عن لبنان الممزَّق وتعدُّد الولاءات!

لا تيأسوا. لا تستسلموا للهواجس. فالمحنة اللبنانية ليست أبديّة. وما سمعته أمس من مرجع لا يَرقى الى أقواله وآرائه ومعلوماته أي شك، أن لبنان ليس متروكاً لقدره ليقلّع وحده شوكه الكثير بيديه.

وليس مباحاً لـ”فيالق الفوضى” والشلل المسلّحة، و”المزيَّنة” بأسماء يُقصد منها أن تزرع الرعب في النفوس، ليس إلا.

حتى أولئك الذين “اشتاقوا” الى التلويح بالأصابع والهمدرة بأصوات “جَهْوَريّة” مهدِّدين متوعِّدين، حتى هؤلاء غير مسموح لهم أن “يخرِّبوا” حال الستاتيكو الذي “يتمتع” به البلد الآن… والذي قد يمتدّ شهراً شهرين…

والأمر لا يقتصر على بيروت والضواحي، والمعابر الحدوديّة مثلاً، إنما يشمل بصورة خاصة الوضع الحرج جداً الذي تعوم في بحره المجهول الفيحاء طرابلس. هذه المدينة العريقة التي لو لها فمٌ لحَكت الكثير، ولفضحت كثيرين ممن يدَّعون الغيرة واللهفة عليها.

بالطبع، هذه التطمينات لا تعني أن لبنان يتهيّأ للانتقال من الجحيم الذي يتقلَّب فوق جمره الى جنّة عدن، وبين ليلة وضواحيها. وليس الغرض منه القول إن المخاطر والأعاصير قد ابتعدت عن البلد الذي ينقسم أهله على كل شيء، وينتمي معظمهم بالولاء والسياسة و”العواطف” الى ألف خارج وخارج.

وعلى عينك يا تاجر. وبالصوت والصورة والألوان الطبيعيّة.

وحتى بالأبعاد الثلاثة:

هذه الفئة، مثلاً، تمتثل لتلك الدولة العربيّة، أو الإقليمية، أو الكونيّة. وتلك “تستلهم” العاصمة الفلانيّة في كل شاردة وواردة، وحتى بالنسبة الى تعطيل الدولة وشلّ المؤسسات الدستوريّة، وتجميد الأعمال والأشغال وحركة الإنتاج على مختلف المستويات… مما يجعل “مواسم” الهجرة دائمة النشاط أربعاً وعشرين ساعة على أربع وعشرين.

على رغم هذه الصورة القاتمة، والحقائق والوقائع بالنسبة الى الولاءات، والانتماءات، والتحزّبات، ولو على حساب لبنان ومصلحة لبنان ومصير لبنان، فإن البلد لم يصل بعد الى حافة الهاوية. وقد لا يصل أبداً.

وقد تستجدُّ تطوّرات وتحوُّلات عدة، من اليوم الى أسبوعين ثلاثة أربعة، تجعل الناس يستيقظون على نبأ سار يطمئنهم الى أن حكومة جديدة باتت شبه جاهزة، فضلاً عن ترتيبات جدّية لوضع قانون انتخاب جديد لا يُضاهى.

أما الخطوة الأهم، فستكون في اتجاه الاستحقاق الرئاسي، وحيث يتأكّد للجميع أن “حلم” الفراغ لا يختلف عن حلم ليلة صيف، وأما “انفراط” الصيغة والتركيبة والدستور معاً، فمجرّد تلويحات تهويليّة لا تلبث أن تتبخّر قبل صياح الديك.

هل تُترجم هذه التطمينات الى وقائع على الأرض، أم تبقى مجرَّد أمنيات لا قرار لها؟ إن غداً لناظره قريب.

السابق
من الذي دمّر المشرقيّة؟
التالي
زمن تغيير الدول يؤخّر حكومة سلام