لبنان في محفظة خامنئي

من يقرأ تحقيق “رويترز” حول الثروة التي يديرها مرشد الثورة الايرانية ويستمع الى الامين العام لـ”حزب الله” لا يخالجه شك ان المليارات من الدولارات التي أنفقتها الجمهورية الاسلامية منذ أيام مؤسسها الإمام الخميني على الحزب وحتى الآن تعبّر عن مشروع يحكم ايران ويتحكم بلبنان مثلما هي الحال مع سوريا حيث تنفق طهران مليارات الدولارات دعما لنظام بشار الاسد. واذا سأل سائل عما يجنيه المرشد خامنئي من انفاق هذه الاموال الطائلة التي تعود الى عرق الشعب الايراني الذي اشتهر عبر التاريخ بحرصه على ماله الى درجة وصفها الجاحظ بدقة في كتاب “البخلاء”، فلا بد ان يخضع الامر الى تفكير في اعتبارات لا علاقة لها بعادات الكرم التي سينفيها الجاحظ على الفور، كما ينفيها تحقيق “رويترز” نفسه حيث يقول ان “ستاد” (الهيئة التي أسسها الخميني عام 1989 وقبل وفاته بشهرين وصارت الآن في عهد خامنئي تملك اصولا قيمتها عشرات المليارات من الدولارات) أجرت في 2006 او 2007 “دراسة لاستكشاف أسباب تفوق بعض البلدان النامية على ايران في النمو “فانتهت، كما يقول أفخمي رئيس مجموعة “تدبير” للتنمية الاقتصادية وهي الوحدة التي تشرف على معظم استثمارات “ستاد” المالية لصحيفة “الشرق” الايرانية في نيسان الماضي، الى استلهام مثال كوريا الجنوبية حيث “لشركات مثل سامسونغ وال جي وهيونداي تأثير على التنمية” مثلما هي الحال في “الصين واليابان والبرازيل والمانيا واميركا”. وبفضل هذه الدراسة التي انتهت الى التطبيق تحولت “ستاد” من “منظمة تبيع العقارات الى مؤسسة اقتصادية عملاقة.
الصورة الشهيرة التي جمعت خامنئي ونصرالله ووزعت قبل اشهر أثارت افتخاراً عند جمهور “حزب الله” باعتبار انه أمر غير عادي ان تلتقط للمرشد صورة مع أحد وهو واقف كما فعل مع نصرالله. بعد هذا التكريم الاستثنائي من خامنئي لنصرالله بات واضحا ان “حزب الله” صار منخرطا بالكامل في حرب سوريا دعماً لبشار الاسد وهذا ما أكده وبصورة نهائية نصرالله في خطاب عاشوراء الاخير. بالتأكيد لم يسمع الامين العام لـ”حزب الله” من مرشده نجاحات “ستاد” الاقتصادية بل سمع منه فقط توجيهات تسمح بتحقيق نجاحات تؤدي الى ربح الحرب في سوريا ، أي تحويل “حزب الله” من منظمة تقدم الضحايا في لبنان فقط الى “مؤسسة عملاقة متعددة الانشطة” في محاكاة لبنانية لـ”ستاد” الايرانية. لكن مع فارق انه هنا يجري توظيف الدماء وهناك يجري توظيف الاموال. وهنا يعود الى الاذهان ما قاله السفير الايراني لعدد من رجال الاعمال الشيعة ابان حرب 2006 المدمّرة التي شنتها اسرائيل على لبنان. فعندما طرح رجال الاعمال امام السفير امكانية ان ينتقلوا الى طهران لاستكشاف آفاق العمل، كان جواب السفير:”لقد كتب الله لكم الشهادة في لبنان فكيف تفوتون الفرصة؟”. من حسن حظ خامنئي ان نصرالله لا يفوّت الفرصة في سوريا لكن هذا بالتأكيد من سوء طالع لبنان.

السابق
مناورة اقتحام منازل إسرائيلية
التالي
الحريري – نصرالله: عودة الى المربّع الأول