السفير : واشنطن مهتمة بالغاز اللبناني

كتبت “السفير ” تقول:  وحدها الطبيعة يمكن أن تؤجل “لغم عرسال ومشاريع القاع”. هذا الانطباع عكسه مسؤول دولي مقيم في دمشق، وأكدته مصادر لبنانية متطابقة، ملمحة الى أن عاصفة ثلجية استثنائية “وحدها يمكن أن تؤدي الى عدم بلوغ ذلك اللغم اللبناني الكبير”.
أكثر من سنتين وسبعة أشهر من المعارك على أرض سوريا، نال لبنان قسطه منها، شللا سياسيا واقتصاديا وتوترات أمنية متنقلة توّجت بتفجيرات دموية في الضاحية الجنوبية وطرابلس، فضلا عن استمرار مسلسل جولات القتال “الموسمية” على أرض عاصمة الشمال.
هذه الكلفة التي دفع اللبنانيون ثمنها غاليا من دمهم وأعصابهم، قد تكون مفتوحة على كلفة أكبر، اذا تمكن الجيش السوري من السيطرة على بلدة “قارة” الاستراتيجية، الأمر الذي سيؤدي الى تدحرج “دومينو” المعارك الى “يبرود”… وصولا الى منطقة البقاع الشمالي في لبنان مع احتمال لجوء آلاف المسلحين السوريين اليها.
يعني ذلك عمليا أن خطوط التماس السورية ـ السورية، ستنتقل الى الأراضي اللبنانية، وهي مسألة ستطرح أمام اللبنانيين أسئلة كبيرة يصعب تقديم أجوبة عليها، خاصة أن قدرة المؤسسات العسكرية والأمنية الرسمية اللبنانية على وضع ضوابط ميدانية، ستكون صعبة ومعقدة، برغم الجهود المتواضعة التي بذلتها وتبذلها حتى الآن، على طول الحدود الشرقية بين لبنان وسوريا.
واذا كان هذا الوضع بتداعياته السياسية والأمنية والانسانية، يستوجب استنفارا سياسيا ورسميا لبنانيا، فإن “موسم الشح السياسي” على حد تعبير النائب وليد جنبلاط، جعل الدولة اللبنانية بكل مستوياتها، في حالة اجازة وانتظار، وكأن القدرة على فعل شيء أو ابتكار مخارج في الداخل صارت معدومة، وهي النقطة التي اثارها رئيس مجلس النواب نبيه بري أمام سفير ايران في لبنان غضنفر ركن ابادي ، مشددا على أهمية استئناف الحوار بين الرياض وطهران “الذي بات أكثر من ضروري لتنفيس الاحتقان السني – الشيعي في المنطقة ومعالجة الملفات الساخنة في سوريا ولبنان”. وقال بري انه يستعد لتحرك خارجي قريبا للدفع في هذا الاتجاه تحديدا.
وبينما كان رئيس الجمهورية ميشال سليمان يحط في الكويت، امس، للمشاركة في اعمال القمة العربية الافريقية، كان الرئيس بري ورئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي يتابعان الملف النفطي مع وزير الطاقة والمياه جبران باسيل، عشية وصول نائب مساعد وزير الخارجية الاميركية لشؤون الطاقة آموس هوشستن في زيارة الى لبنان تعكس مدى “الاهتمام الأميركي بموضوع الغاز” على حد تعبير مصادر وزارية لبنانية معنية.
واشارت المصادر نفسها الى ان البحث مع المسؤول الاميركي سيتناول موضوع الحدود الاقتصادية الخالصة للبنان والمنطقة المتنازع عليها مع اسرائيل (الـ860 كيلومترا مربعا)، حيث سيؤكد الجانب اللبناني تمسكه بحقوقه كاملة، كما سيستمع الى ما في جعبة المسؤول الأميركي من أفكار حول هذا الأمر.
وفيما دخلت طرابلس، أمس، في اختبار تنفيذ الخطة الأمنية المقررة لمنطقتي التبانة وجبل محسن، كانت الخاصرة السورية تنزف دفعات جديدة من النازحين في اتجاه الاراضي اللبنانية، لا سيما في اتجاه بلدة عرسال في البقاع الشمالي وذلك هربا من المعارك الدائرة في القلمون بين قوات النظام السوري والمجموعات المسلحة.
ومع تعذر الإحصاء الرسمي الدقيق لأعداد النازحين الوافدين مؤخرا، خاصة ان معظمهم يدخلون عبر معابر غير شرعية، دق وزير الشؤون الاجتماعية وائل ابو فاعور ناقوس الخطر، وقال لـ”السفير”: “الوضع مقلق جدا، فاستمرار تدفق آلاف النازحين يرمي على لبنان عبئا اضافيا لا يستطيع تحمله، في وقت لم نستطع فيه ان نتعامل كما يجب مع الموجات السابقة من النازحين”.
اضاف: الأزمة كما يبدو مستمرة ومفتوحة على تدفقات اضافية، ومعنى ذلك اننا مقبلون على ما هو أسوأ، بينما تفتقر الدولة اللبنانية للامكانيات والقدرات التي تمكنها من التصدي لهذه المسألة وتداعياتها كافة.
وردا على سؤال قال أبو فاعور ان “المشكلة التي تواجهنا مع التدفق الجديد للنازحين هي عدم التمكن من إيوائهم، وبحسب ما هو متاح لنا، سنقيم (اليوم) مركز استقبال مؤقت (مخيما) في بلدة عرسال، لكن هذا الامر لن يحل المشكلة. الحل بالاتفاق على ممرات انسانية واقامة مخيمات داخل الاراضي السورية، واعتقد ان من واجب الدول الكبرى التي تسعى الى عقد جنيف 2 ان تولي هذه القضية الانسانية ما تستحق من اهتمام، والدفع نحو ترتيبات لوقف اطلاق النار بما يؤدي الى وقف التدفق نحو لبنان العاجز عن استيعاب هذه القضية الضاغطة عليه”.
وقالت مصادر وزارية لـ”السفير” إن الرئيس نجيب ميقاتي أجرى مشاورات عاجلة مع جهات دولية واقليمية حول سبل مواجهة قضية النازحين، كما انه اقترح على بعض المراجع الأمنية اللبنانية اعتماد صيغ جديدة في مواجهة الأعداد الكبيرة، بالتنسيق مع بعض الجهات الدولية المعنية.

السابق
النهار: جعجع حزب الله يضرب الميثاق ويزوّره
التالي
الديار: تقدم الدبابات النظامية نحو قاره ومحاولة قطع طريق الامدادات