تحقيقات ما بعد كشف الانتحاريين

توصلت الأجهزة الأمنية اللبنانية «بسرعة» الى معرفة شخصية الإنتحاريين اللذين نفذا عملية استهداف السفارة الإيرانية بتفجيرين متتاليين في بيروت الأسبوع الماضي ما أدى الى سقوط نحو 25 شهيداً وأكثر من 150 جريحاً. إلا أن ذلك يفتح الباب واسعاً على تحقيق ربما يكون أدقّ وأصعب من المرحلة الأولى منه وهو التوصل الى كشف الجهة التي خططت وجهزت السيارة المفخخة والحزام الناسف وكيف تم تسليمهما الى الإنتحاريين من جماعة أحمد الأسير «المتواري» عن أنظار السلطات التي تلاحقه بموجب مذكرات قضائية بتهم عديدة من بينها افتعال حوادث عبرا مع الجيش اللبناني قرب مدينة صيدا الجنوبية في حزيران الماضي.
ما يستدعي السؤال حقيقة يتعلق بالتوقيت الذي اختير لتنفيذ العملية ذلك أن موعدها تزامن مع تحضير موكب السفير الإيراني في لبنان غضنفر ركن أبادي للإنطلاق من السفارة يرافقه الملحق الثقافي فيها الشيخ الشهيد ابراهيم الأنصاري للتوجه للقاء وزير الثقافة في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية غابي ليون بناء على موعد مسبق ما يشير الى أن معلومات كانت سربت عن تاريخ اليوم والساعة التي من الممكن أن يتحرك فيها السفير .
ما يمكن وصفه بالإختراق الأمني قد تكون الجهتان الإيرانية واللبنانية مسؤولتين عنه إلا أن الجهة التي نفذت العملية وهي حتى الآن «جماعة الأسير» ستكون الجهة الوحيدة المسؤولة عن الإنفجارين الى أن تتضح الصورة بالكامل حول مكان استلام السيارة المفخخة والحزام الناسف اللذين استخدما في التفجيرين بعد أن أعلن أن المنفذين الإثنين قد خرجا من الفندق حيث كانا يقيمان سيراً على الاقدام وأنهما استقلاّ سيارة أجرة الى مكان آخر ليس ببعيد عن السفارة الهدف.
ويقول متابعون لملف «جماعة الأسير» إن التوصل الى كشف هوية انتحاريي الهجوم على السفارة الإيرانية وانتمائهما سيسرّع من عملية ملاحقة عناصر وتشكيلات تلك الجماعة في المنطقة التي يأوون اليها في «التعمير» و«الطوارئ» اللتين تقعان بالقرب من مخيم عين الحلوة في جنوب شرق مدينة صيدا مشيرين الى أن المعلومات التي كانت جمعت حول مكان وجود الأسير وفضل شاكر كافية لشن حملة عليهم بعد ظهور مخاوف من نشاط إرهابي يحضران له وعقب التثبت من انتماء الإنتحاريين لجماعتهما.
وتتكثف الإتصالات مع الجهات الفلسطينية المعنية في مخيم عين الحلوة وخارجه من أجل عدم التدخل في أي نزاع مسلح قد ينشأ عن أية عملية أمنية قد تقوم بها الأجهزة الأمنية اللبنانية والجيــش اللبناني في أية لحظة في تلك المنطقة علماً أن الفصائل الفلسطينية سبق وأعلنت أنها لن تتدخل ناهيك عن أنها منعت الأسير وجماعته من التواجد داخل المخيم كما انها تصدت لبعض التنظيمات السلفية الفلسطينية عندما حاولت مدّ يد المساعــدة لهــم إثر حوادث عبرا السابقة.
ويتوقف المراقبون عند البيان الذي صدر عن المملكة العربية السعودية كرد فعل على التفجيرين اللذين استهدفا السفارة الإيرانية وخلوّه من اية إشارة لها وتعميم الكلام حول الإنفجارات في حين أن موقف المملكة من مجمل القضايا المتعلقة بإيران أو بحزب الله ولا سيما من الحرب في سوريا ومشاركة الأخير بالمعارك هناك يبدو واضحاً جداً لجهة اعتباره يوجه ضربة موجعة لتدخل مخابراتها ورئيسها بندر بن سلطان في تلك الحرب عبر إرسال المقاتلين من جنسيات متعددة وتسليحهم ودفع الأموال لهم في تبنٍ كامل للجماعات الإرهابية التي تنشط هناك وفي الدول المجاورة لسورية وأبرزها لبنان الذي تعلّق المملكة كافة أنواع مشاركة فريقها اللبناني بتشكيل حكومته الجديدة لتدير الأزمة بالحد الأدنى إذا لم تستطع النهوض بالبلد وانتشاله مما يتخبط فيه.

السابق
قطر ترحب بالاتفاق الغربي الايراني خطوة هامة نحو السلام
التالي
رسائل من واشنطن الى حزب الله