تحية الى السيّد حسن نصر الله

السيد حسن نصر الله
إنّها حقا مقدرة هائلة. هي اقرب ما تكون الى المظاهر الاعجازية التي لا يمكنك امامها الا الوقوف بذهول، ولا يمكنك إلا أن تعترف بها كحقيقة واضحة وأن تسجّلها مرغما لامين عام حزب الله السيد حسن نصر الله، المبدع في الامساك بالحبال القلبية لجمهوره.

بكل صراحة أنا، وللسنة الثانية على التوالي، ومع اقتراب مناسبة عاشوراء الامام الحسين (ع)، ينتابني شعور سطحي عن احراج كبير افترضه سيكون مخيما على ادبيات وخطابات وكلمات معتلي المنابر “الحسينية ” من قيادات ومسؤولي حزب الله. خصوصا بعد اعلان هذا الحزب الصريح والواضح انّه يقاتل في سوريا الى جانب بشار الاسد، بما يمثل موقع هذا الاخير على رأس نظام مستبد وظالمن على الاقل بحق شعبه. أيضا خصوصا أنّ حزب الله نفسه لا ينفي عنه هذه المواصفات او حتى يحاول اخفاءها او التخفيف من الممارسات القمعية التي يشتهر بها نظام حاكم الشام الجديد، ان في جلساته الخاصة او بشكل علني عبر تأكيده على احقية مطالب الشعب السوري بالاصلاح. ما يعني اعترافا من الحزب بالشوائب التي يحملها ذاك النظام.
لذا، وامام هذا التطابق الكبير بين صورتين، واحدة تعبّر عن حاضر الواقع السوري المختصر بوجود حاكم ورث الحكم عن ابيه ويمارس سلطته بالقمع والترهيب والاستبداد بحقّ شعب منتفض عليه، وبين صورة اخرى لتاريخ يروي الحكاية نفسها، وبالتفاصيل نفسها، عن حاكم ورث الحكم عن ابيه، ويحمل المواصفات نفسها: الاستبداد. وقصّة إمام انتفض عليه. لتأتي هنا المفارقة الكبيرة من حزب يحمل راية ذلك الامام العظيم، لكن هذه المرة موقعة الى جانب الحاكم وليس العكس. وبسبب هذه المفارقة الضخمة كنت اراقب جيدا امكانيات حزب الله الخطابية في حلّ هذه المعضلة المفترضة. ومن هذه الزاوية لا يسع اي مراقب محايد، وانا منهم، الا تسجيل اعلى درجات الاعجاب والاندهاش والاستهجان بالمقدرة الخطابية الجبارة التي يتمتع بها السيد حسن نصر الله، وتحديدا ما تكشفت عنه اطلالاته “العاشورائية “، وتحديدا أكثر في ما سجّله من نجاح باهر، ليس فقط بقدرته العالية على الخروج من هذا الاحراج المفترض، بل في ذهابه اكثر بكثير من ذلك. فهو استطاع، ببيانه الأخّاذ والساحر، تحويل كل هذا العشق الاعمى والحب المتوهج عند محبي الامام الحسين (ع)، وكل هذه الاندفاعة والحماسة عند جماهير الامام الحسين (ع)، الخارجة للتو من الاستماع الى السيرة “المصرع”، الجماهير التي تبكي على امامها المقتول من قبل طاغية الشام، حتى أنّ الدموع في العيون لم تجفّ بعد حزنا، استطاع السيّد نصر الله أنّ يقف في يوم الحسين وفي ساعة الحسين ومن على منبر الحسين ليخطب بتلك الجماهيرالحسينية نفسها فيجيّر كل هذا المخزون الثوري ويستحوذ على كل هذا الحزن ويسيطر على كل تلك المشاعر ليضعها هذه المرة في خدمة: طاغية الشام!
إنّها حقا مقدرة هائلة. هي اقرب ما تكون الى المظاهر الاعجازية التي لا يمكنك امامها الا الوقوف بذهول، ولا يمكنك إلا أن تعترف بها كحقيقة واضحة وأن تسجّلها مرغما لامين عام حزب الله السيد نصرالله، المبدع في الامساك بالحبال القلبية لجمهوره، حتى وإن كنت في موقع المختلف معه، لا يسعك الا ان تحترم هذه المقدرة الاسطورية عند هذا الرجل وبالتالي ان ترسل إليه تحية .

السابق
سكت شهرا لينطق كفرا
التالي
التطبير ليس إلا: شوفيني يا منيرة