الجمهورية: الأجهزة الأمنية توصلت إلى خيوط في التفجيرين

كتبت الجمهورية: فيما كانت الأنظار شاخصة إلى جنيف، مترقّبةً بتفاؤل حذِر مسارَ المفاوضات بين إيران والدول السِت في شأن البرنامج النووي الإيراني، بعد إعلان طهران عن وجود خلافات في وجهات النظر حول مسائل جدّية، وتأكيد واشنطن أنّها تدرس تجديد العقوبات عليها الشهر المقبل، انشغل الجميع بتطوّر أمنيّ نوعيّ غير مسبوق على الحدود العراقية ـ السعودية، حيث أعلنت الرياض سقوط 6 قذائف هاون في «منطقة غير مأهولة قرب مركز العوجاء الجديد في قطاع حرس الحدود في مدينة حفر الباطن في المنطقة الشرقيةوقد تبنّت جهة عراقية تابعة لـ”حزب الله العراقي” وتُطلق على نفسها إسم “جيش المختار” هذه العملية، وقال زعيمها واثق البطاط إنّها “جاءت ردّاً على فتاوى التكفير”، مُهدّداً بعمليّات أخرى داخل الأراضي السعودية.
وإذ طرحت هذه العملية تساؤلات عن مغزاها وتوقيتها، وقرأ فيها البعض رسالة أمنية تحذيرية للرياض، طلبت المملكة من رعاياها مغادرة لبنان فوراً، و”العودة إلى بلدهم وتوخّي الحذر، نظراً إلى الظروف الحاليّة والشحن الإعلامي”.
وعلى رغم نشر عدد من مواقع التواصل الاجتماعي دعوات لاستهداف سفارة السعودية في بيروت، نفى السفير السعودي علي عواض عسيري مساء أمس تلقّي السفارة أيّ تهديدات، وأوضح أنّ دعوة الرعايا إلى مغادرة لبنان “تأتي في إطار حرصها على سلامتهم”. وقال إنّه سيعود إلى بيروت قريباً.
وعلى وقع التوتّر الإقليمي، وفي انتظار انعقاد مؤتمر جنيف ـ 2 في شأن الأزمة السورية، كشف الكرملين أمس أنّ العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبد العزيز أبلغ الى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في اتصال هاتفي بينهما في 10 تشرين الثاني الجاري، استعداده للمساعدة على عقد هذا المؤتمر.

رسالة الإستقلال
وفي هذه الأجواء يحتفل لبنان بالعيد السبعين لاستقلاله، فيما يستمرّ في عين العاصفة مُهدَّداً بالأسوأ، نتيجة تزايد المخاوف الأمنية من شبح التفجيرات والأعمال الإرهابية والإنتحارية، وانجرار البلاد إلى ما لا تُحمد عقباه بسبب التجييش الطائفيّ والمذهبي المستمرّ بلا انقطاع.
ودعا رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان، في رسالة إلى اللبنانيّين عشيّة العيد، إلى الحياد وعدم الإستقلال عن الدولة، مؤكّداً أنّه “لا تقوم دولة إذا قرّر البعض الإستقلال عنها”. وقال: “إنّ موجة التفجيرات المخزية، وآخرها التفجير المُدان الذي استهدف السفارة الإيرانية، جاءت لتؤكّد ما بات يتهدّد الوطن من مخاطر فتنة وإرهاب مستورَد”.
وشدّد على أنّه “لا يمكن أن تقوم دولة الإستقلال، إذا ما قرّرت أطراف أو جماعات لبنانيّة بعينها الإستقلال عن منطق الدولة، أو إذا ما ارتضت الخروج عن التوافق الوطني، باتّخاذ قرارات تسمح بتخطّي الحدود والإنخراط في نزاع مسلّح على أرض دولة شقيقة، وتعريض الوحدة الوطنيّة والسلم الأهلي للخطر”.
وشدّد على وجوب أن تكون الأشهر الفاصلة عن الإستحقاق الرئاسي لحراك سياسيّ وحوار وقرار، والتزام “إعلان بعبدا” والانسحاب من النزاع السوري وإقرار قانون انتخاب عصريّ، وتحصين النظام الدستوري وإقرار اللامركزيّة الإداريّة ومراسيم الغاز والنفط.
وقالت مصادر بعبدا لـ”الجمهورية” إنّ خطاب سليمان يشكّل في كلّ مقطع منه رسالة الى جهة لبنانية أو غير لبنانية حول المخاطر المحيطة بالبلاد في حال استمرار التهاون ببعض الإستحقاقات الدستورية، ولا سيّما منها إستمرارالشروط والشروط المضادّة التي أبقت البلاد بلا حكومة منذ ثمانية أشهر ونيّف، ويُخشى أن ينسحب التعطيل على موعد انتخاب رئيس جديد للجمهورية ضمن المهل الدستورية.
وأضافت المصادر أنّ سليمان قصد الإشارة إلى أنّ تورّط بعض الأطراف في سوريا وتجاهل القرارات الحكومية و”إعلان بعبدا” يُعَدّ خرقاً للدستور، ويعود بمزيد من الويلات في حال استئخار الإنسحاب من الوحول السورية. وكان واضحاً في إشارته إلى استحالة تغيير وجه لبنان أو المَسّ بالثوابت التي قام عليها بتركيبته الديموغرافية والتوازنات الدقيقة التي تحكم العلاقات بين اللبنانيّين.
وعلمت “الجمهورية” أنّ سليمان ألغى في اللحظات الأخيرة مقطعاً من خطابه كان سيدعو فيه إلى طاولة الحوار، إذ استقرّ الرأي بعد نقاش إلى تأجيل هذه الدعوة، وخصوصاً في الظروف الراهنة التي بلغ فيها الإحتقان السياسي والمذهبي الذروة، والتي قد تحوّل طاولة الحوار منازلةً سلبية تنعكس على البلد وتطيح الإنجازات الأمنية المحقّقة.
وفيما تستمرّ التحقيقات في التفجيرين اللذين استهدفا السفارة الايرانية، اتّهم معاون وزير الخارجية الإيرانية حسين أمير عبد اللهيان، الذي زار الأمين العام لـ”حزب الله” السيّد حسن نصر الله، “إسرائيل بالوقوف وراء الجريمة، وباستخدام العوامل الإرهابية التكفيرية لتنفيذ هذه المخطّط”.
وأكّد أنّ بلاده لا ترى أيّ حاجة للمشاركة في التحقيقات، لأنّ الاجهزة الامنية اللبنانية تعمل على كشف الحقيقة، وهي حصلت على خيوط لهذه الجريمة الإرهابية”.
في هذا الوقت، أمّت مقرّ السفارة الإيرانية شخصيّات ووفود للتعزية بضحايا التفجيرين، تقدّمها رئيس الجمهورية والقائم بالأعمال السعودي عبدالله الزهراني ووفد من تيار “المستقبل” وآخر من الحزب التقدّمي الاشتراكي.
وقالت مراجع ديبلوماسية وسياسية لـ”الجمهورية” إنّ سليمان تحدّى المخاطر الأمنية وتوجّه الى السفارة الإيرانية ردّاً على سيل الروايات والتقارير التي تحدّثت عن تسلّم هذا الجهاز الأجنبي أو ذاك التحقيق في جريمتي التفجير، كذلك بالنسبة إلى التشكيك بقدرات الأجهزة الأمنية التي فكّكت شيفرة العملية الأمنية سريعاً وكشفت خريطة طريق الإنتحاريين في وقت قياسيّ.
وأضافت أنّ سليمان قصد من الزيارة تأكيد مسؤولية الدولة وأجهزتها الأمنية عن كلّ ما حصل، وعن حفظ الأمن على أراضيها وإدانتها أيّ اعتداء إرهابيّ يطاول مقرّاً ديبلوماسياً في لبنان أيّاً تكن هويته، فأمنُه من امن لبنان وليس من أمن أيّ دولة أو جهة أخرى، فأمن اللبنانيين واحدٌ في كلّ لبنان، وما ينطبق عليهم ينطبق على المقيمين فيه، وإنّ الدولة مصرّة على مواجهة الإرهاب، ولن تتراجع امام أيّ مظهر من مظاهره.
إلى ذلك، قالت مصادر بعبدا لـ”الجمهورية” إنّ دوائر القصر الجمهوري تجاوزت اقتراحاً بإلغاء الإستقبال التقليدي في عيد الإستقلال، وانتهى النقاش إلى إبقائه في موعده ووفق البرنامج المقرّر، كذلك تقرّر إلغاء الكوكتيل والأجواء الموسيقية

السابق
الجيش يفكّك سيارة محمّله بـ400 كلغ من المتفجرات في البقاع
التالي
السفير: مَن ساعد الانتحاريّيْن في لبنان؟