أم المعارك في جنيف

لم يكن توقيع علي اكبرصالحي رئيس المنظمة الايرانية مع يوكياأمانو أمين عام الوكالة الدولية على “خريطة طريق” حول الملف النووي في طهران مفاجئا لانه بالاصل كان مبرمجا ، سواء نجحت مفاوضات جنيف او تعرقلت . ليس في الامر تقديم هدية إيرانية مجانية للوكالة الدولية . أرادت طهران إثبات حسن نواياها ، لبناء جسر من الثقة اصبح اكثر من ضروري للعبور عليه نحو الاتفاق الشامل مع مجموعة الخمسة زائد واحد ومن جهة اخرى التقدم خطوة الى الى الامام باتجاه نقل الملف النووي من مجلس الأمن الى الوكالة ، بذلك تأمن ايران عدم تعرضها للعقوبات الدولية .

خريطة الطريق الموقعة ، مهمة جدا لانها وضعت سقفا زمنيا للتعامل مع المشكلات . لم يعد الوقت مفتوحا على الوقت . عانت الدول المفضضة مع ايران نلاعبها بالوقت واستخدامه لمصلحتها في رفع قدراتها النووية بشكل لم ينجح احد مثلها . يكفي مثالا على ذلك ، انها رفعت عدد آلات الطرد المركزي من ثلاثة عام ٢٠٠٣ عندما كان حسن روحاني كبير المفاوضين الى ١٩ الف مركز من اصلها الف مركز متطور جداً . الخريطة التي تتضمن ست مراحل تستغرق الاولى منها ثلاثة اشهر ، ترمي الى” زيادة الثقة بين الطرفين ” . وقد حلت بدقة مشكلتين هما :

* مفاعل أراك الذي يعمل بالمياه الثقيلة التي تسمح بصنع مادة البلوتونيوم التي تستخدم في تصنيع القنبلة النووية . وقد قبلت طهران مبدأ التفتيش المفاجئ له. وكان وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس قد ركز في رفضه توقيع الاتفاق بعدم تلقي مجموعة الخمسة زائد واحد اي ضمانات حول هذا المفاعل المثير الريبة والقلق معا .

* حق تفتيش منجم الأورانيوم في “غاشين” ، وذلك لمراقبة حجم الكميات المستخرجة وبالتالي معرفة حجم الكميات المخصبة لاحقا ومراقبتها.

رغم هذا النجاح فان أمانو قال” انه يلزم الكثير من العمل لحل جميع المشاكل”، والتي ابرزها موقع “بارشين ” الواقع في قاعدة عسكرية وهو حسب الوكالة يتضمن مبنى يستخدم” لأغراض عسكرية مشبوهة” ،وترفض ايران تفتيشه فكيف باقفاله كما تطالب مجموعة الخمسة زائد واحد. وهذا الموقع كما تقول المعلومات الغربية يتضمن موقعا لاستخدامه في عمليات تفجير تدخل في صلب تجارب للتفجير النووي .

خلال مفاوضات جنيف دارت نقاشات مكثفة بين الوفد الإيراني ومجموعة خمسة زائد واحد حول ما هو المطلوب من ايران وما تريده منهم :

* إغلاق مفاعل ” أراك”الذي ينتهي بناءه ومن ثم بدء العمل فيه في مطلع العام القادم ، وليس فقط حق تفتيشه كما ورد في “خريطة الطريق” .

* مستقبل مخزون ايران من الأورانيوم المخصب بنسبة ٢٠ بالمئة ، وتملك ايران حتى آب الماضي ١٨٦ كلغ ويلزم ٢٤٠ كلغ لصناعة القنبلة النووية . وتريد المجموعة نقل هذه الكمية الى الخارج ووضعه تحت إشراف كونسورتيوم يضمن سحب كميات محددة لاستخدامها في تشغيل مفاعل بوشهر النووي وغيره. بالاجمال تريد المجموعة من ايران إنزال تخصيب المواد الى ٣,٥ بالمئة مما يضمن سلمية المشروع الايراني في حين تعتبر ان حقها بالتخصيب حق شرعي لها كفله نظام الوكالة الدولية.

* مفاعل” فوردو” النووي المقام تحت جبل من الغرانيت وعلى عمق ٩٠ مترا مما يشكل هدفا مستعصيا حتى الان لتدميره. وتطالب واشنطن باقفاله في حين تعارض ايران ذلك .

تخفيض عدد أجهزة الطرد المركزي وعدم زيادة عدد الجيل الجديد المتطور منها ، خصوصا ان الموجود منها وهو١٩ الف كاف لإنتاج ما يكفي من الأورانيوم لتصنيع قنبلة نووية في خلال أسابيع اذا ما شغلت كلها دفعة واحدة.

تريد ايران رفع العقوبات فورا او على الاقل ضمن فترة زمنية قصيرة . واشنطن تحديدا عرضت تخفيفا محدودا ويمكن العودة عنه وليس كما تطالب طهران بعدم العودة عنه . الأولوية في ذلك رفع العقوبات عن قطاعي البتروكميائيات والمعادن الثمينة والسماح لبعض الدول بتسليم ايران مستحقاتها المجمدة من مبيعات النفط . اكبر مثال الصين الشعبية حيث تبلغ قيمة المستحقات ٢٢ مليار دولار، وكان علي لاريجاني قد فشل في إقناع بكين برفع الكرد دون موافقة المجموعة. اما إجمالي المبالغ المستحقة فهي ٥٠ مليار دولا مما يسمح للحكومة الإيرانية تحضير ميزانية متوازنة للعام الإيراني الجديد الذي يقع في ٢٠ آذار من العام القادم .

تخوض ايران المفاوضات وكانها “أم المعارك”. المرشد أية الله علي خامنئي ، أدان اولا اي محاولة للنيل من وطنية الوفد المفاوض ، والرئيس حسن روحاني شكل غرفة عمليات لإدارة المفاوضات من طهران ضمت كما نقل من طهران ممثلين عن المرشد والحكومة ومجلس الشورى ومجلس الأمن القومي . بهذا لا يمكن لأي طرف التنصل من مسؤولية التوقيع على اي اتفاق مع مجموعة الخمسة زائد واحد ، خصوصا ما يتعلق بالمفاوضات المباشرة مع ” الشيطان الاكبر” .

السابق
رئيس وزراء البانيا: نبحث تدمير ترسانة سوريا الكيميائية على اراضينا
التالي
النهار: الاغتيال يعرّض طرابلس وخطّتها الأمنية للسقوط