اللواء: تساؤلات مقلقة عن الجهات التي تحاول الإيقاع بين الرياض وطهران

كتبت المستقبل: يحتفل لبنان اليوم بالذكرى السبعين لاستقلاله، في ظروف سياسية وامنية واقتصادية بالغة الصعوبة، ووسط تداعيات مؤلمة للحرب الدائرة في سوريا، ومتغيرات اقليمية ودولية تتسم بالتجاذب والشقاق بين العرب وايران، وتعثر عملية السلام بين الفلسطينيين واسرائيل، فضلاً عن الانقسامات الداخلية التي تعصف بمعظم بلدان المنطقة.
ومع ان العرض العسكري الذي يقيمه الجيش اللبناني في المناسبة، فضلاً عن استقبالات التهاني الصامتة في قصر بعبدا من شأنهما ان يجمعا اللبنانيين على اختلاف انتماءاتهم السياسية والطائفية، فإن رسالة الرئيس ميشال سليمان السادسة لمناسبة الاستقلال حملت «آمال الفرصة الاخيرة للخروج من حالة «المراوحة والانتظار، على حد تعبير رئيس الجمهورية، واعتبار الاشهر الستة الفاصلة عن انتهاء الولاية الرئاسية «عودة الى الحراك السياسي والحوار والقرار.
فالرئيس سليمان وفي «كلمته الاخيرة قبل انتهاء ولايته الرئاسية، دعا الى «تشكيل حكومة جديدة في اقرب الاجال، والى «عدم ايصال البلاد الى حالة من الفراغ، والى «الخروج من المغامرة والمقامرة في الشأن الوطني، لان شعب لبنان «لم يعد يتحمل عبء الخسائر المجانية والحروب العبثية والمجازفات.

وطرح رئيس الجمهورية عناوين للمرحلة المقبلة:
1- التزام «اعلان بعبدا
لتحييد لبنان عن التداعيات السلبية للازمات الاقليمية.
2- الانسحاب فوراً من الصراع الدائر في سوريا في اشارة الى «حزب الله
من دون ان يذكره بالاسم.
3- اقرار قانون عصري للانتخابات.
4- تطوير النظام الدستوري وترشيده.
5- اقرار مشروع قانون اللامركزية الادارية.
6- اقرار المراسيم الخاصة بالغاز والنفط.
7- انشاء الهيئة المستقلة للمخفيين قسراً والمفقودين.

ولم يخف الرئيس سليمان في الرسالة التي شاء ان يواجهها الى الشعب كمصدر للسلطات، من ان الازمة الوطنية المستجدة باتت تطرح اسئلة مقلقة حول حقيقة الاستقلال، وحول سلامة ممارسة الديمقراطية في ظل العجز عن تنظيم الانتخابات وتأليف حكومة جديدة والجلوس الى طاولة الحوار، واذ اشار الى ان «التفجير المدان الذي استهدف السفارة الايرانية بات يتهدد الوطن من مخاطر فتنة وارهاب مستورد، وجه انتقاداً، من دون مواربة لحزب الله، متسائلاً: «ان دولة الاستقلال لا يمكن ان تقوم اذا ما قررت اطراف او جماعات لبنانية بعينها الاستقلال عن منطق الدولة، او اذا ما ارتضت الخروج عن التوافق الوطني، باتخاذ قرارات تسمح بتخطي الحدود والانخراط في نزاع مسلح على ارض دولة شقيقة، وتعريض الوحدة الوطنية والسلم الاهلي للخطر
وكان الرئيس سليمان، شارك المعزين في السفارة الايرانية بالضحايا الذين استهدفهم انفجار الثلاثاء الماضي، والذي انتهى امس، بمشاركة كل التيارات السياسية تقريباً، اذ عزى وفد من كتلة المستقبل النيابية بالضحايا باسم الرئيسين سعد الحريري وفؤاد السنيورة، بواجب تعزية لا صلة له بالسياسة، وفقاً لتعبير النائب عمار حوري.
محاولات للإيقاع بين الرياض وطهران
وانشغلت الأوساط اللبنانية على اختلافها بمعرفة الجهة التي تقف وراء الشحن السياسي والطائفي، وحرف المواقف المبدئية والتحقيقات عن وجهتها الصحيحة، والإيحاء بما يؤدي إلى إيقاع الفتنة الداخلية، ووضع المملكة العربية السعودية في مواجهة إيران، مع العلم أن الموقف الرسمي الإيراني، سواء الذي عبّر عنه المجلس القومي الإيراني أو وزارة الخارجية، أو الموفد الإيراني حسين عبد اللهيان، أو السفير الإيراني في بيروت غضنفر ركن أبادي، وجه الاتهام إلى الحركة الصهيونية بأنها تقف وراء الانفجارين، وأن المستفيد الأول منه هو اسرائيل، بصرف النظر عن الأداة المنفذة، فيما أدانت المملكة هذا «العمل الجبان، كما أدانت «الارهاب بكل أشكاله وصوره وأياً كان مصدره أو الدوافع المؤدية إليه بحسب ما جاء في بيان المصدر المسؤول السعودي أمس الأول.
وشددت الأوساط، على أنه من الضروري وضع النقاط على الحروف، خصوصاً إزاء الشحن الإعلامي عبر مواقع التواصل الاجتماعي، الأمر الذي دفع سفير المملكة علي عواض عسيري إلى حضّ الرعايا السعوديين في لبنان، ومن خلال رسائل قصيرة، وبيان إعلامي، بالعودة إلى المملكة وتوخي الحذر بسبب الظروف الحالية والشحن الإعلامي.
وإذ نفى السفير عسيري أن تكون السفارة تلقت تهديدات أمنية، فإنه أوضح بأن دعوة بلاده لرعاياها بمغادرة لبنان تأتي في إطار حرص السعودية على سلامة مواطنيها، مشيراً إلى أنه «خارج لبنان في زيارة عمل وسيعود إلى البلاد في وقت قريب
وكانت القوى الأمنية والجيش اتخذت أمس اجراءات أمنية مشددة في محيط ومقر السفارة السعودية في قريطم، قضت بتعزيز حضورها الأمني، من دون قطع للطرقات، بعدما تناقلت مواقع التواصل الاجتماعي دعوات للتظاهر أمام السفارة لم تتم، مقرونة بحملة على سياسة المملكة والمسؤولين فيها.
ومهما كان من أمر، فقد كان لافتاً للانتباه تحذير المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم من «الانفجار الكبير، معتبراً أن لبنان «يمر بأصعب مراحله.
ولئن جاء تحذيره على خلفية الوضع الخطير في طرابلس، وعدم نجاح الخطة الأمنية حتى الآن، فإنه وصف المرحلة الراهنة في لبنان بأنها الأكثر تعقيداً على المستويات كافة، حيث يتربص العدو الصهيوني على الحدود والخطر الارهابي في الداخل، وكلاهما وجهان لعملة واحدة، على حد تعبيره.
تجدر الإشارة إلى أن الساحة اللبنانية بقيت أسيرة الهلع من تكرار مشهد تفجير الجناح، إذ سرت معلومات عن الاشتباه بسيارات وأشخاص، ذكر بعضها أنه تم العثور مع شخصين داخل سيارة بي. أم X5 على هواتف تحوي صور كنائس وأخرى لقصر العدل في طرابلس، ولمناطق حساسة، فيما تابع مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر التحقيقات في انفجاري الجناح، وأشرف على تحليل الأفلام العائدة لكاميرات المراقبة للتعرف الى الانتحاريين اللذين ظهر وجهاهما بعدما كانا غادرا فندق شيراتون 4Points في فردان قبل تنفيذ العملية، بما يسهل على الأجهزة الأمنية تحديد هويتهما.
وأشارت مصادر أمنية إلى أن أجهزة عدة تتعاون في ما بينها في سبيل جلاء ملابسات العملية، ومعرفة «البيئة الحاضنة التي وفرت للانتحاريين كل ما يلزم لاتمام العملية.

الحكومة الى آذار
ومع ان كل هذه التطورات والمخاوف الامنية، معطوفة على التصعيد السياسي الذي رافق احياء ذكرى عاشوراء، ساهمت في طي الحديث عن تأليف الحكومة الجديدة، وبالتالي وضع الاتصالات في هذا الشأن، في «ثلاجة انتظار المعطيات والتطورات الاقليمية والدولية، فإن اثارة الرئيس سليمان في كلمته مساء امس، الى ضرورة تشكيل حكومة جديدة في اقرب الآجال، واعتبار ان حكومة تصريف الاعمال لا تمثل كل اللبنانيين، حملت المراقبين على توقع ان يعود الحديث عن تشكيل الحكومة، بعد هدوء عاصفة انفجاري الجناح، الا ان هذا التوقع لم يصل الى حد امكانية التأليف قبل نهاية السنة، مؤكدة ان الكلام الموضوعي والواقعي في هذا الشأن لا يمكن ان يأخذ جديته قبل آذار المقبل، وربما شباط، اذ ان الرئيس سليمان لا يمكن بحسب ما اكد نائب رئيس المجلس فريد مكاري، ان يترك الاستحقاق الرئاسي الى حكومة الرئيس نجيب ميقاتي والذي كانت له زيارة لافتة امس الى تركيا، اقتصرت على لقاء ثنائي مع نظيره رجب طيب اردوغان، هدف الى تأكيد العلاقة الطيبة مع تركيا، والبحث في الهم المشترك المتمثل بمشكلة النزوح السوري الى كلا البلدين، وكان هناك تأكيد على ضرورة السعي لان يبقى هؤلاء ضمن الاراضي السورية بالرغم من صعوبة هذا الامر بسبب رفض النظام وعدم حماس الدول الاوروبية وواشنطن.

السابق
المستقبل: السعودية تدعو رعاياها إلى مغادرة لبنان..
التالي
الانوار: سليمان لا قيام لدولة الاستقلال مع دخول لبنانيين بنزاعات في الخارج