الجمهورية: برّي إذا اتفقت إيران والدول الستّ سيكون انفجاراً نووياً سياسياً

كتبت “الجمهورية ” تقول: ثلاث رسائل اختصرت المشهد السياسي أمس: الأولى من الرياض حيث شكّلت مشاركة الرئيس سعد الحريري في اللقاء بين خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز ورئيس الجمهورية ميشال سليمان رسالة إلى الداخل والخارج بأنّ الحريري خطّ أحمر، وأنّ الانقلاب على حكومته لم يُهضَم سعوديّاً بعد. والرسالة الثانية من القضاء الذي أثبت مع توقيف رئيس الهيئة العليا للإغاثة العميد ابرهيم بشير وزوجته، بأنّه قادر على استعادة هيبته وتأكيد دوره، وأنّ ما ينطبق على هذا الملف قد ينسحب على ملفّي رئيس “الحزب العربي الديمقراطي” علي عيد الذي يمثُل أمام القضاء اليوم، ونجله رفعت الذي تقرّر الاستماع إليه بشأن تهديداته للدولة. والرسالة الثالثة من مجلس النوّاب مع إعلان رئيس لجنة الإعلام والاتصالات النيابيّة حسن فضل الله “لو كانت الدولة قوية وحاضرة وموجودة، لما تجرّأ العدوّ على التجسّس”، في إشارة مقصودة إلى أنّ سلاح “حزب الله” ما زال الضمانة الوحيدة لمواجهة الاختراقات الإسرائيلية.
تتسارع الأحداث في المنطقة بوتيرة ملحوظة، لا سيّما على خط الوصول الى اتفاق محتمل حول برنامج إيران النووي، بعد اتفاق طهران مع الوكالة الذرّية على خارطة طريق، في حين أكّدت إسرائيل بأنّها دولة موحّدة في معارضته، بينما سعت الولايات المتحدة الأميركية الى تهدئة مخاوفها عبر التأكيد أنّ مثل هذا الاتفاق سيحمي تل أبيب، وأنّها لن تسمح أبداً لطهران بحيازة سلاح نووي.
في الموازاة، تستمرّ المساعي لعقد مؤتمر “جنيف 2″، وقد أسفرت أمس عن إعلان “الإئتلاف السوري المعارض” موافقته على المشاركة مقابلَ حكومة انتقالية كاملة الصلاحية، رافضاً مشاركة إيران فيه. ووصفت واشنطن هذه الموافقة بالخطوة الكبيرة.
وبعدما شدّدت على أنّ علاقات شراكة استراتيجية تربطها بالإمارات والسعودية وغيرهما من الشركاء في المنطقة، جدّدت السعودية بدورها التأكيد أنّ العلاقات التاريخية بينها والولايات المتحدة الأميركية تقوم على الإستقلالية والإحترام المتبادل وخدمة المصالح المشتركة، وعلى التعاون البنّاء في التعامل مع القضايا الإقليمية والدولية خدمةً للأمن والسلم الدوليين، وشدّدت على حرص البلدين وبكلّ جدّية وشفافية وثقة متبادلة على تلمُّس السبل الكفيلة بمعالجة تلك القضايا.

زيارة سليمان
وفيما العجلة الحكومية متوقّفة حتى إشعار آخر، شخصت الأنظار الى السعودية لتقصّي نتائج زيارة رئيس الجمهورية الى الرياض، التي خرقت الجمود السياسي في البلاد، ومتابعة لقاءاته مع كلّ من الملك السعودي والرئيس الحريري الذي انضمّ الى المحادثات اللبنانية ـ السعودية.
وذكر البيان الرسمي لقصر بعبدا أنّ سليمان والعاهل السعودي “شدّدا على أهمية الحفاظ على الإستقرار السياسي والإقتصادي والأمني في لبنان، وانضواء جميع الأفرقاء تحت الثوابت الوطنية التي تبقي لبنان بمنأى عن تداعيات ما يحصل حوله”.
وقد تمحورت القمة اللبنانية ـ السعودية التي تناولت الملفات الداخلية والإقليمية حول عناوين ثلاثة:
ـ العلاقات الثنائية بين البلدين وسبل تعزيزها، والدور المساعد الذي يمكن أن تقوم به المملكة من اجل دعم الوحدة والاستقرار.
ـ الوضع في سوريا ومؤتمر “جنيف 2″، وموضوع اللاجئين السوريين إلى لبنان، وسط استعداد سعوديّ للمساعدة وتقديم الدعم للبنان كي يستطيع مواجهة عبء النازحين، في انتظار عودتهم إلى بلادهم.
ـ أهمّية تعزيز خط الإعتدال في المواقف السياسية وتطبيق إعلان بعبدا.
وكان أجرى سليمان محادثات عدة أمس، أبرزها مع وليّ عهد المملكة العربية السعودية الامير سلمان بن عبد العزيز، ورئيس الحرس الملكي السعودي الامير متعب بن عبدالله، ووزير الداخلية السعودي الامير محمد بن نايف، والرئيس الحريري.
وتعليقاً على زيارة سليمان الى السعودية، قال نائب الأمين العام لـ”حزب الله” الشيخ نعيم قاسم إنّ “الزيارة هي زيارة عادية، ومن الطبيعي ان يقوم رئيس دولة بزيارة الى ايّ بلد، إلّا أنّنا لا نتوقّع أن تؤتي ثمارها”.

برّي
في غضون ذلك، سألت “الجمهورية” رئيس مجلس النواب نبيه بري: “هل يتوقع ان يكون لأيّ تفاهم بين ايران والدول الخمس زائداً واحداً على الملف النووي الإيراني انعكاس إيجابي على الوضع في لبنان؟ فأجاب : “في حال حصل هذا التفاهم سيكون مثابة انفجار نوويّ سياسي في المنطقة، تطاول شظاياه وآثاره الإيجابية المنطقة كلّها، ومن ضمنها لبنان بطبيعة الحال”.
وأضاف: “إذا حصل هذا الاتفاق النووي سيسجّل التاريخ انّ إدارة الرئيس باراك اوباما ستكون اوّل إدارة إميركية تتّخذ قراراً يخدم مصالح الولايات المتحدة الاميركية حصراً وبمعزل عن الضغوط والمصالح الإسرائيلية”.
وجزم برّي من جهة ثانية بـ”أنّ البلاد وصلت الى مرحلة لم يعد ممكناً ان تستمر بلا حكومة”. وقال لـ”الجمهورية”: “إنّ حكومة 9+9+6 هي فرصة ذهبية لقوى 14 آذار عليها أن لا تفوّتها، فحصّتُها في هذه الحكومة، إذا قبلت بها، ستكون مرجّحة لمصلحتها، فهي تملك فيها، الى رئيس الحكومة الذي في إمكانه ان يسقط الحكومة اذا استقال في أيّ وقت، وهو أهمّ من أيّ ثلث معطّل، تسعةَ وزراء، أي الثلث المعطل مضافاً الى حصّة رئيس الحكومة في الكتلة الوسطية المكوّنة من 6 وزراء: وزيرين لرئيس الجمهورية، رئيس الحكومة ووزير آخر يسمّيه، وزيرين لرئيس “جبهة النضال الوطني” النائب وليد جنبلاط.
وبمعنى أوضح تكون حصّة 14 آذار في الحكومة المكوّنة من 24 وزيراً كالآتي:
9 وزراء مضافاً إليهم وزيران من الكتلة الوسطية احدهما رئيس الحكومة والوزيران اللذان يسمّيهما رئيس الجمهورية، بحيث يكون مجموع هذه الحصة 13 وزيراً، أي الاكثرية المطلقة التي تجعلها تملك الارجحية في مجلس الوزراء، والتي تؤهّلها اتّخاذ القرارات المتعلقة بكلّ القضايا العادية والإجرائية، ما عدا القرارات التي تحتاج الى موافقة اكثرية ثلثي اعضاء مجلس الوزراء وهي محدّدة في الدستور.
وأضاف برّي “إنّ رئيس الحكومة في تشكيلة 9 + 9 + 6 يوازي في حدّ ذاته الثلث المعطل. وقد حاولنا المستحيل تأليف حكومة وفق صيغة 8+8+8 مع وزير يدوّر الزوايا، ولكنّ فريق 14 آذار لم يقبل، واليوم نطرح حكومة 9+9+6 ولكنّه لم يقبل، فماذا يريد؟
واستغرب برّي جعل “إعلان بعبدا” عقدة في وجه تأليف الحكومة، وقال إنّ ما اعلنه رئيس الجمهورية في هذا الشأن كان صحيحاً”.
وأضاف: “الجميع موافقون على “إعلان بعبدا” ضمن الحدود التي أقِرّت على طاولة الحوار، وهو لم يأتِ على ذكر سلاح المقاومة لا من قريب ولا من بعيد، ولكنّ البعض يريد ان يعتبر انّه مرتبط بهذا السلاح، فهل اصبح الملف النووي الايراني مرتبطاً ايضاً بـ”اعلان بعبدا”؟!
“حزب الله”
من جهته، شدّد “حزب الله” بلسان قاسم على انّ الحكومة الجامعة هي فرصة للبلاد ولكلّ الأحرار، ولا يوجد حلّ آخر، الحكومة الحيادية مستحيلة، والحكومة الجامعة ممكنة، ومع عدم الموافقة على الحكومة الجامعة يعني أنّ حكومة تصريف الأعمال ستبقى لشهور”.
من جهته، نصح رئيس كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب محمد رعد فريق 14 آذار” بأن لا يكرر التجربة الفاشلة، وبأن يسارع إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية جامعة حتى نربح معاً أنفسنا ووطننا ونحقّق معاً العزّة والكرامة”.

…وجنبلاط
وفي المواقف، حذّر النائب وليد جنبلاط من انّ النظام السوري يريد نقل الفتنة من سوريا الى لبنان، نافياً أيّ علاقة للحزب التقدّمي الإشتراكي” بما يجري داخل الأراضي السورية وكذلك في مناطق جبل الشيخ”، موجّهاً “نداءً الى العرب الدروز اللبنانيين أن ينأوا بأنفسهم لأنّ النظام السوري يريد نقل الفتنة من سوريا إلى لبنان”.

الخزانة الأميركية
على خط آخر، لقد اتّضح انّ الوفد الأميركي الذي يُنتظر ان يزور لبنان قريباً يجمع ما بين وزارة الخارجية الأميركية ووزارة الخزانة، وذلك لمتابعة الاجتماعات مع المسؤولين اللبنانيين التي كانت بدأت خلال الشهور الماضية، خصوصاًَ بعد تخفيض مستوى الإئتمان لدى ثلاثة مصارف لبنانية.

ملفّ التجسّس
وحضر ملف التجسس الإسرائيلي على طاولة لجنة الاتصالات النيابية التي استمعت الى تقرير مفصّل من ممثلي اللجنة الثلاثية التقنية التي كانت قد شكّلتها رئاسة الحكومة، وتضمّ وزارة الاتصالات والجيش والهيئة الناظمة للاتصالات، مرفقاً بصورٍ وجداول للأبراج الاسرائيلية.
وأعلن رئيس اللجنة النائب حسن فضل الله أنّ اللجنة أقرّت سلسلة إجراءات لمواجهة التجسّس الإسرائيلي، مشيراً إلى أنّ لبنان الرسمي سيتقدّم بشكوى إلى مجلس الأمن في إجراءاته السياسيّة، خصوصاً وأنّ “العدوان يتمّ تحت مظلة وجود اليونيفيل والقرار 1701″، كذلك فإنّه سيسعى إلى “طرد” إسرائيل من التجمّع الدولي للاتصالات.
وكشف أنّ “اللجنة الوزاريّة المكلّفة متابعة الملف أشارت إلى أنّ عدد الأبراج المستخدمة للتجسّس ارتفع منذ العام 2010 من 21 إلى 39، كما لفتت إلى زيادة في التجهيزات التي سُرّبت إلى داخل لبنان للغاية نفسها”. وشدّد على أنّ التجسّس “يطاول كلّ اللبنانيين وكلّ أوجه حياتهم”، محمّلاً المسؤولية للدولة اللبنانيّة بالقول: “لو كانت الدولة قوية وحاضرة وموجودة، لما تجرّأ العدوّ على ما فعله”.
وعلى الخط القضائي، أمر النائب العام التمييزي بالإنابة القاضي سمير حمود بتوقيف رئيس الهيئة العليا للإغاثة العميد ابراهيم بشير وزوجته، في قضية إختلاس أموال عامة، وتحويل مبلغ عشرة ملايين دولار من أموال الهيئة الى حساب خاص في الخارج.

الشأن الحياتي
على صعيد آخر، برزت في الايام القليلة الماضية أزمة رغيف كان يمكن أن تؤدّي الى ارتفاع في أسعار الخبز. وقد قرّرت وزارة الاقتصاد والتجارة معاودة دعم القمح ابتداءً من مطلع كانون الاوّل المقبل، لقطع الطريق على الأزمة، رغم الضغوطات الماليّة المتراكمة على الخزينة.
هذا القرار اتّخذته الوزارة بسبب ارتفاع اسعار القمح عالمياً، وتلويح المطاحن برفع سعر الطحين. وتبيّن أنّ أحد اسباب الأزمة، يكمن في ارتفاع حجم استهلاك الخبز بسبب النزوح السوري الى لبنان. (راجع ص 11)
الى ذلك، وبعدما عاد ملف سلسلة الرتب والرواتب الى الواجهة، من بوّابة قرار أساتذة التعليم الخاص إعلان الإضراب في 26 تشرين الثاني الجاري، استأنفت اللجنة النيابية المولجة مناقشة الملف برئاسة النائب ابراهيم كنعان اجتماعاتها أمس.
وكشف كنعان، أنّ “بعض الإيرادات التي قُدّمت لتغطية “السلسلة” منفوخة ووهميّة، مشيراً الى أنّ اللجنة اقترحت زيادة 600 مليار ليرة على الإيرادات المتأتّية من الكماليات واليخوت والسيارات الضخمة والشركات المتداولة في البورصة.
وأكّد أنّ “الإيرادات التي كانت ملحوظة في مشروع تمويل السلسلة لا تكفي سوى ستّين في المئة من كلفة هذه السلسلة”.

السابق
الأخبار: تحريك مقترح واشنطن لحل الخلاف البحري بين لبنان وإسرائيل
التالي
البناء: الاتصالات تضع يدها على التجسّس شيفرة للعدو مع الداخل اللبناني