الجمهورية: تعهُّد سعودي بمساعدة لبنان في ملف النازحين

كتبت “الجمهورية ” تقول : إنصبّت الاهتمامات الداخلية أمس على تقصّي نتائج قمّة الرياض بين رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان وخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز، واستكشاف أبعاد مشاركة الرئيس سعد الحريري في هذه القمّة وما انطوت عليه من رسائل سياسية بدأت تتفاعل في الأوساط اللبنانية عموماً.
ظلّت البلاد ترزح تحت وطأة ارتفاع حدّة الخطاب الطائفي والتحريض المذهبي، وأوحت الأجواء السياسية المتشنّجة أنّ المراوحة على صعيد التأليف مرشّحة لأن تطول أكثر، خصوصاً أنّ زيارة سليمان للسعودية التي عاد منها ظهر أمس، كان يؤمل منها خلق أجواء سياسية تعدّل في مواقف الأطراف القريبين منها في لبنان، لكنّها لم تعطِ أيّ نتيجة، لأنّ الموقف السعودي العلني كان النأي بالنفس عن التعاطي في الشأن الداخلي اللبناني. علماً أنّ سليمان كان أعلن قبيل سفره الى الرياض أنّه ليس ذاهباً إليها للبحث في الموضوع الحكومي.
وقالت مصادر اطّلعت على جوانب من لقاءات الرياض إنّ البحث مع المسؤولين السعوديين تركّز على الأوضاع في المنطقة والأزمة السورية وانعكاساتها السلبية على لبنان. ولفتت الى انّ جزءاً من البحث تناول ما تقرّر في مؤتمر “مجموعة العمل الدولية من اجل لبنان”.
وقالت المصادر إنّ القيادة السعودية تعهّدت بالوقوف الى جانب لبنان في مَدّ يد المساعدة لمواجهة الآثار السلبية لما بلغه حجم النازحين السوريين والفلسطينيين الى لبنان، والمساهمة في الكلفة التي تتكبّدها الدولة اللبنانية العاجزة عن توفير مستلزمات دعم صمود اللبنانيين ومواجهة حاجاتهم الطبّية والتربوية والإستشفائية، الى ما هنالك من مشاريع تفتقر اليها البلاد على المستويات الإجتماعية، عدا عن الهمّ الأمني الذي كبر وتجاوز كلّ التوقعات بسبب النزوح والفقر.
كذلك تعهّدت المملكة بالمشاركة الفاعلة في الأنشطة التي تقرّرها المؤتمرات الدولية، ومنها “مجموعة العمل الدولية” و”البنك الدولي”، وتعهّدت ايضاً بالحضور والمساهمة فيها بما يمليه عليها واجب دعم لبنان واللبنانيين، ومواجهة آثار ما يجري على الساحة السورية وانعكاساتها على دول الجوار ومنها لبنان خصوصاً.
كذلك تعهّدت الرياض بدعم كلّ المشاريع التي يمكن ان تتقرر تحت بند مساعدة الدولة اللبنانية ودعم الجيش اللبناني تحديداً وفق البند الخاص في ورقة مؤتمر نيويورك وتتمّات مؤتمر الكويت، على الرغم من انّ الحديث عنه قد تلاشى.
وذكرت المصادر أنّ القيادة السعودية أكّدت تأييدها سياسة “النأي بالنفس” حفاظاً على الأمن والإستقرار الداخليين في لبنان، وأبدت استعدادها لدعم هذه التوجّهات الى النهايات التي تكرّسها الوقائع على الأرض.

مشاركة الحريري
وإلى ذلك، أكّدت أوساط قريبة من تيار”المستقبل” لـ”الجمهورية” أنّ “مشاركة الرئيس سعد الحريري في القمة اللبنانية ـ السعودية لم تكن مفاجئة، وكشفت أنّ الدوائر الملكية السعودية كانت أحاطت دوائر القصر الجمهوري في بعبدا علماًَ بمشاركته، وأبدى سليمان ترحيبه بها، فضلاً عن أنّ اللقاء بينه وبين الحريري ساده التوافق التام، وشكّل مناسبة للتعمّق في كلّ الملفات المحلية والإقليمية”.
وقالت هذه الأوساط “إنّ الرياض أرادت عبر مشاركة الحريري التشديد على خيار الاعتدال داخل الطائفة السنّية وخارجها، والدلالة الى رمزية الحريري وموقعه بالنسبة إلى المملكة، فضلاً عن حرصها على إبراز حضورها داخل المعادلة اللبنانية سواءٌ عبر القمّة الرئاسية أو عبر دعم الفريق الذي يجسّد عنوان الدولة في لبنان”.
ورأت “أنّ الرسالة الأساسية من خلال حضور الحريري قمّة الرياض موجّهة إلى الطرف الذي أسقط حكومته وحاول إقفال بيته وإبعاد السعودية عن لبنان، لأنّه بإبعادها يضمن هيمنته على لبنان”. وقالت “إنّ الرئيس المكلف تمّام سلام يحظى بدعم الرياض والحريري معاً، وإنّه غير معنيّ بالرسائل التي أرادت المملكة توجيهها من خلال مشاركة الحريري في القمّة، لا بل هو يعلم علم اليقين أنّ الحكومة لن تؤلّف إلّا برئاسته. وهو التقى أمس السفير الاميركي في بيروت ديفيد هيل.

سليمان والحريري
وقالت مصادر مُطّلعة إنّ البحث بين سليمان الحريري دخل في تفاصيل الملفّات اللبنانية، ولا سيّما أزمة تأليف الحكومة، وجدّد سليمان طرحه تأليف حكومة جامعة، لافتاً إلى أنّ هذه القضية لا يمكن تجاهلها، وهو على مشارف نهاية الولاية، كذلك بالنسبة الى ضرورة القيام بكلّ ما يلزم لإنتخاب رئيس جمهورية جديد وإبعاد شبح الفراغ عن قصر بعبدا، أيّاً تكن الأثمان المطلوبة من اللبنانيين جميعاً بعيداً من المصالح الضيقة.
وشدّد رئيس الجمهورية على “أهمّية تخفيف أجواء التشنّج في البلاد، والسعي إلى ترتيب الأوضاع الداخلية والابتعاد عن تداعيات تورّط اللبنانيين في الأزمة السورية.
ولم تتسرّب أيّ معلومات عن ردود الحريري، وعمّا إذا كان متمسّكاً الى الحدود القصوى بالسقوف العالية والمرفوعة لتأليف الحكومة وربطها بموضوع انسحاب “حزب الله” من سوريا، على الرغم من اقتناع الجميع بأنّ القرار في هذا الشأن بات أسير الواقع، وهو أمر مستبعد بعدما تورّط بعيداً في الأزمة السورية على مساحة المناطق المتوتّرة في سوريا من محيط العاصمة الى أقصى الشمال والمناطق المتاخمة للبنان وجنوب البلاد.

“حزب الله”
في غضون ذلك، وضع “حزب الله” الكرة في ملعب الفريق الآخر مؤكّداً أن لا حكومة من دونه، وأنّه لن يسعى الى تأليفها من دون شركائه في الوطن. وذكّر نائب أمينه العام الشيخ نعيم قاسم بـ”المعادلة الثلاثية الذهبية: الجيش والشعب والمقاومة” وبـ”التجربة مع الرئيس الشهيد رفيق الحريري عندما تمّ الاتفاق بين الحزب وبينه على أن يكون هو المهتمّ بموضوع الإعمار ونحن نهتم بموضوع المقاومة، ويتكامل الإعمار مع المقاومة، والتزامه يومها أن لا يمسّ هذه المقاومة وأنّ الأمر مرتبط بانتهاء أزمة الشرق الأوسط بكاملها”.
من جهته، أعلن رئيس كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب محمد رعد “أنّ الحكومة لن تتألف من دون المقاومة ، وقال: “إذا تألّفت حكومة من دون موافقة المقاومة سيبقى البلد معطّلاً، ولن تستطيع أن تحكم في هذا البلد، وهذا أمر طبيعي لأنه لا يستطيع أحد تجاوز المقاومة وجمهورها، أو أن يشطب مكوّناً أساسياً من مكوّنات هذا البلد”.

أمن طرابلس
واهتزّ أمس الأمن الطرابلسي بقوّة، عقبَ اغتيال عضو “جبهة العمل الإسلامي” الشيخ سعد الدين غيّة، القريب من رئيس مجلس قيادة حركة “التوحيد الإسلامي” الشيخ هاشم منقارة، إذ أطلق عليه مسلّحان مجهولان على دراجة ناريّة خمس رصاصات أصابته في رأسه وعنقه وصدره عندما كان في سيارته في محلّة البحصة في منطقة القبّة. وقد أشاع هذا الحادث توتّراً في المدينة التي تستعدّ لإجراءات أمنية في إطار الخطة الأمنية الجديدة.
وأكّدت مصادر عسكرية لـ”الجمهورية” أنّ هذه الخطة هي في حوزة قائد الجيش العماد جان قهوجي، وتنتظر القرار السياسي للبدء بتنفيذها، وعنوانها الردّ على مصادر النيران من أيّ جهة أتت. وشدّدت على “أنّ قيادة الجيش ترفض الخضوع لإملاءات السياسيّين الموجودين في المنطقة ورغباتهم، مشدّدةً على أنّها المعنية الأولى بالدفاع عن أهل المدينة وأمنهم واستقرارهم”.
وعلمت “الجمهورية” أنّ الإستعدادات بوشرت لتعزيز القوى الأمنية في طرابلس بعدما تقرّر مبدئياً أن تنتشر قوة من الأمن الداخلي قوامها ألف عسكريّ في عمق باب التبانة والأحياء المجاورة، في إطار توزيع القوى والأدوار والمهمّات مع الجيش اللبناني وقوّة الأمن العام التي انتشرت في المدينة.
وفي هذا السياق اعتبر الأمين العام لـ”حزب الله” السيّد حسن نصر الله “أنّ اغتيال غيّة “مؤشّر خطير ودليل إلى مسار خطير بدأت تأخذه الأحداث في طرابلس خصوصاً، ولبنان عموماً، ويجب التحذير منه وتداركه والتوقّف عنده طويلاً”.
وقال: “هذا الحادث يجب التوقّف عنده طويلاً ومَليّاً. هناك خشية من أن يؤسّس لاتجاهات معينة على مستوى الوضع الداخلي اللبناني. وإنّ التفجيرات في طرابلس والضاحية الجنوبية مسار خطير، وهذا الإغتيال أيضاً مسار خطير”. وشدّد على وجوب “أن تتعاطى الدولة وجميع القوى السياسية مع هذا الأمر بمنتهى الخطورة والحساسية”.
وقد تزامن اغتيال غيّة مع اللغط الذي رافق استدعاء رئيس “الحزب العربي الديموقراطي” علي عيد إلى القضاء العسكري، واستدعاء نجله الأمين العام للحزب رفعت عيد إلى المفرزة الجنائية المركزية، فاعتذر الأوّل عن الحضور بعذرِ وضعِه الصحّي، وطالبت موكّلته بخطوات قضائية لاسترداد طلب الاستماع إليه والإفراج عن سائقه أحمد العلي.

إضرابات
على صعيد آخر، ثبّت معلّمو القطاع الخاص الموعد المقرّر للإضراب في 26 من الجاري، احتجاجاً على التأخير في إنجاز اللجنة النيابية المختصّة درس مشروع سلسلة الرتب والرواتب وإحالته إلى اللجان النيابية المشتركة. وعلمت “الجمهورية”، أنّ الإضراب سيشمل القطاع العام أيضاً.
وفيما تعارض إدارات المدارس الإضراب، أكّد الأمين العام للمدارس الكاثوليكية الأب بطرس عازار، أنّ المؤسسات التربوية الخاصة في لبنان لن تقفل أبوابها، ولا وقت لديها للتفكير في الإضرابات. واستغرب إعلان المعلّمين الإضراب “بعد الاتفاق الذي تمّ مع نقيب المعلّمين نعمة محفوض أمام البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي بأن لا إعلان للإضرابات هذه السنة”.
لكنّ نقيب المعلّمين نعمة محفوض قال لــ”الجمهورية” إنّ “من الطبيعي أن لا تُضرِب المدارس، لكنّ المعلمين سيُضرِبون، وبالتالي لا تدريسَ في 26 من الجاري إذا لم تنجِز اللجنة الفرعية عملها في “السلسلة” وتحيلها إلى اللجان النيابية المشتركة في 15 من الجاري”.

الهيئات الاقتصادية والعمّال
إلى ذلك، لفت أمس ما كشفه رئيس الهيئات الاقتصادية الوزير السابق عدنان القصّار لـ”الجمهورية” من توجّه لدى الهيئات لعقد اجتماعات تنسيقية مع الاتحاد العمّالي العام، لتوحيد الجهود، للضغط من أجل تسريع تأليف الحكومة، وإيجاد حلول للعمالة السورية “التي تستولي على لقمة عيش العامل اللبناني”. وجزمَ بأنّ التحرّكات المتوقّعة لا تتضمّن الإضرابات، “لأنّنا لم نعد نؤمن بالإضرابات، وسندرس تحرّكات أُخرى مع الاتّحاد العمّالي العام”.

السابق
الاخبار: عون يصعّد نفطياً من يرد أن يخنق لبنان فسنخنقه
التالي
البناء: الفتنة تعبث بأمن طرابلس مجدداً