المرشد: اصمتوا.. لنفاوض

وأد المرشد آية الله علي خامنئي النقاش الايراني – الايراني، حول الاتفاق الذي وقع في جنيف بين وزراء خارجية دول 5+1 والوزير الايراني جواد ظريف. فقد أشاد خامنئي “بأداء الفريق الايراني في المفاوضات معتبراً أن الاتفاق بإمكانه أن يشكل أساساً لخطوات لاحقة”. ولخص الرئيس حسن روحاني الاتفاق بأنه “أعطى لإيران حق تخصيب اليورانيوم على الأراضي الايرانية. كما أن هيكلية العقوبات بدأت تتصدع”.
بين تواضع روحاني وحسم خامنئي، يكمن النصف الملآن من الكأس.
الأميركي اختار الكلام عن النصف الفارغ من الكأس الايراني قبل أن يجف حبر الاتفاق. فقد كشف مسؤول أميركي تفاصيل الاتفاق فإذا به يؤكد أن الإيراني أخذ أقلّ بكثير مما طالب به، وأن الأميركي زائد مجموعة الخمسة أعطت الايراني ما يساعده على الاندفاع بسرعة أكبر لإنجاز الاتفاق النهائي. البارز أيضاً أن الطرفين الأميركي والإيراني تكلّما بلغة واحدة نسبياً حول المستقبل بأن الاتفاق بداية لبناء الثقة بينهما.
إيران حصلت على الاعتراف بأنها دولة نووية. هذا الاعتراف ليس كما كانت تريده طهران أي نصاً رسمياً يقع في صلب الاتفاق المعلن، ولكنه “دوفاكتو”. فقد قبلت واشنطن ومعها باقي الدول الخمس بحق إيران بالتخصيب بنسبة لا تتجاوز 5 بالمئة، وبدلاً من الالتزام بإخراج الكمية المخصبة بنسبة 20 بالمئة الى الخارج فإنه تم اختيار كلمة “تحييد” هذه الكمية ومن ثمَّ تخفيفها بشكل كامل من خلال تحويلها الى يورانيوم مخصب بنسبة 5 بالمئة. أيضاً ودائماً حسب النص الأميركي فإن إيران حافظت على الشكل في قوتها النووية وتخلّت عن المضمون إذ يقول النص الأميركي أن على إيران:
*تعطيل نصف أجهزة الطرد المركزي في نطنز وثلاثة أرباع الأجهزة في موزدر. أي أن إيران حافظت على مطلبها بعدم تدمير موزدر لكنها قبلت بشلّه.
*مفاعل اراك وهو الأهم لأنه سيعمل بالمياه الثقيلة التي تؤهله لإنتاج السلاح النووي، فإن إيران التزمت عدم تشغيله وعدم تزويده بالوقود وعدم نقل أي وقود أو مياه ثقيلة له.
*إتاحة المجال بصفة يومية لمفتّشي الطاقة الذرية لدخول نطنز وموزدر ومراقبة ما صورته الكاميرات.
*إتاحة المجال لوكالة الطاقة الدخول الى مناجم اليورانيوم ومحطات تجهيزه.
مقابل وضع كل القوة النووية الإيرانة المفيدة تحت الأضواء الكاشفة للوكالة الدولية حصلت إيران على:
ـ تخفيف العقوبات بشكل محدود وتوقف يمكن الرجوع عنه، وعدم فرض عقوبات جديدة طوال الأشهر الستة القادمة.
ـ وفق عقوبات معينة وليس كل العقوبات على الذهب والمعادن الثمينة وقطاع السيارات بما ينتج لإيران إيرادات لا تزيد عن مليار ونصف مليار دولار.
ـ ابقاء مشتريات النفط على مستوياتها الحالية المخفضة لمستويات تقل بنسبة 60 بالمئة عما كانت عليه قبل عامين.
توجد تفاصيل أخرى لكنها تبقى ثانوية أمام كلّ ما سبق. إيران ذهبت بعيداً في تقديم التنازلات لكسب ثقة الولايات المتحدة الأميركية أولاً وقبل الدول الخمس الأخرى. وبسبب كل هذا “وأد” المرشد النقاش الداخلي حتى لا يعلو صوت الاعتراض على “ضجيج” الترحيب به. كل ذلك يؤكد أن إيران بحاجة فعلاً الى هذا الاتفاق للحصول على إلغاء العقوبات نهائياً.
طهران امتلكت المعرفة والقدرة على صناعة السلاح النووي وهذا كافٍ بالنسبة لها. وهي تريد أن تمتلك شرعية وحقوق الدولة الاقليمية الكبرى التي تشارك الولايات المتحدة الأميركية في صياغة مسارات منطقة الشرق الأوسط، لذلك ليس أمراً كبيراً أن تقدّم كلّ هذه التنازلات بما لا تستطيع امتلاكه أصلاً وهو القوة النووية الحرة من أي حدود وقيود ورقابة. السؤال ماذا تستطيع الدول العربية أن تفعل لتحرير نفسها من القلق والخوف من أن تمتد يد إيران الى كل المنطقة لتنفيذ سياستها ابتداءً من سوريا ولبنان وصولاً الى أفغانستان؟
كشفت واشنطن أنها أجرت مفاوضات ثنائية مع طهران سابقاً. والآن بعد الاتفاق بدأت المفاوضات المباشرة للتوصل الى المصالحة الكاملة والنهائية بين “الشيطان الأكبر” و”محور الشر” ممثّلاً بإيران.

السابق
كيف تصنع انتحاريا
التالي
مهور النساء حق مهدور بتواطؤ ديني