طائرة أميركية حطّت في رياق.. و8 آذار: ولا كلمة

اميركا
ماذا لو هبطت الطائرة الاميركية في مطار رياق قبل المحادثات الاميركية الإيرانية؟ لكان جنّ جنون وسائل اعلام 8 آذار، تنديدا ورفضا. لكن من الواضح أنّ الوضع تبدل الآن. فهل هبوط طائرات دول اجنبية لاسباب مجهولة لم يعد تعدّيا على السيادة؟ وأين المقاومة؟ وهل من الممكن أن يصبح اختراق الطائرات الاسرائيلية ومرورها فوق المناطق اللبنانية أمرا مسموحا في ظل التقارب الايراني الاميركي (الاسرائيلي؟)

ليست المرة الاولى التي تهبط طائرات اميركية في مطارات لبنان فجأة. لكنّ المستغرب هو ردود الفعل التي ترافق هذا الحدث. فغالبا ما يشهد هذا الفعل رفضا قاطعا من قبل فريق الثامن من آذار وإعلامه، ويتم اعتباره تعدّياً على السيادة اللبنانية. في حين أنّ الهبوط الاخير للطائرات الاميركية في مطار رياق بالبقاع منذ يومين لم يحرّك جفنا في 8 آذار: ومرّ كأنّه لم يكن.

في السابق، كان يترافق هبوط الطائرات الاميركية المتكرر في مطار القليعات، بسكوت مطبق من إعلام 14 آذار، وبموجة من التعليقات والانتقادات اللاذعة التي تتصدر الصفحات الاولى لوسائل إعلام 8 آذار المرئية والمكتوبة. وقد ساهم هذا التوجه الممانع بنشر افكار تندّد بـ”المخطط الاميركي”، المفترض، الذي يقوم على “إنشاء قواعد عسكرية أميركية في مطار القليعات القريب من الحدود اللبنانية السورية”. ناهيك عن التحذير من “إمكانية استخدام هذه المنطقة الشاسعة المساحة كنقطة تمركز لقوات مجوقلة مخصصة للتدخل السريع”. وقد جوبه سابقا طلب الرئيس ميشال سليمان من وزير الأشغال العامة والنقل غازي العريضي الإسراع في اتخاذ الإجراءات والتدابير لإعادة تشغيل مطار الرئيس رينيه معوض (القليعات) أمام حركة الملاحة الجوية، برفض قاطع من حزب الله وحلفائه وفق ما أسموه بـ”الانخراط في مشروع الدولة اللبنانية، ومواصلته استخدام هذا المرفق لابتزاز الدولة في كل شؤونها الخاصة”.

تغيّر هذا الخطاب لم يكن مفاجئا بعد التغيرات الاقليمية والتحالفية التي تعم في المنطقة، وعلى الرغم من ان تبرير السفارة الاميركية جاء مساء، إلا ان أيّا من الاتهامات والانتقادات السابقة لم تعلن. فبات من حقنا التساؤل عما ستؤول اليه الامور في الايام المقبلة، خصوصاً بالنسبة الى علاقاتنا مع اسرائيل. لا سيما وأنّ العدو الاسرائيلي يعيش في أكثر فترة رخاء واستقرار منذ احتلاله الجنوب اللبنانية منتصف القرن الماضي.

إذ قام العدوّ الاسرائيلي هذه السنة بالعديد من التعديات في منطقتي كفركلا والعديسة، وهو في صدد بناء برج للمراقبة قبالة هذه المنطقة، إضافة الى “الكزدرة” المستمرة لطائراته الاستطلاعية فوق الاراضي اللبنانية، حتى بات الامر عاديا وطبيعيا: كأنّه لم يكن.

يذكر ان السفارة الاميركية بررت هذا الهبوط مؤكدة ان “طائرة أميركية عسكرية حطت في إطار برنامج الرحلات الروتينية العسكرية الأميركية مع القوّات الخاصة اللبنانية”، مشيرة الى ان “هذا التدريب يعدّ جزءاً من الشراكة بين الولايات المتحدة ولبنان”.

الأكيد أنّ المنطقة العربية تشهد تغييرات جذرية في المواقف والخطابات بعد المحادثات المطولة بين ايران ودول (5+1)، وصولا الى الاتفاق للحدّ من مخاطر البرنامج الايراني النووي مقابل تخفيف محدود في العقوبات. وقد بدأ انعكاس هذا الامر على الساحة اللبنانية وبرز بشكل واضح بعد هبوط الطائرة الاميركية في الرياق.

والثابت أنّ التغييرات الاقليمية والعالمية قد تساهم في حلحلة بعض الامور، لكن لا يمكن أن ينقلب العدو بين ليلة وأخرى ويصبح صديقا. والاتفاق الايراني الاميركي يركز بشكل أساسي على “أمن اسرائيل”، بحسب ما أعلن أمس الأول وزير الخارجية الاميركي جون كيري في حديث مع الرئيس الاسرائيلي بنيامين نتنياهو حين أكد له ان الاتفاق مع ايران هو “الامثل والافضل لاسرائيل”. فما مصير المقاومة من هذا الاتفاق؟

الايام كفيلة بكشف ذلك المصير.

السابق
السعودية لن تجابه إيران بتفجير سفارتها او بعثاتها الدبلوماسية
التالي
قراءة في الاتفاق الايراني- الدولي: أمن إسرائيل