الزوجة: خادمة؟ أو شريكة؟ أو ضيفة؟

الزوجة
لماذا يلقي الرجل بأعباء المنزل على زوجته وحدها؟ وهل باتت العادات الاجتماعية أقوى من الاحكام الدينية؟ وكيف يمكن توزيع الادوار وتقسيم تعب الأعمال المنزلية الشاقة بينهم، ومنها تربية الأبناء؟

أكدت دراسة حديثة أن التزام المرأة بالأعباء المنزلية، وحدها دون زوجها، قد يؤدي الى إصابتها بالإجهاد النفسي كالأرق والعصبية والقلق. في بيئة شرقية كلبنان يعتبر الجميع ان الاعمال المنزلية، من كنس وغسيل وطبخ وتنظيف وغيرها، تقع تلقائياً على عاتق ربّة المنزل.

وإن كان البعض يعتبر هذه الأعمال المرهقة ليست واجبة شرعا او قانونا، إلا أنّ عدم الالتزم بأدائها من قبل المرأة يدفع الرجل الى الغضب، واحيانا الى الضرب والمشاكل التي تصل حدودها الى الطلاق. فبحسب الشريعة الاسلامية لا يفرض على المرأة إرضاع طفلها إذا رفضت ذلك. وإن فعلت فهذا يُعدّ كرما أخلاقيا منها.

ويقول الشيخ محمد دهيني إنّ “للمرأة في الإسلام حقوقا كثيرة، وقد أكَّد عليها الإسلام في تشريعاته، سواء في القرآن الكريم أو السنّة الشريفة. لكنّ المجتمع العربي لا يزال يعيش الذكوريّة الطاغية، التي لا تحترم مشاعر المرأة، ولا حقوقها”.

ويضيف: “بعض الأعراب شاهدناهم يمشون أمام زوجاتهم فارغي الأيدي، أو يطقطقون بالمسبحة، بينما تحمل زوجاتُهم أحمالاً ثِقالاً على رؤوسها عند انتقالهم من مكانٍ إلى آخر في الأسفار. إنّ مجتمعاتٍ كهذه لا يمكن أن ترعى للمرأة حقّاً. ولا بدّ من إعادة النظر في ما قد يكون السبب خلف بروز مثل هذه العقليّات وانتشارها، وهو بعض الأحاديث والروايات التي تقلِّل من شأن المرأة، والتي تصوِّرها كمخلوقٍ ناقص العقل والدين والحظّ. وأنَّها تَبَعٌ للرجل؛ وأنَّه لو كان يصحّ السجود لغير الله لأمرت المرأةُ بالسجود لزوجها”، وبتايع: “في اعتقادي أنَّ هذه الأحاديث مكذوبةٌ ومفتراة، ولم تصدر عن النبيِّ وأهل بيته الأطهار، لأنَّها تتنافى مع روح الشريعة، وقيم الإسلام”.

ورغم كل ذلك، لا يلتزم الا القليل بذلك لأنّ العقلية العربية تتحكم بالعادات الاجتماعية لدرجة أنّ من يساعد زوجته فإنّه يشار اليه على أنّه “محكوم” من زوجته.

وفي استطلاع عشوائي حول الموضوع أكّد من استطلعناهم أنّهم يساعدون زوجاتهم في الاعمال البسيطة في حال كانت الزوجة مريضة فقط. إلا أنّ البيئة الشيعية اللباننية لا تشفع للمرأة، وإن كانت عاملة ومنتجة، فتعود من عملها لتطبخ وتكنس وتهتم بتدريس الأبناء. فهل من الطبيعي ان تكون هذه الانسانة زوجة وعاملة ومربيّة وأم وخادمة، في الوقت عينه، في حين ان الرجل يؤدي دورا واحدا ومهنة واحدة؟”.

فاطمة (ام محمد) تعاني من دوام طويل في العمل المنزلي الشاقّ. إذ يبدأ يومها الساعة السادسة صباحا ولا ينتهي قبل الثانية عشرة ليلا. وهي أم لخمسة ابناء جامعيين، اضافة الى والدهم. جميعهم يتّكلون عليها في كل! شيء. ولا يهتمون لأوجاعها المتزايدة.

اللافت انه عندما تضطر فاطمة للذهاب الى بلدتها لاسباب اجتماعية، فإنّها تعود لتجد المنزل وقد انقلب رأسا على عقب، كما لو أنّ عاصفة قد اجتاحته. فتضطر لقضاء ما فاتها من المهام الشاقة، وهذا بمثابة devoir لا يمكن تأجيله ليوم آخر من اجل عدم التعرّض للقصاص من “المدير”.

الباحثة والكاتبة الدكتورة أليس كوراني تعتبر في حديث لـ”جنوبية” أنّ من الضروري أن يأتي الرجل بخادمة إلى المنزل، “وإن لم تأتِ كلّ يوم، تخفيفا للمصاريف. ومن مبدأ ان اعمال الرجل المُرهقة خارج المنزل توجب على المرأة أن تهتم بالرجل وطعامه وراحته..”.

اما في حال كان الطرفان يعملان بدوامات متشابهة، فتعتبر كوراني أنّه “على الرجل ان يتقاسم وزوجته الاعباء المنزلية، وأن يقوم الأكثر كفاءة بينهما بتعليم الاولاد وعدم الاستعانة بمعلمة مسائية لأنّ ثمة طريقة في تعليم الاولاد عبارة عن تأمين جو مناسب للدرس يجعل الطفل متكلا على نفسه لا على معلمته، ما يُريح الام من هذا العناء اليومي”.

وانتقدت كوراني حاملي راية حقوق المرأة مقابل واجبات الرجل “لأنّ ثمة مروحة ترتبط بعمل الرجل. فإذا كان عمله مرهقا يجب على المرأة اراحته. وليس من الضروري ان تكون الراحة على حساب المرأة كما، لكن لا مانع من وجود مساعدة منزلية”. وتستشهد بالسيدة الزهراء “التي كانت تستعين بشغّالة”. وتلفت إلى أنّ “نساء هذه الأيام تتكلن على الرجل”. وختمت أنّه “عليهما تقاسم العمل فيما بينهما”.

السابق
أحمد الأسير ورفعت عيد: إرهابي بسمنة وإرهابي بزيت
التالي
جريحة باطلاق نار في طرابلس