اللواء: الحكومة تحضر بين سليمان والحريري

كتبت “اللواء ” تقول: اشاعت زيارة الرئيس ميشال سليمان الى المملكة العربية السعودية اجواء ارتياح، كما اشاعت في الوقت عينه اسئلة عن الحكومة والاستحقاقات المقبلة، واستطلاع افاق اعادة وصل ما انقطع بين القوى السياسية المتنازعة مع اقتراب مواعيد استحقاقات دستورية، يتوقف على اتمامها او عدمه مستقبل صيغة النظام السياسي ككل.
المعلومات التي توافرت لـ”اللواء” عن الزيارة بشقها الاقليمي (المحادثات مع خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز والقيادة السعودية) وفي شقها اللبناني مع رئيس تيار “المستقبل” الرئيس سعد الحريري، تفيد ان الرئيس سليمان عاد بدعم مالي في ما يتعلق بالنازحين السوريين ودعم سياسي في ما يتعلق بمواقفه وسياسته القائمة على الحياد الايجابي، وفقاً لمندرجات “اعلان بعبدا”، ازاء الازمة السورية، على المستويين السياسي والعسكري.
اما في الشق اللبناني، فتؤكد المعلومات عينها ان “لا معلومات دقيقة بعد عما دار في اللقاء بين الرئيسين سليمان والحريري، وان كانت التحليلات السياسية قد اطلقت العنان لمساراتها التوقعية ان تتحدث عن عودة محتملة وربما ليست بعيدة للرئيس الحريري الى بيروت، فضلاً عن طرح صيغ الحكومة المقترحة على بساط الاخذ والرد.

ماذا حدث خلال الزيارة؟
مصادر ذات صلة تحدثت عن الاجواء الطيبة التي استهل بها الملك عبد الله اللقاء اضفت طابعاً ودياً على المحادثات، وتناهى إلى المجتمعين عن أن القصف أدى إلى مقتل أطفال في دمشق، وكانت فرصة لأن يُشدّد رئيس الجمهورية على أن لعبة القتل والموت يجب أن تنتهي في سوريا.
وأكّد الملك عبد الله خلال اللقاء أن الأجواء المضطربة في المنطقة، ولا سيما في سوريا، تحتم تفاهم اللبنانيين والحوار بينهم، خصوصاً انهم اجمعوا على “إعلان بعبدا” الذي يحيّد لبنان عن الصراعات، مبدياً قلقه من التشنج الحاصل في البلاد والذي لا يعود بالفائدة على أحد، مشدداً على ان ما يهمه هو وحدة اللبنانيين.
ولمس الذين استمعوا إلى كلام الملك شعوراً بعدم الرضى عن تورط أطراف لبنانية في الحرب الدائرة في سوريا وانعكاسات ذلك على ما يتم التفاهم عليه بين الأطراف اللبنانية، فضلاً عن تأثيراته السلبية على علاقات لبنان العربية.
بدوره، الرئيس سليمان أثنى على كلام الملك، في ما يتعلق بالدعوة إلى الحوار والتفاهم والنأي بالنفس، داعياً إلى سيادة لغة الاعتدال، وأن تنجح القوى المعتدلة في الالتفاف حول الدولة وخيارات الاستقرار.
وبحسب هذه المصادر بأن الموضوع الحكومي، أو الاستحقاق الرئاسي، لم يتم التطرق إليهما لا من قريب ولا من بعيد، في خلال اللقاء مع العاهل السعودي وكبار المسؤولين السعوديين، الذين ابلغوا الرئيس سليمان حرص المملكة على عدم قيام انقسام بين اللبنانيين وأهمية العودة إلى الحوار في ما بينهم.
وكشفت أن موضوع النازحين السوريين إلى لبنان وما يرتبه من أعباء على هذا البلد كان الحاضر الأكبر في المحادثات، مشيرة إلى أن هناك مساهمات مالية تقدمها المملكة لهؤلاء النازحين ضمن مخصصات لهم، وان الجانبين توافقا على أهمية إيجاد حل سياسي في سوريا بعيداً عن القتل والعنف.
وقال مصدر سعودي لـ”اللــواء” إن ما تم الاتفاق عليه، سيتم تنفيذه قريباً، ولم يوضح المصدر ما إذا كانت الخطوات ستشمل تشكيل حكومة أم لا.
اما بالنسبة إلى اللقاء المنفصل مع الرئيس الحريري، فانه حسب المعلومات تناول الوضع الداخلي بتفاصيله الحكومية وغير الحكومية، وأنه ساد تطابق في وجهات النظر لجهة عدم جواز استمرار الوضع على ما هو عليه ما ينعكس سلباً على حياة اللبنانيين، وأن المطلوب تخفيف الشروط من جميع الفرقاء المدعوين اليوم الى ملاقاة بعضهم البعض في منتصف الطريق بهدف الوصول إلى الحلول.
وكشفت المعلومات أن الرئيس سليمان حاول إقناع الحريري السير بحكومة تكون جامعة لجميع الأطراف، لافتاً نظره إلى أن الصيغ المطروحة لتركيب تشكيلة الحكومة، سواء ثلاث ثمانات أو 9-9-6 ليست سوى طربوش، وأن المهم هو تأليف حكومة لا تكون من لون واحد، وأن تمثل الجميع.
وبحسب اعتقاد المصادر المطلعة على اللقاء، فإن أي حكومة سيتم تشكيلها الآن، ليس في إمكانها أن تقلع إلا بعد أن تنال الثقة، وهذا الأمر يتطلب شهوراً، وبالتالي فإن صيغة 9-9-6 يمكن أن توفر تمثيلاً مقبولاً لفريق 14 آذار، إذا ما سلمنا جدلاً بوجهة نظر فريق 8 آذار بأن الرئيس تمام سلام ومعه الفريق الوسطي، يمكن أن يحسب من حصة 14 آذار، التي يمكن أن تصل إلى حدود 15 وزيراً.
إلا أن الرئيس الحريري أبدى معارضة لهذه الصيغة، متسائلاً عن المقابل الذي سيقدمه فريق 8 آذار، مشيراً إلى أنه يمكن أن يسير بحكومة شراكة مع حزب الله شرط التزامه مجدداً بإعلان بعبدا وسحب قواته من سوريا، مؤكداً أنه ما عدا هذين الشرطين، ليس لديه مشكل، وأنه ما يزال يدعم جهود الرئيس المكلف توصلاً إلى تأليف الحكومة.
وعلم أن الرئيس سليمان شدد في المقابل على ضرورة عدم الوصول إلى مرحلة الاستحقاق الرئاسي من دون حكومة، لافتاً نظر ضيفه، إلى أنه مهما كان شكل الحكومة، فإنها عملياً لا يمكن أن تدخل في جو العمل الفعلي قبل خمسة أشهر على الأقل، وعندها نكون قد دخلنا في مرحلة الاستحقاق الرئاسي، وفي جو الجلسات المتلاحقة التي سيعقدها المجلس النيابي لانتخاب رئيس جديد.
ومهما كان من أمر، فإن المصادر تعتقد بأن الزيارة فتحت طريقاً إلى مرحلة جديدة، أو إلى محطة على الساحة اللبنانية، لا بد أن يكون عنوانها هو تأليف الحكومة.
واستناداً إلى هذه القناعة، فإنه لا بد أن تتم مرحلة جديدة من المشاورات سيستأنفها الرئيس المكلف خلال اليومين المقبلين، والذي يتوقع أن يزور قصر بعبدا يوم الجمعة أو السبت على أبعد تقدير، لتقييم هذه المشاورات مع الرئيس سليمان، خصوصاً بعد مرحلة “جس نبض” بدأها الوزير وائل أبو فاعور مع الرئيس نبيه بري موفداً من النائب وليد جنبلاط، في مقابل تصعيد جديد من حزب الله عبّر عنه رئيس كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب محمد رعد الذي أعلن أن الحكومة لن تشكل من دون المقاومة، وإذا شكّلت سيبقى البلد معطلاً ولن تستطيع أن تحكم.

اغتيال الشيخ غيّة
في غضون ذلك، خرق الهدنة الطرابلسية، اغتيال عضو جبهة العمل الاسلامي الشيخ سعد الدين غيّة بإطلاق النار داخل سيارته قرب محلة البحصة في القبة من قبل مسلحين كانا يستقلان دراجة نارية، وفي حين نعت الجبهة غيّة، والذي كان مقرباً من رئيس مجلس قيادة حركة التوحيد الاسلامي الشيخ هاشم منقارة، معتبرة أنه دفع ضريبة العمل الاسلامي الجهادي الوحدوي المقاوم مقابل التحريض المذهبي الفتنوي، أصدر حزب الله بياناً أدان الجريمة مؤكداً أنها نتيجة لخطاب التعبئة التحريضية الذي تمارسه بعض الجهات في طرابلس، ما يدفع البلاد نحو أجواء محمومة، في إشارة الى خطباء مهرجان “إحقاق الحق” لأبناء باب التبانة.
لكن المصادر توقفت أمام ما أعلنه الأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله، في ذكرى عاشوراء، من أن اغتيال غيّة يساوي في خطورته تفجيري الرويس وطرابلس.

السابق
المستقبل: بعبدا استعداد سعودي لدعم النازحين في لبنان
التالي
الشرق: الحريري الى لبنان في وقت غير بعيد