السليمانيون: ليس بندوة في فندق يُولد التمديد!

لن يفوّت رئيس الجمهورية فرصة، في الخارج كما الداخل، وحتى آخر يوم في ولايته، للترويج لإعلان بعبدا باعتباره “الوصفة السحرية” لاستئناف لغة الحوار الجماعي المعطّل.
في الرياض استفاض في “المحاضرة” عن فوائد “الاعلان الرئاسي” وقبلها في نيويورك وفرنسا، واليوم السبت سيشارك، حضوراً ورعاية، في ندوة في فندق فينيسيا تحت عنوان “الاستقلال من الميثاق الى إعلان بعبدا”.
ليس الامر مجرد ندوة. جديد ميشال سليمان هو إطلالته، هذه المرة، من خلال “منتدى بعبدا”.
التسمية جديدة على الآذان، وأهمّ ما فيها أنها دفعت المقرّبين من رئيس الجمهورية الى ردّ الاتهامات التي طالت “نيات” من يقف وراء هذ “المنتدى”. يسخر هؤلاء ممن يربطون بينه وبين التسويق للتمديد لسليمان “ليس بندوة في فندق يُصنع التمديد”!
“السليمانيون” يوضحون الصورة: “منتدى بعبدا” يضمّ شخصيات تتعاطى الشأن العام، تسعى لإطلاق مبادرات وطنية ترتبط بشكل وثيق بإعلان بعبدا بوصفه شبكة الخلاص الممكنة لأزمات الداخل، وستتطوّر لاحقاً لتشمل قضايا وطنية اخرى. والهدف الاهمّ هو الاستمرارية وخلق مجموعة سياسية داعمة لمؤسسات الدولة لا يرتبط وجودها فقط بالاشخاص.
بهذا المعنى “منتدى بعبدا”، برأي المقرّبين من سليمان، “لن يتقاعد مع نهاية الولاية الرئاسية، ولا علاقة له أصلاً بهذا الاستحقاق”.
وجود وسام بارودي، صهر رئيس الجمهورية، في الصورة، يؤجّج التحليلات. الرجل لا يخفي طموحاته السياسية، وحركته الانتخابية الناشطة تشي بذلك، لكنه يفصل بين المسارين “أنا أتعاطى الشأن العام وباتت لي حيثية معيّنة، ولست بحاجة لمنتديات لأبرز من خلالها. كنت داعماً بقوة لمجموعة من المهتمّين بالشأن العام، عرضت عليّ فكرة المنتدى، وأثنيت على جهودهم وشاركت في ورشة العمل لاحقاً لكوني من المؤمنين بالمأسسة”.
بعد اربعة اشهر، وثمانية ايام، تبدأ المهلة الدستورية لانتخاب رئيس جديد للجمهورية. لا أحد، من اكثر العارفين والمطّلعين، يبشّر بخارطة طريق واضحة المعالم لاستحقاق 24 ايار 2014، او يتوقّع نهاية “سعيدة” له تعاكس “تعويذة” التمديد النيابي والجمود الحكومي.
“أبغض الحلال” سيكون التمديد لقائد الجيش السابق. أسوأ السيناريوهات هو الفراغ، الذي قد يكون ايضاً على شاكلة حكومة تصريف أعمال “تصرّف”، بدورها، صلاحيات الرئاسة الاولى.
وفق المقرّبين من الرئيس سليمان، يتصرّف الأخير على اساس أن عوامل التمديد، أقلّه حتى الساعة، غير متوافرة، مغلّفاً هذا المنحى بقناعته الشخصية، أولاً، بان التمديد غير ديموقراطي. بغض النظر عن “طبخات الخارج”، في الداخل، ثمّة من يفضّل “الفوضى” على ميشال سليمان!
بالرغم من ذلك، ستفسّر اي خطوة يقوم بها رئيس الجمهورية في الأشهر الأخيرة من عهده وكأنها “لبنة” في جدار التمديد. من يروّج لهذا المنطق “يقرأ” أيضاً في “الفنجان” السوري، معتبراً أن المهلة الفاصلة عن انتخاب رئيس جديد ليست كافية كي ترسو الأزمة في سوريا على غالب ومغلوب، ولا حتى على تسوية مؤقتة ترجّح خيار الرئيس التوافقي.
إنه زمن الاستحقاق الرئاسي بامتياز، وعلى الأرجح سيقضي سليمان ما تبقّى من ولايته، محاولاً إقناع الآخرين، انه ليس من “طلّاب” التمسّك بكرسيّ بعبدا بعد “نضوب زيت” الولاية الرئاسية، الّلهم إلا إذا أتته على طبق من إجماع دولي يترجم بلعاً للموسى من جانب معارضي التمديد المحليين.
هي ليست مهمّة طارئة على رئيس الجمهورية. باكراً جداً، أُرغم سليمان على دفع ضريبة اتهامه بالرغبة بتمديد إقامته في بعبدا منذ لحظة جلوسه على كرسيّ الرئاسة. في كل ما فعله استفزّ خصومه بالفطرة:
حين رُفعت صوره في بلدته عمشيت وأُطلق اسمه على أكثر شارع وجادة، وفي جولاته التفقدية على أحوال الجالية اللبنانية في الخارج، وبرغبته الدائمة بكتلة نيابية تلمّلم شيئاً من “هيبة” الصلاحيات الرئاسية المفقودة، وحين حافظ على “خيط” التواصل مع الدوحة بعد أن قطعه مَن سبق الرئيس بأشواط في تنظيم قصائد المدح بالدولة الخليجية و”شُكرِها” على “قَطرِها الزائد” في الصحن اللبناني، ويوم حلّل الزواج المدني على صفحته على “تويتر” داعياً الى قوننته، وحين نصّب نفسه عراب النسبية، واعتنق مذهب “النأي بالنفس”، وشارك في موجة المؤتمرات حول مسيحيي المشرق، وكرّس “إعلان بعبدا” ممرّاً إجبارياً لحوار الاضداد، ولحظة بشّر بولادة مشروع اللامركزية الادارية.. وأخيراً وليس آخراً، يوم اعلن مواصفات الرئيس القوي “المتحرّر من تحالفات نيابية تحول دون قراره المستقلّ والمتوازن والسيادي”.
“ورشة” التمديد قرأها خصومه ايضاً من حركة شقيقه محافظ جبل لبنان بالوكالة انطوان سليمان، والنشاط الاجتماعي لزوجته وفاء سليمان، وتعيينه مقرّبين منه في مراكز تطعم خبزاً ونفوذاً، وحين قرّر إحياء “ذكرى لبنان الكبير” في قصر بعبدا.. حتى نشر صورة معبّرة لميشال سليمان وهو يوصل حفيده الى المدرسة صنّفت بسرعة البرق ترويجاً مبكراً لدخول نادي الرؤساء الممدّد لهم!
خصوم رئيس الجمهورية أكثر بكثير من مريديه اليوم. هذا، عادة، قدر نهاية العهود حتى لو دشّنت وسط أكاليل الاجماع الدولي والداخلي. المهم ان ميشال سليمان يقول إنه لا يعمل للتمديد لنفسه. اما اذا شاءت الظروف ذلك، فأمر آخر. لذلك، سيسلّم الامانة في الوقت المحدّد، ساعياً بكل جهده، على ان لا يتركها لـ”وحش الفراغ”.
وحتى انكشاف سرّ ما بعد 24 ايار 2014، سيستمر الرئيس في محاربة من يتّهمه بفعل عكس ما يقوله. بهذا المعنى، “منتدى بعبدا” ليس منتدى التمديد لـ “فخامته”. وزيارة الى السعودية لا تقلب معادلات في المنطقة. المقرّبون من سليمان يستسخفون “العقول الصغيرة” المروّجة لهذه “الترّهات”.

 

السابق
الحياة: نزوح جماعي من قارة السورية الى عرسال اللبنانية
التالي
أنصار الأسير إلى الواجهة