الردّ الإيراني.. أين وكيف ومتى؟

نَفَسُ الإيرانيين طويل. ولا يموت لهم ميت. لن تسكت إيران عما جرى في بيروت وستردّ الصاع صاعين الى حدّ أنّ البعض بدأ يقول إنّ ايران قد تكون وجّهت بعضاً من ترسانتها النووية باتجاه الرياض.
لقد أكد الرئيس الإيراني حسن روحاني خلال الاتصالات التي تلقاها من مسؤولين دوليين انّ التفجير الإرهابي الذي وقع بالقرب من السفارة الإيرانية في بيروت خطرٌ وتجاوزٌ للخطوط الحمر. الا أنّ ايران أيضاً سارعت الى توجيه الاتهام الى كيان العدو «الإسرائيلي» كون «إسرائيل» حتى لو لم تكن وراء الجريمة بشكل مباشر إلا أنها فعلياً المستفيد الأول مما يقترفه التكفيريون المدعومون إعلامياً ومالياً من السعودية من أعمال إرهابية وتخريبية في لبنان وسورية والعراق.
وفي السياق تؤكد مصادر مطلعة انّ إيران قرّرت التصعيد وما جرى في بئر حسن لن يمرّ مرور الكرام. ولكن من خلال توجيهها أصابع الاتهام إلى «إسرائيل» لا تزال تترك المجال للتفاهم مع المملكة العربية السعودية التي هي اليوم في وضع لا تُحسد عليه.
ووفق خبير استراتيجي فإنّ السعودية اليوم ليست في الموقع الأقوى والأوراق التي حاولت ترتيبها في سورية لم تنجح. فالانهيارات لحقت بالمجموعات الإرهابية المسلحة في قارة التي تمثل نقطة التواصل لبلدات القلمون.
وعليه فإنّ سقوط القلمون في يد الجيش السوري يعني انّ معركة دمشق قد انتهت وانّ السعودية خسرت كلّ أوراقها والمدة التي أعطتها الولايات المتحدة للرياض حتى 15 كانون الأول المقبل علها تحدث توازناً في الميدان السوري كانت أسابيعها الثلاثة الأولى خير برهان على الاستمرار في الفشل إذ مُنيت جماعاتها المسلحة بخسائر كبيرة وستتلقى المزيد من الخسائر.
يمكن للجمهورية الإسلامية الإيرانية ان تردّ بالطريقة ذاتها من دون أن يردعها أحد. إلا انها لا تتصرف كذلك بل إنّ إيران لا تلعب لعبة التماثل والمبادلة بالإرهاب ليقينها أنها لعبة خاسرة رغم أنها قادرة أن تردّ عسكرياً من اليمن وتُغرق الرياض في المزيد من الخسائر وأن تردّ في البحرين ايضاً الا أنها لا تلجأ الى هكذا خيارات غير أخلاقية لكن لن يكون مستغرباً أن يلجأ أصدقاء الجمهورية الاسلامية في اليمن والعراق الى ضرب المصالح السعودية.
الأكيد ان إيران لاعب استراتيجي. وفي السياق يشير خبير في الشؤون الايرانية الى أنّ طهران التي لن تتخلى عن دعم سورية ستلجأ الى كسر الرياض في دمشق وتسريع العمل على خطين.. الميداني والسياسي. فالجوّ الدولي بعد التفجير لا سيما إدانة الولايات المتحدة لما حصل وتضامنها مع الشعب الإيراني واتصال رئيس الحكومة البريطانية دايفيد كاميرون بالرئيس الإيراني حسن روحاني وإدانة مجلس الأمن الدولي بشدة التفجيرين وتذكيره بـ«المبدأ الأساسي القائم على عدم انتهاك المقار الدبلوماسية والقنصلية سيكون ملائماً للحركة الإيرانية في المسار السياسي للأزمة السورية وسيكون حافزاً أيضاً لإيران للمضي بتفاهمها مع الغربيين لا سيما فيما يتعلق بالمفاوضات النووية مع الدول الست والتي في أسوأ الأحوال ستكون الجمهورية الاسلامية الرابح الأول فيها.
أما ميدانياً فإنّ حزب الله سيكثف كما أعلنت مصادر مقرّبة منه من مشاركته في المعارك الدائرة في القلمون لقطع أوصال الإرهابيين لا سيما انّ مثلث تلال الزبداني ـ القلمون ـ عرسال هو حاجة أساسية للسعودية لتصدير الإرهابيين من لبنان الى سورية وبالعكس.
بموازاة ذلك فإنّ السعودية التي هي في أسوأ وضع دولي بعد مغامراتها غير المحسوبة أدخلت نفسها في عزلة تامة: الولايات المتحدة ستتركها تغرق بعد هزيمتها في سورية وكما دفع أمير قطر السابق ورئيس وزرائه فاتورة الفشل في الحرب السورية فإنّ موعد شطب بندر بن سلطان وسعود الفيصل من المعادلة السياسية المقبلة في المملكة ليس ببعيد.
وإلى أن تنجلي الصورة قد تزداد العمليات الإرهابية في لبنان ويستمر الوضع الأمني على ما هو عليه. فما حصل في بئر حسن مفصل جديد ولا يمكن الاستمرار بالحالة الراهنة فإما ان تفتح قنوات الاتصال على المعالجة وإما الأمور ذاهبة باتجاه حرب مفتوحة. وحزب الله الذي أبدى مرونة كبيرة في موضوع الحكومة سيصبح اليوم أكثر تشدّداً بحسب ما تؤكد مصادره.

السابق
استقرار المخيمات استقرار للبنان
التالي
الطقس غائم جزئيا مع إرتفاع في الحرارة وإحتمال أمطار خفيفة