الجمهورية: طرابلس تغلي بعد تصريحات عيد…

كتبت “الجمهورية ” تقول : يبقى الانتظار والترقّب عنوان المرحلة على محور المفاوضات النووية بين إيران والدول 5+1 التي رُحّلت إلى العشرين من الجاري، مروراً بانتظار نتائج الضغوط والاتصالات الأميركية ـ الروسية مع قوى المعارضة السورية لإرغامها على المشاركة في مؤتمر “جنيف ـ 2″، وصولاً إلى انتظار نتائج القمّة المقرّرة في السعودية اليوم بين رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان وخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز وانعكاساتها على مسار الأزمة اللبنانية.
علمت”الجمهورية” أنّ وفداً ديبلوماسياً أميركياً رفيع المستوى قد يزور لبنان خلال هذا الأسبوع، وربّما كان برئاسة وكيلة وزارة الخارجية الأميركية للشؤون السياسية ويندي شيرمان، للقاء عدد من المسؤولين اللبنانيين وإطلاعهم على أجواء التحرّك الأميركي الأخير في المنطقة، ونتائج جولة المفاوضات النووية الاخيرة في جنيف، علماً أنّ شيرمان وصلت الى اسرائيل امس والتقت عدداً من المسؤولين هناك.

قمّة الرياض
إلى ذلك، تترقّب الاوساط السياسية ما ستتمخّض عنه قمّة الرياض اليوم بين رئيس الجمهورية والعاهل السعودي، وما سيعقبها من لقاءات أُخرى مع مسؤولين سعوديّين آخرين.
وتتزامن زيارة سليمان للرياض مع ثلاثة تطوّرات دولية:
ـ التطوّر الأوّل بعدم توصّل محادثات جنيف الى اتفاق حول الملف النووي الايراني على رغم إحرازها تقدّماً ملحوظاً.
ـ التطوّر الثاني يتمثّل بالاجتماع المباشر وللمرّة الأولى بين وزير الخارجية الأميركية جون كيري ونظيره الإيراني محمد جواد ظريف والذي صدرت عنه مواقف إيجابية.
ـ التطوّر الثالث، الإتصال الهاتفي الذي أجراه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مع العاهل السعودي، للتشاور في الأزمة السورية والملفّ الإيراني النووي، ما يعني أنّ هناك انفراجاً في العلاقات السعودية ـ الروسية مقابل التشنّج بين الرياض وواشنطن،
كذلك تتزامن القمّة اللبنانية ـ السعودية مع موقفين محلّيين، يتمثّل أوّلهما بإعلان البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي تأييده رئيس الجمهورية في رفض التمديد، ودعوته الى تنظيم الانتخابات الرئاسية في موعدها وتأليف حكومة جامعة قادرة على مواجهة التحدّيات وإقرار قانون انتخابات عادل، وتأكيده أنّ زيارة سليمان للسعودية ستكون لها نتائج كبيرة ومثمرة.
أمّا الموقف الثاني فيتمثّل بالتحذيرات العلنية وغير العلنية التي أطلقتها قوى 8 آذار عموماً، و”حزب الله” خصوصاً، لسليمان من مغبّة إلتزام أيّ موقف في السعودية، علماً أنّ المعلومات تشير الى أنّه لا يذهب الى هناك لعقد تسوية أو صفقة سياسية، إنّما لطرح القضية اللبنانية وضرورة دعم السعودية للبنان.
وكانت المملكة أعلنت رسمياً أمس عن زيارة سليمان لها في بيان أوردته وكالة الأنباء السعودية (واس) الرسمية، فيه أنّ سليمان يصل الى الرياض اليوم “في زيارة للمملكة يلتقي خلالها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود. وسيتمّ خلال اللقاء البحث في العلاقات الثنائية بين البلدين وسبل تعزيزها في مختلف المجالات، بالإضافة للقضايا الإقليمية والدولية ذات الإهتمام المشترك”.
ويرافق سليمان في زيارته مستشاره للشؤون الديبلوماسية والخارجية السفير ناجي ابي عاصي ووفد إداريّ وأمنيّ وإعلامي مختصر، ويلبّي مساء اليوم الدعوة الى عشاء رسميّ يقيمه على شرفه وليّ العهد السعودي الأمير سلمان بن عبد العزيز.
وقالت مصادر مُطّلعة على التحضيرات الجارية للقمّة لـ”الجمهورية” إنّ جدول أعمال القمّة اللبنانية ـ السعودية فرضَ نفسه قياساً على حجم الملفّات التي تواكبها المملكة ولبنان، ففيه كثير من القضايا الإقليمية والعربية والدولية المشتركة، التي فرضت التطوّرات المستجدّة والمتسارعة في شأنها أولوياتها على أيّ لقاء يجمع بين رئيسي دولتين عربيتين، فكيف إذا كان اللقاء مع العاهل السعودي، الذي تضطلع بلاده بدور كبير في العالمين العربي والإسلامي والعالم، وتخوض بتوجّهاتها السياسية والديبلوماسية مساعيَ تتناول معظم القضايا العربية، ولا سيّما منها الأزمتين السورية والفلسطينية بما لهما من تداعيات على مختلف الساحات العربية والدولية، ولا سيّما منها الساحة اللبنانية التي تعاني من تردّداتها السلبية، ومنها حجم النازحين ومشاريع نقل الفتنة منها إلى لبنان.
واعتبرت هذه المصادر “أنّ الإنتقادات التي تتعرّض لها القمّة أتعبت مطلقيها أكثر من الذين وُجّهت إليهم، ففي حسابات رئيس الجمهورية كثير من المعطيات الغائبة عن أذهان مطلقي هذه الانتقادات التي قارب بعضها التهديد، وهي ما زالت قاصرة عن الحسابات الكبرى التي يحتسبها رئيس الجمهورية منذ أن تجدّد الحديث عن زيارته للرياض قبل نحو أسبوعبن.

سلهب
وعشية هذه الزيارة لم يعوّل عضو “تكتّل الإصلاح والتغيير” النائب الدكتور سليم سلهب كثيراً على أن تكون لمحادثات سليمان في السعودية إنعكاسات على ملفّ التأليف الحكومي، وقال لـ”الجمهورية”: “صحيح أنّ للسعودية دوراً مؤثّراً في تسهيل عملية التأليف، لكنّ هذا الدور ليس وحده العامل المسهّل، إذا لم يطرأ تقدّم ملموس على الملفّين النووي الايراني والأزمة السورية اللذَين تتملك الرياض هواجس عدّة حيالهما، ولن تقدِم على المجازفة قبل أن تتبلور أمامها حقيقة صورة ما يجري في المنطقة”.
لكنّ سلهب شدّد من جهة اخرى على أن “لا مصلحة لأحد في لبنان في العداء مع السعودية أو الاختلاف معها”. وإذ أشار إلى “أنّ المشكلة تكمن في تأثيرات العوامل الخارجية على الوضع اللبناني وعلى الموقف السعودي”، شدّد على “وجوب تحييد لبنان عن تأثيرات الأزمة السورية وفصل السياسة عن مصالح اللبنانيين الإقتصادية والمالية والسياحية في المملكة”، مُبدياً اعتقاده بأنّ سليمان “سيعود ببعض المكتسبات على هذا الصعيد”.
من جهة ثانية وصف سلهب انزعاج “حزب الله” من التقارب الحاصل بين “التيار الوطني الحر” وتيار “المستقبل” بأنّه “حكي جرايد”، وقال “إنّ الحزب اطّلع مُسبقاً على الخطوات التي قمنا ونقوم بها، ولم يكن لديه ايّ مانع، واتصالاتنا لن تؤثّر على علاقتنا معه”.

الملفّ الحكومي
وفي غياب أيّ معطيات تبشّر بتأليف الحكومة العتيدة في المدى المنظور، بقي الملف الحكومي مجمّداً في برّاد النزاعات العربية والاقليمية، والتي تترجم على الساحة اللبنانية مزيداً من التصعيد والإتهامات والشروط المتبادلة التي كبّلت الرئيس المكلف تمام سلام وشلّت حركته نهائياً في الفترة الأخيرة .
وقالت مصادر مُطلعة إنّ الإتصالات الجارية لم تقدّم ولم تؤخّر حتى الآن في المعادلة السلبية التي أبعدت الحكومة الجديدة أشهراً إلى الأمام، ما لم يطرأ أيّ تطوّر ليس في الحسبان حتى هذه اللحظة.
لكنّ مصادر سلام أوحت لـ”الجمهورية” ليل امس أنّه لا بدّ للقمّة اللبنانية ـ السعودية من ان تقدّم مقاربة جديدة أو أن تفتح كوّة في الجدار الحكومي الذي يحول دون ولادة الحكومة الجديدة. ولذلك، فهي تتطلّع الى المواقف التي ما زالت تناقش في المعادلات الحكومية الرقمية لتقول إنّها جميعها معطّلة، وإنّ النقاش فيها حتى هذه اللحظة مجرّد مضيعة للوقت، خصوصاً إذا بقي الأفق في اتجاه الحلحلة مفقوداً أو متعثّراً إلى هذه الدرجة.

برّي والحكومة
وإلى ذلك، قال رئيس مجلس النواب نبيه برّي لـ”الجمهورية”: “إنّ البلد بات يحتاج بإلحاح الى حكومة “لأنّو ما عاد يمشي الحال” في ظلّ البقاء من دون حكومة”.
وردّاً على سؤال حول لقائه أمس الأوّل مع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، قال برّي إنّه اوضح لميقاتي خلال هذا اللقاء انّه لا توجد في الدستور أيّة كلمة تتعلّق بتصريف الاعمال بالنسبة الى الحكومة المستقيلة، وإنّما هناك نصوص تتعلق بتصريف اعمال مجلس النواب إذا تمّ حلّه، إذ في هذه الحال يتولّى مكتب المجلس تصريف الاعمال.
وأضاف برّي قائلاً لميقاتي “إنّ قيام الحكومة بتصريف الأعمال أصبح عرفاً مسلّماً به وليس نصّاً دستوريا”. وأشار الى انّه ردّ على اقتراح ميقاتي الذي يدعوه الى عقد جلسة لمجلس النواب لتحديد مفهوم تصريف الأعمال “أنّ هناك جلسة تشريعية للمجلس النيابي محدّدة الموعد وفي إمكانك وحكومتك أن تحضراها”.

“نحن الأكثرية”
وفي هذه الأجواء، ذكّر “حزب الله” أنّ فريقه السياسي هو من “نال الأكثرية الشعبية” في انتخابات 2009، وبالتالي “من حقّنا أن يتمثل فريقنا في كل حكومة تُشكّل”. وقال عضو كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب نوّاف الموسوي: “كلّ حكومة تُشكّل ينبغي أن يتمثل فيها فريقنا لأنّ ذلك حقٌّ مفروض لفئة كبيرة من اللبنانيين لها الحق الكامل بالمشاركة في صنع القرار الوطني”.

لجنة الإتصالات
وعشيّة جلسة لجنة الاتصالات النيابية برئاسة النائب حسن فضل الله، علمت “الجمهورية”، أنها ستستمع الى تقارير أعدَّتها اللجنة المختصة عن مراكز الاتصالات التي تقيمها إسرائيل على الحدود الجنوبية من الناقورة وصولاً الى مزارع شبعا، والتي يبلغ عددها نحو 60 مركزاً نصبت فيه أحدث تقنيّات الاتصالات التي تتجسَّس إسرائيل من خلالها على الداخل اللبناني.
وتظهر هذه التقارير نوعية هذه التقنيات، طريقة عملها، والموجات التي تستعملها، وهي متعددة الاستخدامات وتطاول العمق اللبناني برمّته.
وفي ضوء اجتماع اللجنة، فإنّ المراجع المختصة ستوعز الى وزارة الخارجية لتقديم شكوى ضد إسرائيل في مجلس الأمن، في اعتبار أنّ ما تقوم به الدولة العبرية من خلال هذه المراكز هو اعتداء على السيادة اللبنانية.

الأمن في طرابلس
إلى ذلك، تتّجه الأنظار الى استحقاق استجواب رئيس الحزب “العربي الديموقراطي” النائب السابق علي عيد غداً أمام القضاء العسكري، بعد الهجوم الذي شنّه نجله رفعت أمس الأوّل على مخابرات الجيش وفرع المعلومات، معتبراً أن “الفرع حلّل دمنا، لذا فإنّ دمه حلال علينا”. وقد أثارت تصريحاته موجة من ردود الفعل السلبية الرسمية والأمنية والسياسية، ما جعل طرابلس في حالة غليان نتيجة ذلك.
وقد عبر يوم طرابلس أمس بهدوء على رغم السقف العالي الذي عبّرت عنه خطابات مهرجان “إحقاق الحق” دعماً لأولياء الدم في تفجيري طرابلس، والذي أقيم في معرض رشيد كرامي الدولي بدعوة من “المجلس التشاوري الطرابلسي”، وتحدّث فيه عدد من النواب والمشايخ.
فدعا النائب احمد كبارة الى إحالة التفجير الى المجلس العدلي، فيما نبّه الشيخ سالم الرافعي الى “أنّ الدولة على مفترق طرق، فإمّا أن تقتصّ من المجرمين وإمّا أن تجبن، وهذا ما سيؤدّي الى تفكيك لبنان”.
وأبدى مرجع أمنيّ ارتياحه الى انتهاء مهرجان طرابلس امس “في هدوء وعلى خير”. وأكّد لـ”الجمهورية” أنّ “التدابير الأمنية المُتّخذة كانت استثنائية وستبقى على هذه الصورة المتشدّدة في انتظار المساعي السياسية التي تواكبها والتي بدأ تنفيذها في المدينة واستُكملت في إجتماع القصر الجمهوري عصر أمس الأوّل، في حضور رئيس حكومة تصريف الأعمال ووزير الداخلية وقادة الأجهزة الأمنية”.
وقال: “إنّ البحث في اجتماع بعبدا شكّل استكمالاً لسلسلة الإجتماعات التي عقدها ميقاتي بعيداً من الأضواء، ولا سيّما منها لقاءه مع وفد كبير من باب التبّانة مساء الجمعة الماضي في حضور وزير الداخلية، ونتائج لقاءاته الأخير في المدينة ومنها الإجتماع الموسّع في منزل مفتي طرابلس مالك الشعّار”. وأكّد المرجع “أنّ القوى الأمنية في المدينة على أهبة الإستعداد للتعاطي مع أيّ حادث أمنيّ لحظة وقوعه وقبل توسّعه”.

السابق
الأخبار: تحقيقات فرع المعلومات سيارة المعمورة أتت من القلمون
التالي
البناء: متطرّفو طرابلس يمهّدون لجولة عنف جديدة