مسؤول أوروبي للراي:علينا تقبل أن حزب الله أصبح ضمن تركيبة الشرق الأوسط

كشف مسؤول كبير في “الخلية الاستراتيجية الاوروبية” لـ”الراي” عن ان “حزب الله لم يعد يخشى الأسوأ على نفسه وعلى بيئته”، ملاحظاً ان ما “كان يجاهر به “حزب الله” من رغبة في إبعاد نفسه وبيئته الحاضنة عن بعض القضايا تجنباً لردّ فعل الجهاد العالمي وهجماته ولى، ولن تغيّر بعد اليوم اي تفجيرات مهما اشتدّت من طبيعة قرارات حزب الله وتوجهاته”.

وقال هذا المسؤول الاستراتيجي: “حاول أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله عدم تجرّع هذه الكأس المُرة (المواجهة مع الجهاديين)، لكنه شربها اليوم ولم يعد يتأثر بتداعياتها”، لافتاً الى انه “في الماضي القريب شاهدنا مع نشوء القوة السلفية المتشددة في العراق كيف أُحرج حزب الله الشيعي امام القوى العراقية التي حملت لواء المقاومة ضد قوات التحالف الغربي (مفهومنا للمقاومة في اوروبا انها حركة تقوم بها مجموعات ترى نفسها تحت وطأة وضع لا يرضى عنه جزء من المجتمع ضد من يحتل ارضه) والاحراج تمثل في دعم شيعة العراق للتحالف، الامر الذي يتعارض مع موقف شيعة لبنان”.

اضاف: “غير انه مع بروز ابو مصعب الزرقاوي الذي قتل من السنّة وقتل عدداً اكبر من الشيعة، أُخرج حزب الله من الاحراج لان القتال اتخذ طابعاً مذهبياً ولم يعد يقتصر على مقاومة الاحتلال الذي اقرّ به الرئيس الاميركي جورج بوش عندما اعلن ان العراق دولة محتلة، وتالياً فان هذا الامر أراح حزب الله من جهة لكنه اسس لصراع مذهبي من جهة اخرى”.

ولفت المسؤول الى ان “شبه الجزيرة العربية نهضت وخرجت منها مجموعات تضرب الشيعة في باكستان والعالم العربي، واشتدت النقمة على حزب الله بعد توجيه بندقيته نحو الداخل اللبناني، ثم انفجر الصراع كلياً بعد دخول قوات حزب الله الى سوريا لمقاتلة المعارضة السورية وهنا بيت القصيد”.

واكد المسؤول المكلف بمتابعة الحركات الاسلامية والمنظمات الجهادية التي يعتبرها الغرب متطرفة وارهابية، انه “من خلال مراقبة الوضع السوري الميداني وتَتبُّعه فقد وصلت المعارضة السورية الى مشارف قصر المهاجرين (منزل الاسد) الذي اصبح في مرمى نيران المعارضة. الا ان الإحساس بالنصر لدى المعارضة تَسبب بانشقاق جبهة النصرة عن القاعدة – الام في العراق والتي تُعرف اليوم باسم داعش (الدولة الاسلامية في العراق والشام). فأبو محمد الجولاني زعيم النصرة السوري الجنسية لم يرغب في مقاسمة النصر والغنائم مع ابو بكر القرشي البغدادي زعيم داعش (الذي عين نفسه امير المؤمنين دون موافقة الجهاد العالمي ورضاه) لأن الاول اعتقد ان المعركة انتهت ولا لزوم لطاعة والي العراق البغدادي، غير ان نشوة النصر لم تكتمل عند جبهة النصرة. فبعدما تمرد الجولاني، طلب البغدادي من جميع العناصر الاجنبية التي أرسلها الى الجولاني الانسحاب وأسس داعش بعد دمج حركته التابعة من حيث المبدأ لأيمن الظواهري مباشرة وأطلق يدها في سوريا ما أضعف النصرة في شكل كبير جداً، علماً ان الحركتين تحملان النهج نفسه ويقتصر الاختلاف في القيادة وعليها. هذا هو السبب الاول للضربة التي وُجهت للنصرة. اما الضربة الثانية لكلتيهما في الجهاد العالمي فقد جاءت من حزب الله اللبناني”.

واشار المسؤول الى انه “بعد مضي نحو عامين على الحرب في سوريا أصبح بشار الاسد يسيطر على 15 في المئة من جميع الاراضي السورية المأهولة، غير ان حزب الله قرر الدخول في المعركة ليعيد الروح لمَن كان على فراش الموت (والقصد هنا الرئيس السوري). وهو ما أراده الحزب من دخوله المعركة التي كان يخشى حدوثها خوفاً من ارتداداتها، ولكنه انخرط في خضمها وانتصر على النصرة وداعش في القصير وريفها وفي دمشق وريفها، وفي ريف حمص وهو يتقدم في حلب ايضاً، وقواته موجودة في بعض القرى الخلفية”، معتبراً ان دخول “حزب الله المعركة في سوريا تَسبب بإحراج كبير لقادة عرب سيكون من الصعب عليهم العودة الى الوراء بسهولة”.

وتحدث المسؤول عن ان “دولة قطر والاردن وحتى تركيا لن يجدوا صعوبة كبيرة في العودة عن مواقفهم من الاسد، الا انه سيكون مستحيلاً على الرياض التعامل مع القيادة السورية الموجودة في الحكم وعلى رأسها بشار الاسد”، لافتاً الى ان “هذا الامر انعكس على التحضيرات لانعقاد مؤتمر جنيف – 2 وتأخيره، وخصوصاً ان المعارضة غير متماسكة ولن تستطيع ترجمة اي اتفاق ميداني الا اذا وضعت يدها بيد النظام الحالي من جديد للعمل على انهاء الجهاد العالمي والسعي لانتخابات جديدة يشارك فيها الجميع”، ومعرباً عن اعتقاده بان “هذا التصوّر لم ينضج بعد، ونحن نعمل على محاربة القاعدة في سوريا حيث يشارك في هذه الحرب الجميع مقابل ضمان انسحاب حزب الله وعودته الى لبنان”.

ورأى المسؤول نفسه ان “المشكلة الحقيقية التي نواجهها اليوم هو السؤال: ماذا سيفعل حزب الله بعد اكتسابه هذه الخبرات الهائلة في سوريا؟ هل سيحافظ على دوره الاقليمي الذي عمّده نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف بزيارته نصرالله في ابريل الماضي؟ هل سيتجه لمحاربة اسرائيل؟ هل سيشدّ الخناق على القوى السياسية المعارضة له في لبنان؟ ام هل سيبقى في سوريا؟”، مرجحاً بقاء حزب الله في سوريا “لترسيخ عقيدة متينة تبقى في سوريا تُنشئ قوى مقاومة سوريا تشنّ هجمات على اسرائيل وتطالب باستراجاع الجولان”.

وقال: “نعتقد ان مصلحة اسرائيل التفكير في شكل أكثر موضوعية لان الحل لن يكون عبر إنشاء جدار اسمنتي على حدودها الحالية مع سوريا بل الحلّ في ان تتجه اسرائيل الى مفاوضات سلام مع الحكومة السورية الجديدة تعيد لها الجولان مقابل اتفاقية سلام لانهاء حالة الحرب مع سوريا والا فان شكلاً قريبا من حزب الله اللبناني سيبرز في سوريا ويقلق مضاجعنا كلنا، وخصوصاً لما تملكه سوريا من ترسانة روسية – ايرانية – صينية متطورة تستطيع إحداث معادلة تختلف عن تلك الموجودة بين اسرائيل وحزب الله اللبناني”.

وأوضح المسؤول ان “حزب الله دخل دون شك، ضمن معادلة جديدة ترسخت بجذورها في لبنان وامتدت الى سوريا، واليوم ليست ايران والنظام السوري وحدهما مَن يتمسّك بحزب الله اكثر من اي وقت مضى، بل ايضاً كل مسيحيي الشرق وروما القلقة على مصير رعيتها في الشرق الاوسط، ولهذا علينا ان نتقبل بانه – اي حزب الله – اصبح ضمن تركيبة الشرق الاوسط الجديد التي يجب ان نتعوّد التعايش معها”.

 

 

السابق
شعبة المعلومات تعتقل صاحب سيارة المعمورة
التالي
خلية عمل من المرشد وروحاني ادارت المفاوضات في جنيف من طهران