ما عاد يمشي الحال هيك

ثمة ما يشبه الإجماع على مستوى كبار المسؤولين، حتى على مستوى بعض العواصم العربية والاوروبية، على أن اعتذار الرئيس تمام سلام يعني الدخول في نفق مجهول. كما يعني ان استمرار التسيّب والفلتان والاستهتار والتهور ستحمل نتائجه وعواقبه ما هو أسوأ وأخطر من المجهول.

لكن محاولات التأليف، ومحاولات تليين المواقف والمطالب، ذهبت جميعها أدراج الرياح. بل شرّعت الأبواب مجدّداً في طرابلس ومثيلاتها من المدن والمناطق لمختلف أنواع الفتن والحروب والغزوات.

فئة من اللبنانيّين تنتظر المزيد من تقدّم النظام في سوريا، قتالياً وسياسياً، مما يدفعها للرجوع إلى لغة التعالي والتهديد والتحدّي. وفئة تزداد تمسّكاً برهاناتها ومواقفها ضد النظام في سوريا، وضد كل ما يمتّ إليه بصلة، بلوغاً بيت القصيد حيث النبع والمرجع في إيران.

فما العمل؟ بل أين يؤدّي هذا التهوّر والتدهور والانزلاق؟ وإلى متى يستطيع لبنان، بكل تناقضاته وانقساماته الحادة، أن يصمد ويزمط بريشه؟

وماذا في مقدور وليد جنبلاط أن يفعل، ويقدّم، ويساعد، ويؤثّر؟ وهل يملك الرئيس نبيه بري أن “يجترح” أكثر من التنبيه إلى “أن الوضع في البلد لا ينبغي إطلاقاً أن يستمرّ على هذه الطريقة التي توصله إلى المزيد من الفوضى والاضطرابات؟

قد يضيف جملة مفيدة، أقرب إلى التمنّي، وأكثر تدليلاً على صعوبة الوضع وخطورته، مفادها باختصار “صار بدها حكومة… ما عاد يمشي الحال هيك”.

ثم ماذا؟ وكيف يمشي الحال؟

ربما التمسك بالانتظار ذاته، والذي تفسيره ومعناه انتظار لا شيء. مع إضافة انتظار ما يحمله الرئيس ميشال سليمان في هذا الصدد، كنتيجة متوخّاة لزيارته السعودية ولقائه الملك عبدالله بن عبد العزيز…

وهذا الكلام لا يعني إطلاقاً اختراع البارود، بقدر ما يوضح ويكشف أنواع الأمراض والأزمات التي تتغلغل في جسد هذا البلد العليل.

على رغم ذلك، ورغم الحقائق والوقائع، تملك السعودية أوراقا لبنانية وعربية ودولية فاعلة، من شأنها تقديم مساهمة كبرى في عملية إخراج البلد من هذا المأزق القاتل.

وهنا، عند هذا المنعطف اللبناني الخطير بالذات، لا يمكن ولا يجوز تجاهل حجم الدور الايجابي الذي يستطيع “حزب الله” أن يلعبه… مقارنة بحجم دوره السلبي الذي لا يحتاج إلى تعريف.

إن خطوة بهذه الأهمية تتطلّب التخلي عن لغة التحدّي وذهنية التحكّم، وتقديم مصلحة لبنان على كل مصلحة أخرى.

وإلا فإن “التعطيل” قد يتحوّل إعصاراً يجتاح الجميع دون استثناء.

السابق
جون كيري.. واختلاف الحساسية
التالي
سلام: لن أؤلّف حكومة ميتة