اللواء: تفجير إرهابي يستهدف سفارة إيران والقاعدة تتبنّى

كتبت “اللواء ” تقول:  في تطور امني بالغ الدلالات، فجر انتحاريان نفسيهما، احدهما على دراجة نارية، والثاني في سيارة جيب “بليزر” في محيط السفارة الايرانية في منطقة الجناح في بئر حسن، قبيل الساعة العاشرة من صباح امس، مما ادى الى مقتل خمسة من طاقم السفارة، بينهم المستشار الثقافي الشيخ ابراهيم الانصاري، ونحو من 20 مواطناً لبنانياً ومن جنسيات سورية وبنغالية واثيوبية، واصابة 150 آخرين بجروح، وفقدان عدد من الاشخاص، فضلاً عن الانتحاريين.
واذا كان هذا الهجوم الاول من نوعه الذي يستهدف ايران منذ بداية الحرب الطاحنة في سوريا، ووقوف طهران الى جانب النظام على مستوى التمويل والدعم والتسليح وارسال الخبراء، فإن مصادر امنية واسعة الاطلاع كشفت عن ان السيارة المفخخة كانت معدة لاقتحام السفارة وتدميرها بالكامل، على غرار ما حصل للسفارة الاميركية في عين المريسة عام 1983.
وقالت المصادر ان الحي الذي تقع فيه السفارة الايرانية في منطقة بئر حسن جنوب بيروت والمعروف بحي السفارات، خضع لمراقبة دقيقة، حيث اختير كهدف لايصال رسالة امنية، بعدما تمكنت الاجهزة المولجة بحماية الضاحية الجنوبية من احباط اكثر من خطة لادخال سيارات او “قنابل بشرية” لتفجيرها في الجموع التي كانت تحتشد لاحياء ليالي عاشوراء.
ومع ان الخارجية الايرانية، سارعت على لسان المتحدثة باسمها مرضية افخم الى اعتبار ان “الجريمة النكراء تبين حقد الصهاينة وعملائهم”، ومسارعة اسرائيل على لسان النائب تساهي هانفبي القريب من رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو للاعلان ان لا علاقة لها بهذه الهجمات، نقلت وكالة “فرانس برس” عن سراج الدين زريقات الذي وصفته بأنه احد الاعضاء البارزين في تنظيم “القاعدة” قوله على حسابه على “تويتر” ان “كتائب عبد الله عزام – سرايا الحسين بن علي، تقف خلف غزوة السفارة الايرانية في بيروت”، موضحاً – حسب الوكالة – ان التفجير هو عبارة “عن عملية استشهادية لبطلين من ابطال اهل السنة في لبنان”، كاشفاً بأن العمليات ستستمر حتى يتحقق مطلبان: سحب عناصر حزب الله من سوريا، والثاني فكاك أسرانا من سجون الظلم في لبنان”.
واحدث الانفجاران هزة كبرى في الجسم السياسي اللبناني المنقسم على نفسه والمشلول الارادة السياسية، عبر العجز عن تأليف حكومة جديدة، او السير في احياء عمل
المؤسسات، إذ نام اللبنانيون أن لا جلسة تشريعية اليوم، واستمرار الخلاف على عقد جلسة لحكومة تصريف الاعمال المستقيلة، على أن يدعو الرئيس ميشال سليمان الذي قطع زيارته إلى الكويت وعاد إلى بيروت، إلى عقد اجتماع لمجلس الدفاع الأعلى للبحث في المخاطر الماثلة امام الوضع اللبناني الداخلي برمته، بعدما بدا أن لبنان وعاصمته وضواحيها يقتربان أكثر فأكثر من دائرة النار على الطريقة العراقية.
فما جرى، وفقاً لمرجع كبير، تحدث أمام زواره، يتعدى السيارة المفخخة أو القصف المدفعي، أو حتى العبوات الناسفة، إلى ظهور عناصر انتحارية، تنفذ مهاماً تفجيرية خطيرة ليس من السهل كشفها أو السيطرة عليها.
واعتبر المرجع أن الخطورة الأكبر تتمثل في الانكشاف الأمني الآخذ بالاتساع والذي وقع على بعد أمتار قليلة من العاصمة بيروت، متجاوزاً (أي الانكشاف الامني) ما يمكن اعتباره “جغرافيا طائفية أو مذهبية” معنية مباشرة بالاشتباك السوري.
وأعرب المرجع عن مخاوفه من أن يكون القرار الدولي والإقليمي بتوفير الاستقرار للبنان، أصبح معرضاً أكثر من أي وقت مضى للاهتزاز، متأثراً بالمد والجزر العسكريين في سوريا.

ردود الفعل
وفيما كان مجلس الأمن الدولي يصدر بإجماع أعضائه الـ15 بياناً، عمل على صدوره مندوب لبنان الدائم في الأمم المتحدة السفير نواف سلام، يدين فيه التفجير بشدة، مطالباً كل الأطراف اللبنانية بمواجهة محاولات زعزعة الاستقرار، والامتناع عن اي تورط في الأزمة السورية، مذكراً الحكومة اللبنانية بوجوب اتخاذ التدابير الضرورية بحماية المقار الدبلوماسية والطواقم من أي تسلل او هجوم، دان البيت الأبيض التفجير الانتحاري، مطالباً على لسان المتحدث باسمه جاي كارني كل الأطراف بضبط النفس لتجنب تأجيج الوضع. وقال أن “اعمال الارهاب لا تزيدنا الا تصميماً على العمل مع مؤسسات الدولة اللبنانية”، الا انه قال بأن المسؤولين الاميركيين لا يمكنهم حالياً تأكيد هوية المسؤول عن الهجوم.
كما دان وزير الخارجية الأميركي جون كيري بقوة الاعتداءين الارهابيين الوحشيين والدنيئين على السفارة الإيرانية في بيروت، على حدّ ما جاء في البيان.
وشملت الادانات معظم دول العالم، ولا سيما الأوروبية، إلى جانب عدد من الدول العربية.
اما البارز رسمياً، فكان قرار الرئيس سليمان قطع زيارته إلى الكويت والعودة إلى بيروت، بعدما أجرى اتصالاً بالرئيس الإيراني حسن روحاني، وآخر بالسفير في بيروت غضنفر ركن أبادي مستنكراً التفجيرين، فيما أصدر رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي مذكرة قضت بإعلان الحداد العام على أرواح الشهداء الذين قضوا بنتيجة الانفجار المُدان والآثم في منطقة الجناح، اليوم الخميس، بحيث يتوقف العمل لمدة ساعة من الحادية عشرة قبل الظهر إلى الثانية عشرة ظهراً على كل الأراضي اللبنانية.
وكان ميقاتي ترأس اجتماعاً طارئاً لغرفة عمليات مواجهة الكوارث والأزمات الوطنية، لبحث تداعيات الانفجارين، مؤكداً أن هذه الجريمة تستهدف توتير الأوضاع واستخدام الساحة اللبنانية لتوجيه الرسائل السياسية، داعياً إلى اليقظة والحذر في ظل الظروف الراهنة.
وتوقعت مصادر وزارية لـ “اللواء” انعقاد اجتماع أمني في قصر بعبدا اليوم بهدف الاحاطة بالتطورات الأمنية الأخيرة، من دون أن تستبعد احتمال عقد اجتماع للمجلس الأعلى للدفاع، مؤكدة أن أي اجتماع سيشهده القصر الجمهوري سيكون مخصصاً لمتابعة حادثة التفجير واتخاذ الاجراءات اللازمة لحماية السلم الأهلي والمدنيين وتكثيف التدابير لمنع أي إخلال أمني.
وأفادت أن هذه الحادثة والمتمثلة بالتفجير الانتحاري، والتي تقع للمرة الأولى في لبنان، من شأنها طرح أسئلة حول اعتماد مخطط جديد لا بد من تداركه وبذل الجهود الممكنة لإحباطه، لأن محاولات كهذه في حال تكرارها تُدخل البلاد في سابقة خطيرة من دوامة عنف قد لا تنتهي.
وفي السياق، كشفت مصادر نيابية لـ “اللواء” بأن الرئيس نبيه بري يفكر بزيارة عاجلة إلى طهران، بناء لدعوة سابقة ومفتوحة كان تلقاها من المسؤولين الإيرانيين، وذلك بهدف تحريك مسعى سياسي لوساطة من شأنها رأب الصدع المحلي، بعدما بات مقتنعاً بأن حل الأزمة يحتاج إلى معالجة جذرية.

إجماع سياسي
أما البارز سياسياً، فكان الإجماع اللبناني على التنديد بجريمة تفجير الجناح، بحيث لم تشذ أي جهة أو طرف أو تيار سياسي عن الادلاء بمواقف الشجب والاستنكار، وكان اللافت على هذا الصعيد مسارعة أقطاب قوى 14 آذار إلى إصدار بيانات استنكار، وكذلك الأمر بالنسبة لقوى 8 آذار، فيما آثر “حزب الله” الصمت، إلا أن نوابه أجمعوا على وصف الحادثة بالعمل الاجرامي الذي يحمل بصمات القوى الارهابية، مؤكدين بأن هذا العمل “لن يحقق شيئاً على المستوى السياسي”.
وفي بداية اجتماعها الأسبوعي، وقف نواب كتلة “المستقبل” دقيقة صمت وحداد على أرواح الشهداء الذين سقطوا في جريمة التفجير الارهابية، واعتبرت الكتلة في بيانها، أن “هذه الجريمة المروعة مدانة ومرفوضة ومستنكرة، وأن من قام بها ووقف خلفها مجرم إرهابي يجب كشفه واعتقاله والاقتصاص منه، وهي لذلك تطالب بإحالة هذه الجريمة إلى المجلس العدلي”.
ولاحظت الكتلة أن “لبنان بموقعه وصيغته وتركيبته الحساسة والدقيقة والمعقّدة، لا يمكنه احتمال انعكاسات نزاعات المنطقة على أرضه، كما لا يمكنه أن يكون ممراً أو مستقراً لأزمات المنطقة ومخططات المغامرين، التي تتطلب لمواجهتها التضامن والوحدة والعمل من أجل مصلحة لبنان واللبنانيين الوطنية”.
وسبق بيان الكتلة، موقف مماثل أصدره رئيسها الرئيس فؤاد السنيورة الذي أجرى اتصالات استنكار وتعزية بالرئيس نبيه بري والسفير الإيراني، ونائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان والعلامة علي فضل الله.

السابق
الديار: القاعدة تتبنى التفجيرين الانتحاريين وتفشل في اقتحام السفارة الإيرانية
التالي
الشرق: كتائب عبدالله العزام تتبنى وحال استنفار رسمي