المستقبل: السعودية تدعو رعاياها إلى مغادرة لبنان..

كتبت المستقبل: ظلّ المناخ التوتيري الذي أشعله “حزب الله” عبر آلته السياسية والإعلامية غداة استهداف السفارة الإيرانية بالتفجيرين الانتحاريين الإرهابيين مهيمناً على مجمل الوضع اللبناني عشية الاحتفال بالذكرى السبعين للاستقلال.
وذلك التوتير الممنهج والمقصود والذي ترافق ويترافق مع تشديد غير مسبوق في الإجراءات الأمنية في مناطق نفوذ “حزب الله” وحول مقار ومؤسسات وهيئات سياسية وأهلية وديبلوماسية في معظم أنحاء لبنان، لم يحل دون توجيه رئيس الجمهورية ميشال سليمان رسالة شديدة الوضوح إزاء المخاطر المحدقة بالكيان الوطني جرّاء السلاح غير الشرعي والتدخّل الدموي في سوريا واعتبارهما نقيضين حتميين للاستقلال والدولة كما للاستقرار الأهلي راهناً ومستقبلاً.
ولاحظت أوساط سياسية مخضرمة، أنّ لبنان يحتفل بعيد الاستقلال “وهو خالٍ من أي وجود لأي جيش غير وطني على أرضه، لكنه، للمفارقة، مُعرَّض بسبب سلاح “حزب الله” لمخاطر وجودية ومصيرية أكبر وأخطر من أي احتلال خارجي، بحيث أنّ اللبنانيين لم يشعروا بهذا القدر من القلق والتوجّس إزاء راهنهم ومستقبلهم، حتى في أحلك أيام الحروب والاحتلالات”. معتبرة “أن حزب الله يطعن الاستقلال في نحره من خلال كسره أحادية امتلاك السلطة الشرعية للسلاح ومصادرته قرار الدولة في موضوعَي الحرب والسلام الحاسمين”.
على أي حال، فإنّ رئيس الجمهورية كان زار السفارة الإيرانية معزّياً بضحايا التفجيرَين الإرهابيين. كما زار وفد من “تيّار المستقبل” السفارة وقدّم تعازيه باسم الرئيس سعد الحريري وفؤاد السنيورة. وأكد النائب عمّار حوري بعد ذلك “أنّ هذا العمل مُدان وهو أصاب جميع اللبنانيين” داعياً إلى “إبقاء الأمور في إطار التعالي عن الجراح بعيداً عن اتهام المملكة العربية السعودية بأنّها لم تُدِنْ” ما حصل.
والضخ التوتيري الافترائي المسعور الذي طاول المملكة غداة ذينك التفجيرَين، دفع بها إلى حضّ رعاياها على مغادرة لبنان حرصاً على سلامتهم. وأوضح السفير السعودي في بيروت علي عواض عسيري “أنّ السفارة لم تتلقَ أي تهديدات أمنية ودعوة الرعايا إلى المغادرة تأتي في إطار ذلك الحرص”، ولفت في تصريح إلى تلفزيون “المستقبل” إلى أنّه خارج لبنان في زيارة عمل وسيعود “في وقت قريب”.

سليمان والمخاطر
وفي كلمته إلى اللبنانيين عشية الاحتفال بالذكرى السبعين للاستقلال، أكد رئيس الجمهورية العماد سليمان “أنّ الأزمة الوطنية المستجدّة (…) باتت تطرح أسئلة مقلقة حول حقيقة الاستقلال ومعانيه وحول سلامة الممارسة الديموقراطية في لبنان ومدى قدرتنا على إدارة أنفسنا بأنفسنا”، معتبراً أنّ “موجة التفجيرات المخزية وآخرها التفجير المُدان الذي استهدف السفارة الإيرانية، جاءت لتؤكد ما بات يتهدّد الوطن من مخاطر فتنة وإرهاب مستورد”.
وقال “لا يمكن أن تقوم دولة الاستقلال، إذا ما قرّرت أطراف أو جماعات لبنانية بعينها، الاستقلال عن منطق الدولة، أو إذا ما ارتضت الخروج عن التوافق الوطني، باتخاذ قرارات تسمح بتخطّي الحدود والانخراط في نزاع مسلح على أرض دولة شقيقة، وتعريض الوحدة الوطنية والسلم الأهلي للخطر (…) ولا يجدر الحديث عن الاستقلال، أيها اللبنانيون، إذا ما عجزت الدولة عن نشر سلطتها الحصرية على كامل تراب الوطن وضبط البؤر الأمنية وقمع المخالفات ومحاربة الإرهاب، وإذا لم تكن القوّات المسلحة هي الممسكة الوحيدة بالسلاح والناظمة للقدرات الدفاعية بإشراف السلطة السياسية”.
وإذ شدّد على أن “إعلان بعبدا” أكد أهمية تحييد لبنان “تحييداً إيجابياً لا يُختصر بالنأي بالنفس كما لا يرتقي إلى مرتبة الحياد”، أكد أنّه وضع في تصرّف هيئة الحوار واللبنانيين “تصوراً لاستراتيجية وطنية للدفاع، عمادها الجيش اللبناني، يقيناً مني بأنّ مشكلة السلاح عائق أمام مسيرة الوفاق الوطني، إذا لم تتوضّح وظيفة هذا السلاح وعلاقته بالشرعية وبالحكومة. مع العلم أنّنا حريصون على الاحتفاظ بكل قدراتنا الوطنية، في مواجهة العدو الإسرائيلي ومكائده وشبكات تجسسه، دفاعاً عن أرضنا وسيادتنا وثرواتنا الطبيعية، مع مواصلة السعي لتنفيذ القرار 1701 بكل مندرجاته، بالتعاون مع قوات اليونيفيل”.
وبقي “حزب الله” عند امتناعه عن إصدار موقف رسمي في شأن ما حصل، إلاّ أنّ كتلته النيابية خرجت ببيان يعتبر “أنّ هذا النوع الخطير من الأساليب العدوانية يتجاوز كل الحدود ويضع لبنان فعلاً في دائرة التهديد لاستقراره ووحدته وسلمه الأهلي (…) وهو كاشف بالدلالة الواضحة عن هوية المخططين له والمنفذين الذين يقدمون خدمات جُلى للصهاينة”، جازمة بأنّ “هذا الأسلوب المتوحّش لن يستطيع الضالعون فيه تغيير المعادلات ولا إعادة عقارب الساعة إلى الوراء لا على المستوى المحلي ولا على المستوى الإقليمي”.

التحقيقات
وفيما أبلغ وزير الداخلية والبلديات مروان شربل “المستقبل” أنّ التحقيقات الجارية في شأن التفجيرَين “سرية والقضاء هو الذي يوضحها وأنّ الجانب الإيراني مرتاح إلى مسارها”، تابع مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر عمله على القضية وأشرف على تحليل الأفلام العائدة لكاميرات المراقبة للتعرّف إلى الانتحاريين اللذين ظهر وجهاهما قبيل تنفيذ العملية بعدما كانا غادرا فندق “شيراتون points4” في فردان، بما يسهّل على الأجهزة القضائية تحديد هويتيهما.
وسرت تحت وطأة الهلع الأمني، معلومات عن الاشتباه بسيارات وأشخاص ذكر بعضها أنّه تم العثور مع شخصين داخل سيارة “ب.ام.x5” على هواتف تحوي صور مراكز عبادة وأخرى لقصر العدل في طرابلس ولبعض المناطق “الحساسة”، إلاّ أنّ شيئاً رسمياً لم يُعلن في هذا الصدد.

السابق
البناء: لبنان يحتفل اليوم بالاستقلال على وقع تداعيات التفجير الإرهابي المزدوج
التالي
اللواء: تساؤلات مقلقة عن الجهات التي تحاول الإيقاع بين الرياض وطهران