اللواء: طرابلس تغلي العدالة لشهداء المسجدين أو أخذ الحق بالقوة

كتبت “اللواء ” تقول : فرضت التطورات في طرابلس نفسها بنداً ساخناً على الوسط السياسي والرسمي، من زاوية المخاطر المحدقة “بالهدنة الهشة” في عاصمة الشمال، وارتداداتها على مجمل الاستقرار في المنطقة، وربما في مناطق أخرى في لبنان، وسط مخاوف من تداعيات أكثر خطورة للأزمة السورية على الساحة الداخلية اللبنانية، في ظل معلومات يجري تداولها في أوساط إعلامية وديبلوماسية غربية عن تحول لبنان إلى “أرض جهاد”، مما يعني أن الأبواب مفتوحة أمام هبّات ساخنة في ضوء الخلافات التي تعصف بفصائل المعارضة السورية، ليس فقط بالنسبة لحضور مؤتمر جنيف-2 أوعدمه، بل أيضاً من زاوية المشاريع، والخطط المطروحة بالنسبة لسوريا، وانعكاسات ذلك على لبنان.
ولم تستبعد مصادر مطلعة أن يتطرق الرئيس ميشال سليمان ومن باب درء المخاطر الناجمة عن الحرب السورية على لبنان إلى التوترات الداخلية الحاصلة، مع القيادة السعودية، من زاوية فك الارتباط بين الاستقرار اللبناني والوضع السوري بكل تشعباته.
وأضافت هذه المصادر إن القمة اللبنانية – السعودية من شأنها أن تساعد لبنان على الحفاظ على استقراره، باعتبار أن استقرار لبنان هو حجر الزاوية في السياسة السعودية التقليدية تجاه هذا البلد.

طرابلس على صفيح ساخن
وكانت التداعيات السلبية للوضع في مدينة طرابلس، أو بين باب التبانة وجبل محسن قد تسارعت منذ السبت الماضي على نحو دراماتيكي جعلت الناس تضع أيديها على قلوبها:
1- إقدام مسؤول العلاقات السياسية في الحزب العربي الديموقراطي رفعت عيد على تجاوز ما يمكن وصفه “بالموقف السياسي العاقل” بإعلانه أن دم فرع المعلومات بات حلالاً (أي مستباح)، لأن هذا الفرع “أحلّ دمنا”، على حد زعمه.
2- أحدث هذا الموقف هيجاناً في الشارع الطرابلسي، واشتباكاً كلامياً مع الدولة، إذ وصفه وزير الداخلية مروان شربل بأنه ينطوي على “لغة تكفيرية”، محيلا التصريح الى النيابة العامة لاتخاذ ما يلزم من اجراءات.
3- المهرجان الذي نظمته القوى الاسلامية في باب التبانة والذي تركزت كلمات الخطباء فيه على دعوة الدولة إلى اعتقال رفعت عيد وأبيه النائب السابق علي عيد، وأن أي تقاعس ربما يؤدي إلى “تفتيت لبنان” على حد تعبير الشيخ سالم الرافعي. ولم يوفر الخطباء الذين هاجموا النظام السوري والأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، مفتي المدينة الشيخ مالك الشعار واعتباره “مفتي السلطة”.
وأدرجت مصادر شمالية المهرجان بأن الهدف منه إيصال رسالة واضحة من “أولياء الدم” الشهداء الذين سقطوا في تفجير مسجدي “السلام” و”التقوى”، بأن تقاعس القضاء والدولة من شأنه أن يجعل الأمور تأخذ مساراً خطيراً، ومطالبة الفاعليات الطرابلسية بإحالة الجريمة على المجلس العدلي واعتقال علي عيد وإبنه رفعت بعد حل الحزب العربي الديموقراطي، ودعوة الدولة، لأن تتخذ موقفاً غير منحاز، لا على الصعيد القضائي ولا على الصعيد الأمني والعسكري.
4- وعشية التحضيرات لمثول النائب السابق عيد أمام قاضي التحقيق العسكري رياض أبو غيدا، المتوقع غداً، وبعد اللغط من أن دورية تابعة لفرع المعلومات ذهبت لإحضار عيد بالقوة، من بلدته حكر الضاهري في عكار والقريبة من الحدود السورية، أفادت معلومات أن حشوداً تجمعت أمام منزله لقطع الطريق على أية عملية مداهمة، لا سيما بعد أن توحدت القوى الأمنية (فرع المعلومات ومخابرات الجيش) إزاء هذه المسألة التي اعتبرتها متعلقة بهيبة الدولة وسلطة القانون، لكن مصدراً امنياً نفى حصول المداهمة.
5 – وأجرى رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي اتصالاً هاتفياً بالمفتي الشعار شجب خلاله ما تعرض له على لسان أحد خطباء مهرجان “إحقاق الحق” الذي أقيم في معرض رشيد كرامي الدولي.
واعتبر الشعار في تصريح لـ?”اللواء” أن التعرّض له لم يكن في محله، وأن المطلوب التهدئة ولمّ الشمل، وعدم إضاعة الفرص، وضرورة الحفاظ على وحدة الصف الداخلي، وابعاد أية محاولة لاضعاف الموقف الوطني والإسلامي العام لمدينة طرابلس.
ولاحظت مصادر مطلعة، أن الهجوم على الشعار أضعف المهرجان ووحدة الموقف الطرابلسي من تفجير المسجدين، فبدل أن يكون الهدف في هذه المرحلة توقيف المعتدين وجلبهم إلى العدالة، صوب المهرجان باتجاه معاكس في خطوة تفتقد إلى الحكمة والتوازن.
6 – وجرت اتصالات مع الفاعليات العلوية لاقناع عيد بالمثول امام قاضي التحقيق العسكري غداً، لتخفيف التشنج وترك العدالة تأخذ مجراها، ما دامت قرينة البراءة متوفرة قبل المحاكمة، الا أن احتمال مثول عيد وربما تركه أو توقيفه من شأنه أيضاً أن يفجر الموقف على الصعيدين، صعيد جبل محسن أو على صعيد الشارع الطرابلسي، خصوصاً وأن المشهد في طرابلس أمس عكس حالة من الاحتقان السني يتصاعد في غياب تنفيذ العدالة.
سليمان في السعودية
في غضون ذلك، أبدت مصادر رسمية تفاؤلها بما يمكن أن تفضي إليه القمة اللبنانية – السعودية اليوم من نتائج إيجابية من شأنها أن تنعكس على مسار العلاقات بين البلدين والأوضاع الراهنة في البلاد.
ولفتت المصادر لـ?”اللواء” إلى ان زوّار الرئيس سليمان لمسوا منه ارتياحه لقيامه بهذه الزيارة، مؤكدة أن عناوينها ثنائية وسياسية، وتوقيتها لافت في ظل الأجواء السائدة إقليمياً، وانها ستتناول العلاقات اللبنانية – السعودية والوضع في المنطقة ومؤتمر جنيف – 2 وملف النازحين السوريين إلى لبنان.
وأشارت المصادر إلى أن الآمال معلقة على إمكانية احداثها انعكاسات إيجابية على بعض الملفات المحلية، كالملف الحكومي، من دون أن يعني ذلك أن هذا الملف سيحمله الرئيس سليمان إلى المملكة، متوقفة عند كلامه الأخير في هذا السياق، ولا سيما اشارته إلى أن عنوان الزيارة سيكون لبنان، وانه لن يتحدث في موضوع الحكومة في الخارج، وإلى انه سيلتقي الرئيس سعد الحريري خلال الزيارة، مشدداً على أن دعوته للحوار دائمة، وإعلان بعبدا معبر أساسي للحوار.
وعلى صعيد آخر، كشفت مصادر بعبدا لـ?”اللواء” أن الاجتماع الأمني الذي انعقد أمس الأوّل في قصر بعبدا اندرج في إطار متابعة تنفيذ الخطة الأمنية في طرابلس، وفرض الإجراءات التي من شأنها المساهمة في تثبيت الأمن هناك.
ولفتت المصادر إلى أن رئيس الجمهورية على تواصل دائم مع قادة الأجهزة بهدف الاطلاع منهم، وبشكل مباشر، على مستجدات التطورات الحاصلة هناك، مؤكدة وجود غطاء سياسي لتحرك هذه الأجهزة من أجل القيام بمهامها.

لقاء برّي – ميقاتي
من جهة ثانية، لم تثمر زيارة الرئيس ميقاتي إلى عين التينة أمس الأوّل، عن اتفاق مع الرئيس نبيه برّي على المرجعية الصالحة لتفسير الدستور، من أجل الفصل في الخلاف القائم حول دستورية الجلسة العامة التشريعية وجدول اعمالها في ظل حكومة تصريف الاعمال.
وقالت مصادر عين التينة لـ?”اللواء” ان الرئيس بري لفت نظر الرئيس ميقاتي الى ان لا شيء في الدستور اسمه تصريف اعمال، او يشير الى عدم جواز اجتماع مجلس النواب اذا كانت الحكومة مستقيلة. و لفته الى ان المجلس النيابي لديه مرحلة تصريف اعمال اذا حل عن طريق هيئة مكتبه.
وشددت على ان الرئيس بري ينطلق من الدستور في ما خص اجتماع الهيئة العامة، وليس من اي شيء اخر، موضحة بأن الرئيسين اتفقا على نقطة واحدة، وهي وجوب الاسراع في تأليف الحكومة.

“حزب الله”
الى ذلك، لاحظت مصادر مطلعة، ان “حزب الله” خفض من سقف خطابه السياسي، بعد اللهجة العنيفة التي ساقها مسؤولوه ضد فريق 14 اذار، وتهديداتهم بقطع الأيدي وإخراس الألسنة، وارتدى خطابه امس، لهجة هادئة نسبياً، حيث اكد نائب الامين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم “بأن قدرنا في لبنان ان نكون معاً مهما اختلفنا، فنحن ابناء وطن واحد وعلى ارض واحدة، نحمل الآمال والآلام معاً، نتأذى معاً ونربح معاً، ولا ينتفع احد لا من التعطيل ولا من المقاطعة، مشيراً بأن الحل بأن نفصل بين الامور الداخلية في لبنان، وبين صفقات الرهان الخارجي.
ومن جهته، اكد رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد انه لا يمكن تشكيل حكومة في لبنان بمعزل عن المقاومة، كما انه لا يصلح لبنان من دون مقاومة، نافياً عن نفسه تهمة التصعيد، مشيراً الى ان النصيحة التي يسديها ليست من باب التهديد، لأننا لا نريد ان نفتعل قتالاً مع احد، لكن على أساس ان يقوم هذا الفريق بتهدئة الامور.

السابق
المستقبل: بوتين يتصل بخادم الحرمين بشأن سوريا وإيران
التالي
الشرق: فك اشتباك بين السراي وعين التينة