحكومة يخضع لاعتبارات ضاغطة أكثر من الدعوة الى الحوار لأن هناك مهلاً قانونية ملزمة منها مهلة 25 آذار المقبل حيث يكون مجلس النواب في حكم المنعقد لانتخاب رئيس للجمهورية، ومهلة 25 أيار الذي هو موعد انتخاب رئيس جديد للجمهورية، وبالتالي يجب التعجيل في تشكيل الحكومة قبل هذين الموعدين”.

السنيورة
وفي هذه اللحظة السياسية المصيرية التي تمرّ بها المنطقة نتيجة “الاتفاق النووي” الذي عقدته الجمهورية الإسلامية في إيران مع مجموعة 5+1 (الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي زائد ألمانيا)، أعاد رئيس كتلة “المستقبل” الرئيس فؤاد السنيورة توصيف مكمن المشكلات التي تعترض استعادة لبنان لمسار الحياة السياسية الطبيعية وتعزيز استقراره وإنهاض اقتصاده، من خلال التشديد مجدّداً على أن أساس المشكلة هو “التمرّد على الإجماع الوطني والسلم الأهلي” مؤكّداً أن “السلاح يستحضر سلاحاً يقابله، وبالتالي فإن عودة حزب الله وسلاحه إلى كنف الدولة هي طريق الحل”.
واعتبر في كلمة وجهها إلى اللبنانيين بعد الاجتماع الأسبوعي لكتلة “المستقبل” النيابية في بيت الوسط، أن “الاتفاق هو نقيض الاختلاف ومن هنا نرحب من حيث المبدأ بالاتفاق الذي تمّ التوصل إليه في جنيف بين إيران والدول الخمس الكبرى زائد واحد على مسألة الملف النووي” مشدّداً على أن هذا الاتفاق “يجنّب المنطقة خطر المواجهة العسكرية الذي كنا نرفضه دائماً”.
لكنه اعتبر أن نجاح الاتفاق “مرهون بما تقرره الجمهورية الإسلامية الإيرانية التي تربطها مع منطقتنا العربية روابط التاريخ المشترك في الدين والثقافة والجغرافيا والمصالح المشتركة لجهة التحولِ الى الاعتدال واعتماد مبدأ التعاون القائم على أساس عدم التدخل في الشؤون الداخلية العربية واحترام استقلال وسيادة هذه الدول”.
وحدّد السنيورة مسارات الحلّ على أن “أولها، أن يصار إلى تأليف حكومةٍ من غير الحزبيين تُعنى بتسيير أمور الدولة وبعيش المواطنين وأمنهم خلال المرحلة الانتقالية حتى انتخاب رئيس جديد للجمهورية- وثانيها، إطلاق حوار وطني بقيادة رئيس الجمهورية لمناقشة ما تبقى من قضايا كبرى تتهدد مصائر الوطن والمواطنين. وثالثها، خروج حزب الله وقواته من الحرب المعلنة والمشنونة على الشعب السوري من جانب النظام، وعلى أن يلي ذلك نشر الجيش اللبناني على الحدود لمنع دخول المقاتلين وتهريب السلاح إلى سوريا ومنها إلى لبنان من أي جهة كانت”.

“حزب الله”
وعوضاً عن محاولة “حزب الله” احتواء خطورة ما أقدم عليه طلابه من حراك يشتمّ منه رائحة الفتنة والاستعلاء، بادر على لسان النائب في كتلة “الوفاء للمقاومة” حسن فضل الله إلى استكمال غزوته الميدانية بغزو سياسي من العيار الثقيل، متحدّثاً عن “معارك وهمية”، و”محاولة الاستثمار عبر التجييش الطائفي والمذهبي”، ضارباً عرض الحائط بمشاعر شركائه في الوطن ورامياً كرة ما قام به طلاّبه من عمل مشين إلى ملعب الفريق المعتدى عليه.

مجلس الأمن الدولي
في غضون ذلك، أعرب مجلس الأمن الدولي عن قلقه البالغ إزاء التأثير الذي تتركه الأزمة في سوريا على حالة الاستقرار في لبنان، وناشد جميع اللبنانيين الحفاظ على الوحدة الوطنية في مواجهة محاولات تقويض الاستقرار في بلادهم.
وأشار بيان أدلى به رئيس المجلس لهذا الشهر المندوب الصيني الدائم ليو جيه يي إلى أن “أعضاء المجلس يشدّدون على أهمية احترام جميع الأطراف اللبنانية سياسة بلدهم بالنأي بالنفس وعدم التورط في أي تدخل في الأزمة السورية”، وحث جميع الأطراف على “المشاركة البناءة في عملية تسهيل تشكيل حكومة بلدهم بحيث تحترم المبادئ الديموقراطية والدستورية في لبنان وتستجيب بشكل فعال لتحديات الأمن والتنمية فيه بأقرب وقت ممكن”.

السابق
الديار: توترات سنية درزية في شبعا حاصبيا على خلفية معارك جبل الشيخ
التالي
اللواء: مواجهة هوليودية على أبواب الجمارك تكشف هريان الدولة