ويسألونك عن القاعدة…

قاعدة
من المعروف أنّه في عالم المخابرات والاعمال الاستخبارية لا تكون بالضرورة العناوين الواضحة او الاسماء المستعملة هي التي تدلّ على هوية الفاعل .. فكثيرون من المجرمين يحاولون الاختباء خلف ستائر يصنعونها بأيديهم ليحافظوا على عدم إظهار وجوههم البشعة.

بعد 11 ايلول 2001 تحديدا، وبعد كلّ عملية انتحارية تستهدف منشأة ما، يطفو على السطح اسم “القاعدة ” كمتهم أوّل. وهذا بالضبط ما حصل بعد تفجير انتحاريين نفسيهما أمام السفارة الايرانية في بيروت. وهذا يدفع الباحثين والكاتبين مرة جديدة الى اعادة تكرار معلومات عن هذا التنظيم الارهابي صارت شبه معروفة عند الجميع عن اسباب انشاء هذا التنظيم وانطلاقته من المعسكرات التي اسسها ابو عبيدة البنشيري. وكيف أنّها كانت موجّهة لتدريب المجاهدين على محاربة الارهاب الروسي يومها. وكيف أنّ من هذه المعسكرات خرجت “القاعدة” واستُمدّ الاسم. وهذه المعسكرات كانت تحظى بكل الدعم من الاستخبارات الامركية التي سمحت يومها لعبد الله عزام بفتح مكاتب للتجنيد على اراضيها كان ابرزها مكتب “كفاح ” في مسجد الفاروق ببروكلين.

هذا كلّه يكاد أن يكون معروفا عند الجميع. أما ما هو غامض الى حدّ الظلام فهو المطرح الذي آل اليه هذا التنظيم. فهو سرعان ما تحول، بعد الانسحاب الروسي من افغانستان وانتهاء الدور المناط به من مؤسسيه، الى مجموعات متناحرة متقاتلة مشرذمة دخلت على خط اللعب بها واستخدامها وتشغيلها الكثير الكثير من اجهزة المخابرات ومن كل الاتجاهات. وهذا امر مسهّل مخابراتيا.

يكفي لأيّ ضابط مخابرات ولاي جهاز انتمى ان يطيل لحيته ويتواجد في مسجد ما في مكان ما من هذا العالم الاسلامي بعد ان يكون قد خضع لدورة تثقيفية بسيطة على دراسة كتابات سيّد قطب، وطبعا قبل كل هذا يكون مزودا بكمية كبيرة من الاموال (هي من عند الله) ليستطيع بعد ذلك وبسهولة تامة تجنيد العشرات من الشباب الحاضرين “للاستشهاد” ولتفجير أنفسهم، وتتكفّل بعد ذلك غرف الظلام المشغّلة له بكتابة بيان تبني العملية وتحميلها لما يسمى “القاعدة”. تلك التي تحولت الى مجرد ستارة في إمكان من يريد أن يختبىء خلفها، من عسس ومن مجرمين، فيمارسون اجرامهم بكلّ هدوء، طالما أنّ وجوههم البشعة ستبقى في الظلام وخلف تلك الستارة الحمراء. ستارة إن سألت عنها ستبدو كمن يسأل عن مجهول او عن “راجح” الكذبة في المسرحية الرحبانية “بيّاع الخواتم”. أو في أفضل الأحوال ستبدو باحثا في عالم آخر، كما الروح التي علمها عند ربّي !

السابق
الاخبار: بئر حسن أولى ثمار تعاون إسرائيلي ـ سعــودي؟
التالي
التحقيق يتقدم في تفجيري السفارة وتضارب بشأن صور المنفذين