مهور النساء حق مهدور بتواطؤ ديني

عروس
25 تشرين الثاني هو اليوم العالمي للقضاء على العنف ضدّ المرأة. في هذا السياق ثمة حقوق للمرأة المسلمة منحها إياها الشرع الاسلامي، إلا أنّ بعض رجال الدين يتعاطى مع الشرع بحسب فلسفته السياسية، التي من خلالها يرّوج لما ينفع ولاءه السياسي، ومنها مسألة الزواج المبكر، بما في ذلك من هدر لحقوق الزوجة المادية والمعنوية.

تتزوج المسلمة من المسلم بصيغة محددة بالنص التالي: “زوّجتك موكلتيّ على مهر وقدره قرآن مقدم، وحجّ الى بيت الله مؤخر الى أقرب الأجلين”. هذا النص الذي يردده رجل الدين امام الرجل والمرأة خلال عقد الزواج لدى ابناء المذهب الشيعي يستبطن في ثناياه هضما لحق المرأة المسلمة.

وكان لافتا أنّ احد العلماء ردّد منذ سنوات امام زوج وزوجة، قصداه للطلاق بدعوى من الزوجة، أنّنه يحق للزوجة طالبة للطلاق الحصول على المؤخر حتى في هذه الحالة. الا ان صاحبة الدعوة لم تهتم بالامر لأنّها كانت تودّ التخلص من هذا الزوج.

هذه القصة تمت استعادتها بعد ان ذكر عالم ثاني ايضا (وهذان العالمان من أتباع المرجع السيد السيستاني) امام مجموعة من المهتمين، أنّ مسألة تأخير اعطاء المرأة مهرها الى حين الطلاق او وفاة الزوج ليست الا بدعة لا يقبلها الشرع الاسلامي. فبرأيه: “ما إن تعطي المرأة كلمتها بالموافقة على الزواج فهذا يعني انها سلمته امرها ونفسها فيصير المهر من حقها تلقائيا”. ويسأل العالم الديني: “ما معنى ان أُعطيها المهر حين الطلاق او بعد الوفاة؟”.

معظم الزوجات تدخل منزلها الزوجي دون أيّ أملاك تنالها، على عكس الفترات الماضية حين كان يكتب لها الزوج المستقبلي مؤخر “قطعة أرض” أو منزلا او “ليرات ذهبية”.

اليوم، وبعد انتشار ما يسمى “موجة التدين”، عمد رجال الدين الشيعة الى نشر فلسفة الزواج المبكر لدى الشباب. لكنّ هؤلاء الشباب، ممن ليسوا الا جامعيين او ثانويين او عمال في مؤسسات براتب ضئيل جدا، كيف يمكنهم أن يؤسسوا لحياة عائلية مع شريكة في وطن كلبنان كل شيء فيه باهظ الثمن إلا الانسان؟ وتحديدا مع راتب لا يكفي بدل ايجار منزل في الضاحية الجنوبية حتّى؟ الى ماذا رمى هؤلاء العلماء من وراء نشر فلسفة الزواج المبكر غير منع الفساد؟

طبعا كان الهدف إقناع العائلات بقبول ما يتوافق مع هذا الحديث: “من ترضونه دينه وخلقه فزوّجوه وان لم تفعلوا ففساد في الارض”. هذا الحديث لا يعني ان يتم، بتواطؤ ديني، حرمان المرأة من حقوقها المادية مهما كانت بسيطة.

لقد عبّر الشيخ محمد حسين الحاج عن انتشار مقولة ارجاء مهر الزوجة إلى “أقرب الأجلين” بالقول: “هذا غير مقبول”. والشرح لأنّنا نقع هنا في مطب فقدان قيمة هذا المهر بعد مرور الزمن عليه، وثانيا لأنّه من حقّ هذه المرأة، كما بذلت نفسها وحياتها لزوجها، أن يبذل هو أيضا المهر كاملا حين عقد القران. مع ضرورة الاشارة الى أنّ بعض النساء تنال من زوجها المال والهدايا والذهب، الا أنّ من ترضى بهذا المهر ليست من النساء المالكات او القادرات. فعلى من يصدر الفتاوى ان يراعي الشأن العام والحالة الوسطية للمجتمع اللبناني لصالح ركني المجتمع: المرأة والرجل.

إذ غالبا ما تكون الزوجة شريكة في الهموم الا أنّ مال زوجها يبقى له ولأولاده. فإذا طلقها لن تجد معيلا لها بعد أن تكون قد تركت منزل اهلها، وتوقفت عن العمل وكرّست وقتها للانجاب. فتعود فقيرة، بعد سنوات، كما يعود عدّاد السباق الى نقطة الصفر. ويكون اهلها قد عجزوا وشاخوا ووزعوا أملاكهم على الأبناء، وأخوتها قد تزوجوا فلن تجد من يرحّب بها، كما يحصل كلّ يوم.

هنا لا بدّ من التذكير أنّ هذه الشركة، الزواج، حيث المرأة عاملة متطوعة تقريبا، في الزيجات التقليدية، لا تحصل على تعويض نهاية الخدمة. فهل يرضى الشرع بهذه النهاية لامرأة وأمّ ضحت وتحملت وربّت؟ أهكذا يرضى العلماء عن اشاعة فلسفة “المقدّم قرآن والمؤخر حج الى بيت الله الحرام”؟ فلسفة لا تُكلف الزوج سوى 2500 دولار بدل عمر إنسان كامل؟

السابق
المرشد: اصمتوا.. لنفاوض
التالي
اتفاق إيراني أميركي على حساب العرب