الجمهورية: لبنان بين مطرقة الفراغ المُتمادي وسندان الحرب السورية

كتبت “الجمهورية ” تقول : تقدمت معركة القلمون على “جنيف – 2″، حيث اتجهت الأنظار مجدداً إلى التطورات الميدانية أكثر من الحركة الديبلوماسية، في ظلّ سعي النظام السوري إلى تغيير الوقائع على الأرض في محاولة لفرض جدول أعمال مختلف يُبقيه في المرحلة الانتقالية. وتصدرت المحادثات الغربية-الإيرانية التي تستأنف غداً كل الاهتمامات نظراً لانعكاس أيّ تفاهم بين الجانبين على المناخات السياسية في المنطقة، فيما بقي لبنان بين مطرقة الفراغ المتمادي وسندان الحرب السورية وتداعياتها، خصوصاً على مستوى قضية اللاجئين التي تفاقمت مع معركة القلمون أخيراً.
لم يحجب الإتفاق المحتمل حول النووي الإيراني الاهتمام بمَسار الوضع السوري ميدانياً لجهة المعارك في القلمون، وسياسياً لناحية استمرار المساعي الدولية لعقد “جنيف – 2″، مع ترجيح الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أن يُعقد في منتصف كانون الأول المقبل، وسط مَساع روسية على خَطّي “جنيف” السورية والإيرانية، حيث استضافت وفداً سوريّاً يمثّل النظام، وآخر إيرانيّاً في جولتَي محادثات منفصلتين، ويرتقب أن تستضيف وفداً يمثّل المعارضة. غير أن هذا الحراك الروسي لن يجد ترجمته على أرض الواقع ما لم يقترن بسياسة غير مُنحازة لأيّ من أطراف الصراع.
وفي ظل هذه الأجواء الدولية والإقليمية، تُرجمَت تداعيات الأزمة السورية التي لم تنته فصولها في لبنان، تدفّق مزيد من اللاجئين السوريين الى منطقتي عرسال في البقاع وشبعا في حاصبيا، نتيجة المعارك العنيفة على جبهة القلمون، حيث أوضح التقرير الأسبوعي لمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أنّ عدد النازحين السوريين إلى لبنان قد تجاوز الـ 816 ألف لاجىء.

سليمان في الكويت
وفي هذه الأجواء، يلقي رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان كلمة لبنان اليوم في مؤتمر القمة العربي الافريقي في الكويت، ويتناول فيها مختلف التطورات في المنطقة، ولا سيما الأزمة السورية وتداعياتها الإنسانية والأمنية والإقتصادية على لبنان.
ويستذكر في كلمته مقررات قمة الكويت لمساعدة دوَل الجوار السوري لإيواء النازحين، كما سيحدد حاجات لبنان في هذه المرحلة، وسيحرص على إطلاع قادة العالمَين العربي والإفريقي على تطورات الوضع في لبنان وما يعانيه نتيجة انعكاسات الأزمة السورية، وسيدعوهم الى مشاركته كلفة النزوح وسُبل معالجة الأوضاع.
من جهته، أعلن رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي: “إننا نبحث مع الأمم المتحدة في سُبل معالجة معضلة النزوح السوري لجهة إقامة مخيمات للنازحين داخل الاراضي السورية”، وتحدّثَ عن اجراءات جديدة لضبط الحدود اللبنانية ومعالجة موضوع النازحين.

هيل
وفي موقف لافت، أوضح السفير الأميركي في لبنان دافيد هيل أنّ جهود المجتمع الدولي لمَنع إيران من الحصول على السلاح النووي “يمكن أن تكون لها دلالاتها على المنطقة، بما في ذلك لبنان”. وقال: “نحن ملتزمون مَنع انتشار أسلحة الدمار الشامل وحماية حلفائنا”.
وأوضح أنّ “مجموعة الدعم الدولية، التي أنشئت أخيراً، تثبت وجود إجماع دوليّ لمساعدة لبنان في حماية نفسه من آثار الحرب في سوريا، وهذا الإجماع الدولي يحتضن “إعلان بعبدا”، وقرارات مجلس الأمن الرئيسية مثل 1701 و1559، ويسعى إلى إعطاء مؤسسات الدولة اللبنانية الأدوات اللازمة لتنفيذها”.
وقال: “هناك إجماع دوليّ على أنّ سياسة النأي بالنفس اللبنانية عن الصراع السوري هي السياسة الصحيحة، والجماعات اللبنانيّة التي تنتهك هذه السياسة تضَع مصالحها الضيّقة ومصالح رُعاتها في الخارج فوق مصالح الأمة اللبنانية والشعب اللبناني”.

حكومياً… لا أخبار جيدة

وعلى الصعيد الحكومي، لم يسجّل أيّ جديد يبعث على التفاؤل في إمكان تحريك المشاورات الحكومية، ولعلّ أبلغ تشخيص لهذا الوضع ما جاء على لسان ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في لبنان ديرك بلامبلي بعد زيارته الرئيس المكلّف تمام سلام، فقال: “لا أخبار جيّدة عن تأليف الحكومة حتى الآن”. لكنه أكد أنّ دعم الأمم المتحدة لسلام لا يزال موجوداً لتأليف الحكومة، وأكد انّ “المهم في الوقت الحاضر هو وقوف كل الأطراف صفاً واحداً لحماية لبنان”.

خطة طرابلس
أمنياً، انطلقت أمس في طرابلس المرحلة الثانية من الخطة الأمنية، فانتشر 600 ضابط وعنصر من قوى الأمن الداخلي في مختلف أحياء باب التبانة وبعل محسن والأحياء المجاورة لهما، فضلاً عن الدوريات والحواجز التي ستُقام في المدينة، وستكون وحدات الجيش اللبناني المنتشرة فيها قوّة دعم متى احتاجت قوى الأمن أيّ مساعدة.
من جهته، أكد مصدر أمني رفيع لـ”الجمهورية” أن طرابلس اليوم تحت اختبار نيّات القوى السياسية التي أظهرت خلال الأيام الماضية رغبة في المساعدة بإنجاح الخطة الأمنية المرصودة للمدينة، ومعلوم انّ هذه القوى تتحكّم بقادة المحاور.
ورأى المصدر أن لا قرار بعد بإخراج طرابلس من تحت نيران المحاور الإقليمية، على رغم التصريحات عن رفع الغطاء عن المسلحين وإطلاق يد القوى العسكرية في تأمين الإستقرار واتخاذ الإجراءات المناسبة.
والدليل انه في الوقت الذي كانت تشهد فيه المرحلة الثانية من الخطة الأمنية الولادة من سراي طرابلس، فُتحت جبهة السوق الإقتصادي، علماً انه لا علاقة لهذه الجبهة بالنزاع الدائم بين جبل محسن وباب التبانة. ولم يعلّق أحد من القوى السياسية على الاشتباكات التي دارت هناك، ولو كانت محدودة وفي زمن قصير، ولم يَقل أحد مَن هم هؤلاء المسلحون، وجَرت لملمة الأمر على انه حادث فردي.

الفاتيكان
على صعيد آخر، يواصل البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي لقاءاته في روما، حيث سلّم الرئيس الإيطالي جورجيو نابوليتانو مذكرة حول الاوضاع العامة في الشرق الأوسط وأهمية الاستقرار والسلام فيه، وعرض معه الوضع في سوريا وحركة النزوح الكثيفة والاوضاع في لبنان والاستحقاقات الدستورية.
وعلى خطّ اجتماع مجمع الكنائس الشرقية الذي يشارك فيه الراعي، أكد مصدر فاتيكاني لـ”الجمهورية” أنّ “البيان الذي سيصدر عن اجتماع مجمع الكنائس الشرقية سيعكس مخاوف المسيحيين في المنطقة، لكن الإجتماع سيختلف عن الاجتماعات السابقة لأنّ قداسة البابا فرنسيس سيُدلي بأوّل مداخلة له عن الشرق الأوسط في اجتماع موسّع”، معتبراً أن “قداسته، ومن خلال نمط عمله الجديد، سيرسم معادلة جديدة بعد هذا الإجتماع حول طريقة تعاطي الفاتيكان مع قضايا المسيحيين في الشرق”. ولفت المصدر الى أنه “لا يمكن قياس نشاط الفاتيكان وتحرّكه على قاعدة السياسة”، مرجّحاً أن “يكون البيان الختامي غير كلاسيكي”.

السابق
الأخبار: النصف +1 في استحقاق 2014: روليت روسية
التالي
البناء: نجاح خطة طرابلس رهن جدّية الحسم مع المخلّين